اعترافات ضمنية
التعهد الذي قطعه رئيس الجمهورية بحسم الوساطة والمحسوبية في الخدمة المدنية يعطي اعترافاً ضمنياً بأن هذه المبادئ كان معمولاً بها في الفترة السابقة، كذلك موضوع الولاء والتسيس.. على العموم مازال منسوبي الخدمة المدنية يعولون كثيراً على الإصلاح والضبط وإعمال مبادئ العدالة والأحقية للأجدر.. رغم أن البلاد ورثت من الاستعمار بغائض عميقة إلا أنهم تركوا خدمة مدنية متطورة بحساب زمانها آنذاك، إلا حالة التداعي نحو الانهيار جاءت سريعاً في ظل استلام أبناء الوطن لزمام الخدمة فأضحت كحقل تجارب وموظفيها كفئرانها .. ولا اعتقد أن أمر الإصلاح غير ممكن بل هو الأقرب والأسلم في هذه الفترة، فقط تبقى المعضلة في كيفية جعل الشعارات الفضفاضة عملاً على أرض الواقع في ظل مجتمع مسكون بالمجاملة وتقديم الأهل والمحاسيب على الجديرين.. يالها من مهمة شاقة تلك التي منوطة بها الأجهزة القادمة مقام المفوضية والمفوضيات والآليات.. فلينظر كل مسؤول في هذه الدولة من تلة موقعه إلى عدد الذين (توسط.. جامل.. ونافق من أجلهم) حتى يجد موضعاً أو منصباً لهم على حساب آخرين يستحقونه بالمعيار والكفاءة.. نحيّ السيد رئيس الجمهورية لهذه الشفافية الزائدة، لعلها تكون مدخلاً للتغيير الذي ينتظره أبناء هذا الشعب المتشوق جداً للتغيير والتجديد، وألف ألف رحمة على ضحايا التعدين الذين وجدوا في طرق البحث عن معدنه مخرجاً من العطالة والبطالة، رغم أن ذات الأمر اصبح دافعاً للآخرين لهجرة حِرف هامة مثل الزراعة والرعي باعتبارهما غير كافيين في سرعة الغني والترزق والكسب.. وكل ذلك دليلاً على عطب الخدمة العامة سواء كان في قدرتها على استيعاب الأعداد الكبيرة التي طفحت أكيال صبرها من جراء العلل التي أشار إليها «البشير».. ففي مقبل الأيام نضع آمال كبار على تحرير الخدمة المدنية من سياسة التمكين والتطهير والمحسوبية والوساطة والحزبية والتدسيس، ولكن تبقّى لنا أن يؤكد ساستنا أن إدارتهم لسياسة البلاد ستحرر من الحزبية والقبلية والجهوية ومعايير المحاصصة وغيرها، لأنه من باب أولى أن تبدأ الاصحاحات من قمة الهرم حتى تصل لهؤلاء البسطاء الذين قد يجدون انفسهم كثيراً في مواقع «مساكسة التوسط ومحاولة ايجاد أي- ضهر- للإتكاء عليه».. للحق ليست الخدمة المدنية وحدها التي تحتاج لوقفة.. السودان كله يحتاج لوقفة حق بعيداً عن المطامع والذاتيات والرؤى الضيقة التي ينظر بها الساسة لمجمل الأوضاع والتي هي مزعجة جداً.. إقتطاع أرض وذهاب بترول وعدم استقرار الأطراف و… و… فهل يا ترى سيتم إعادة الحالة المضطربة سريعاً، نحلم بذلك ونتمنى أن يصبح الوطن تحرسه القلوب ويغطيه الأمن والاستقرار ويبنيه أبناؤه الحريصين عليه…
مع محبتي للجميع..[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]