عبد اللطيف البوني

ما قلنا أي حاجة


[JUSTIFY]
ما قلنا أي حاجة

مشهور ذلك البيت من الشعر الذي يقول ( لقد نصحت قومي بمنعرج اللوى * فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد) يقابله بالدارجية السودانية (نحن قبيل شن قلنا؟) بيد انني اليوم اود أن اقول انني لم اقل اي شيء، كل الذي فعلته هو انني ظللت اكتب لأكثر من خمسة عشر عاما اي منذ أن بدأت الكتابة الراتبة أن الفساد الذي لحق بالقطاع الزراعي والرعوي هو اول واكبر انواع الفساد بالسودان . يومها لم يكن لدي وثائق ولم افكر في البحث عن المفسدين بالاسم لا بل حتى لم يشكو لي شخص بأن فلانا قد اكل حقه، فكل الذي هداني لذلك البؤس والفقر اللذان يعيش فيهما اهل القطاع الرعوي والزراعي بينما اصحاب الياقات البيضاء الذين يديرون هذا النشاط في آخر بحبوحة من العيش فأدركت أن هناك خللا في مكان ما.
ابدا ما قلت اي حاجة غير انني ظللت اكتب أن مدخلات الزراعة في السودان لا تتناسب مع اسعار السوق المحلية والعالمية، فالأسمدة والمبيدات لا بل حتى (الشوالات) اسعارها عالية جدا تساوي عدة أضعاف. ليتنا لم نكتب لأن الجهات التي اشرنا اليها قامت باحتكار المدخلات الزراعية ثم برطعت في الأسواق على كيفها ولكن مشكورة التقنيات الحديثة فظهر الانترنت فكشف لنا السوق العالمي. طبعا ما كتبنا حاجة غير اننا قارنا بين الاسعار العالمية والمحلية فاكتشفنا مثلا أن طن السماد الذي كان يباع لمزارع الجزيرة بأكثر من مائة دولار سعره العالمي اقل من خمسين دولارا وأن تكلفة المبيد للفدان في الجزيرة تساوي اربعة اضعاف سعره العالمي وهكذا.
ما قلنا حاجة غير اننا قلنا إن الخروف الذي يباع بمائة دولار المنتج الاولي لا يتلقى منها غير اقل من عشرة دولارات. وقلنا والله هذا حرام ثم انه سوف يدمر الانتاج الحيواني في البلاد .
ما قلنا حاجة غير اننا قلنا ما قالته الدراسات بأن ثلثي سكان السودان يعملون في الزراعة والرعي وأن دمار هؤلاء هو دمار السودان وإن جيت للحق سكرة البترول سوف تفك بعد ايام ونجد الجماعة الطيبين قد دمروا كل شيء. بالمناسبة الجماعة الطيبين يظنون أن اللغف والهبر في القطاع الزراعي هو نصيبهم من كعكعة الثورة، اي بترولهم مع الجماعة.
في الاسبوع الماضي كشفت صحيفة التيار الغراء الوثائق التي وضعت الحروف في الكلام الذي ظللنا نردده وردده غيرنا (طبعا نحن ما قلنا حاجة) ثم كشفت صحيفتنا هذه أن كل عائد الثروة الحيوانية لا يعود للخزينة العامة (بارك الله في عثمان ميرغني والطاهر ساتي) فالآن الكلام دخل الحيشان وطبعا نحن ما قلناه (كلام فارغ) يا عادل الباز . جناية هؤلاء (المجرمين) على السودان واهله الغلابى اكبر من اي تمرد مسلح واكبر من الجفاف والتصحر واكبر من اي كارثة بشرية او طبيعة منذ ايام تهراقا وبعانخي ليوم بكرة . انه فساد مركب , اكل لأموال الناس والدولة بالباطل. انه تدمير للإنتاج الزراعي والحيواني ولثلثي سكان السودان. الكرة الآن في ملعب الحكومة ففي اي مرمى سوف تضعها ؟ ولنا عودة إن شاء الله للأبناء الذين جندهم آباؤهم لأكل السحت.[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]


تعليق واحد

  1. بارك الله فيك دكتور البوني فأنت عيننا من داخل الحوش
    فالحكومة اهملت و استهملت القطاع الزراعي و الرعوي ليه؟ تحسب انها وجدت عصا موسي ( البترول )علي طبق من دهب ولكن احوجهم الله الي افقر خلقهم اليه المزارعين و الرعاة و جاء النهضة الزراعية كما يقولون