العبث اللغوي عن غباء أم جهل؟
كتبت مرارا عن تجربتي مع مرض الدوسنتاريا، وأنا طالب في المرحلة المتوسطة، عندما تحول كل من يزورني إلى خبير، فهذا ينصح بتعاطي نوع معين من العلف وذاك ينصح بشرب القهوة مخلوطة بالحلبة، ولكن كل أنواع الأعشاب فشلت في مهمتها، فما كان من «مثقف» القرية الذي نال ذلك اللقب بحكم أنه عاش في مصر عشرين سنة، إلا أن أفتى بأن الأفيون هو العلاج الحاسم للدوسنتاريا، وقلبت أمي الدنيا فوق – تحت لتعثر على الأفيون، ولم تعثر على شخص سمع بذلك «الدواء»، ثم عثرت على دواء اسمه انتروفيورم تولى مشكورا قمع العناصر التي هيجت أمعائي، وفرض عليها حظر التجوال، فارتحت من ذلك المرض السخيف عدة أعوام.. كلما عاودتني نوبة دوستناريا اشتري انتروفيورم، وبعد كذا قرص يختفي المرض.. ثم سمعت أن هيئة الصحة العالمية أمرت بسحب ذلك الدواء منذ سنوات، لانه يسبب مصائب كثيرة من بينها العمى، ولم نسمع في السودان بأمر السحب إلا بعد أن توقفت الشركة المنتجة للعقار عن انتاجه، وقد فكرت في رفع دعوى على الشركة المنتجة لذلك الدواء، مطالبا إياها بتعويض لأنها «السبب» في إصابتي بضعف النظر، ولكن سرعان ما تراجعت عن تلك الفكرة لأنني أدركت ان الشركة ستأتي في المحكمة بطابور من إخوتي وأقاربي الذين يستخدمون نظارات من طراز كعب الفنجان الزجاجي.
أتذكر جهل أهلي وجهلي بأمور الصحة وعدم قدرتنا على التمييز بين الأعشاب الطبية والمخدرات، كلما طالعت الصحف العربية عموما والخليجية وخصوصا التي ترفع شعار: لا صوت يعلو فوق صوت الاعلان، ومن ثم تجد العديد منها وصفحاتها الأولى مضروبة بالإعلانات، ونصف صفحاتها الداخلية ملغاة بسبب ما يسمى «الضغط الإعلاني»، وفي هذا ازدراء للقارئ واستخفاف به، فما من قارئ يشتري صحيفة لقراءة إعلانات يعرف انها تستهبله وتستكرده وتستغفله!! ثم ان الاعلانات العربية عموما «تمتاز» بركاكة مثيرة للإعجاب، ولا تتفوق عليها في الركاكة الا أسماء المحلات التجارية: «محلات التشويش» كيف يمكن ان تدخل متجرا يعلن صاحبه انه سيشوش عليك؟ وهناك «ملحمة المواشي»: الا يعطي هذا الاسم الانطباع بان هناك جزارين يذبحون البشر؟ او ان كلمة المواشي عائدة إلى أصحاب الملحمة؟ هل تذكرون اسم المحل الذي حدثتكم عنه من قبل في مدينة الخرطوم بحري: «ثلاجة البشرية»!! هل هي مشرحة تابعة للقطاع الخاص وتحفظ بها الجثث لبيعها لطلاب كليات الطب؟..غير ان سطرا آخر تحت اسم المحل أزال مخاوفي: هنا يباع الثلج البارد!! وهكذا أساء بقصد او بغير قصد إلى الشعب السوداني لأنه يوحي بأن في البلاد ثلجا حارا او ساخنا.. ووالله العظيم كانت تلك العبارة التفسيرية مكتوبة هكذا: هوناء يوباع الثلج البارد!!
إمارة رأس الخيمة سنت قانونا يفرض غرامات مالية على كل لافتة تجارية او إعلانية بها خطأ لغوي، ولكن إلى من سيوكل أمر تطبيق هذا القانون؟ حملة بكالريوسات آخر الزمن الذين يحدثونك عن لغة «الظاد»؟ على كل حال فالخطوة جديرة بالإشادة حتى لو أدت إلى إزالة الأخطاء الصريحة فقط، وبالتأكيد فإن خزينة الإمارة ستمتلئ بالدراهم لان أمر كتابة اللافتات في منطقة الخليج متروك لأبناء شبه القارة الهندية…. وإذا ضمنت لي سلطات الإمارة عمولة محددة فإنني – لكوني عشت تسع سنوات في دولة الإمارات، ولدي ولع بتجميع كل ما يتعلق بالعبث اللغوي – على استعداد لتزويدها بملف كامل للجرائم التي ارتكبها التجار بحق العربية، ولن أستطيع ان اذكر عينات منها هنا خوفا من مقاضاة أولئك التجار لي وللصحيفة، ولكنني سأذكر اسم صيدلية أغلقت أبوابها: فقد كان اسمها بالإنجليزية «فيروز» ولكن الخطاط اسماها بالعربية «فيروس».. طبيعي ان تفلس وان يتم إغلاقها!!
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]
الكلام دخل الحوش !!اعني حوش الصحافة(صحافة الإعلام -لا صحافة شرق لا زلط)
ياأباالحعافر…قد نكأت جرحا غير مندمل..فحملتك الشعواء على لافتات المحلات التي قد لايتجاوز العنوان فيهاكلمتين يجب أن تدخر ثم توجه لزملاء لك – رضيت أم أبيت تلك الزمالة- فإنها مفروضة عليك بحكم المهنة المشتركة.
الصحافة ،وما أدراك ما الصحافة؟تعني الخبر ، وتعني الكثير ..المثير .. الخطر ، هي شر لابد منه ،، شر لأنك مجبر(بحكم العصرنة) أن تدخل هذا الحقل..فإذا دخلت سرعان ما تقع عينك على عوراتنا اللهجيةمكشوفة دون حياء..فالذال زاي ، والثاء سين ، وثالثتهن الظاء ،الأخوات الثلاث اللاتي لم يجدن مخرجا في جهازنا الصوتي، فاضطرت المسكينات إلى مزاحمة أخواتهن في مخارجهن،
والكارثة إن بعضا من رفاقك الصحفيين يعدون أنفسهم فلتة من فلتات العصر ،خاصة حين يضعون صورة (ممنجهة) قد اعتمروا فيها بعمامةلاتضاهيها عمامة المبدع (ترباس ولاالقلع)، وشارب (منبطح) يتقاصر دونه شارب المبدع الكبير(علي مهدي)فتجذبك الصورة(لاسيما إن كان هناك ابتسامة زئبقية)، ويبهرك (الرجل الطرير)،وتنط عاجلا في قلب المعمعة(أعني الموضوع)لتسقط في حقل من الألغام وأنت غافل(لانشغالك بالصورة)وفجأة تنتبه للورطة التي أوقعت نفسك فيها ، ويبدأ ركضك وقفزك لتخارج نفسك من تلك المتاهة،وتخرج وانت تحمدالله على السلامة (فالداخل مفقود ، والخارج مولود)،،، ويخلف ظنك الرجل الطرير ، والصورة الخداعة ، وليس بالصور وحدها تنجح الصحافة .
آخر المطاف …والغتاه .. واعربيتاه.. وكل آهة تجر آه آه آه