فدوى موسى

كولمان ريد


[JUSTIFY]
كولمان ريد

عندما تكون ضخماً فلا أحد يستطيع تحجيمك، وعندما تكون طويلاً فلا أحد يستطيع تقزيمك، وعندما تكون حاداً كالسيف فلا أحد يستطيع أن يكسرك، لا أحد يستطيع ذلك ولو أطلقوا ضدك أحقر الاشاعات، ولو حاربوك بكل الطرق، ولو استخدموا ضدك أقذر الأساليب..!

وقصة حياة «كولمان ريد» تصلح درساً لكل إنسان إتخذ طريقه في الحياة على درب الحق، وجعل من ضميره عصا يتوكأ عليها في جولاته، ووهب نفسه لموطنه ولم يسترزق، وصنع المعجزات ولم يطلب ثمناً، وتعرض للموت ولم يأخذ أجراً. في الحرب الأهلية الأمريكية إنضم للجانب الذي اعتقَد أنه الأفضل. كان مع الوحدة، ومع تحرير العبيد، ومع اقرار العدل، ومع مبدأ تكافؤ الفرص، ومع شعار «الدين لله والوطن للجميع..!»، وانتهت الحرب، وعاد السلام، واستقرت الأمور، وإذا به يكتشف أن كل شيء عاد إلى ما كان عليه، الذين حاربوا من أجل الوحدة أرادوها وحدة للشر، والذين حرروا العبيد من المزارع أرادوهم عبيداً في المصانع، وأبطال الحرب الأهلية تحولوا إلى زعماء عصابات ومافيا تفرض شريعة الغاب على الجميع! وعاد «كولمان ريد» يحمل السلاح ضد الجميع، ويقف في وجه الكل..! ولكنه لم يدرك أن المعركة اختلفت، والسلاح تغيَّر، وأن الناس الذين كانوا أبطالاً في الحرب قد أصبحوا «ارزقية» في السلام..! وتحالف الجميع ضده ووقف الكل في وجهه، فهو يهدد مصالح الكبار، ويقطع أرزاق الصغار، وهو أصبح خطراً على نظام المدينة، فاستفزَّ الجميع.. حتى قاضي المحكمة، وحتى راعي الكنيسة ينفق على طقوسه من تبرعات زعماء العصابات. فقد كان القاضي ضالعاً مع زعماء المافيا.

وذات صباح قتل لص مجهول صبياً صغيراً في السوق.. أطلق عليه رصاصة اخترقت رأسه، وإذا بكل الناس الذين كانوا في السوق يشهدون بأن القاتل هو «كولمان ريد» ولا أحد غيره..! كل الناس حتى السيدة العجوز التي كانت تشتري اللحم من عند الجزار، وحتى حارس الخيول عند الحانة، والذي كان لحظة إطلاق النار على الصبي فاقداً الوعي.. تحت تأثير الخمر..! وقُدِّم «كولمان ريد» للمحاكمة، واصطف الشهود في طابور طويل وكلهم على يقين من أن المتهم هو القاتل، ولم يقف بجانبه أحد إلا محارب قديم عجوز شهد بطولاته في ساحة المعركة، ولكن شهادته على شرف المتهم وشجاعته وسمو أخلاقه ضاعت في زحام الأكاذيب… وصدر الحكم بإعدام «كولمان ريد».! وتدلى جسده من حبل المشنقة بينما كان صديقه العجوز يترنَّم بأغنية كان يترنَّم بها «كولمان ريد» خلال المعارك.

وبعد عشرين عاماً من موته ظهرت الحقيقة.. اعترف اللص الذي قتل الطفل لحساب رجال العصابات. وأُقيم تمثال للرجل البريء في نفس المكان الذي نصبت فيه المشنقة تمثال يقول: «إنه لا يصح.. إلاَّ الصحيح»! هنَّو عبد الرحيم إسماعيل – الحاج يوسف- الوحدة

آخر الكلام..

لا يصح إلا الصحيح.. وإن طال الزمن
مع محبتي للجميع..[/JUSTIFY]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]