هنادي محمد عبد المجيد

حسبنا الله ونعم الوكيل‏

حسبنا الله ونعم الوكيل‏
اليوم أشعر بحنق وغضب شديدين ، بغم لم يمر عليَّ من قبل ، ماذا بقي لنا سوى الإحباط ؟ كل الرموز ذات القيمة النبيلة تتهاوى ، كل شيء جميل وإن طال عمره نُحِسُّه مضى سريعاً ، لقد فقدت الأُمَّة السودانية رمز النُُّّبل والشموخ والصمود والعزة والإباء ، لقد فقَدتْ الأُمَّة السودانية رمز الجمال والأصالة والكبرياء ، لقد فقدت الأمة السودانية مَلِك الطرب النبيل .
لا تقولوا لي أبداً أن حواء السودانية ولاَّدة ، وسوف يأتي من يُنْسينا ( وردي ) ، لا وألف لا ، لن يملأ مكانه أحد ،وإن طال الزمن .
يكفي أن اسمه( محمد )، ويكفي أنه كان يتيماً لنعرف أنه كان يُبلِّغ رسالة ،، رسالة خاصة جدا بالأُمَّة السودانية ، رسالة اختار لها الكلمة الطيبة ، الكلمة الرصينة ، الكلمة الهادفة ، الكلمة البناءة المُعبِّرة ،الكلمة الصادقة ، رسالة اختار لها القدر رجل نبيل من نُبلاء الحضارة النوبية التي كانت بوابة الدخول للدين الإسلامي الحنيف ،، ولكل أُمَّة حضارة تُميِّزُها ، ولكل حضارة رُموزَها ، وقد كان أنْ قيَّد الله لأمَّتِنا السودانية رمزاً من النُّبْل بمكان ،، شاء الله أن يكون شادي أمتِنا هو أستاذ للغة العربية والتاريخ ، أي عظمة كهذه ؟! أستاذ لغة عربية وتاريخ يُطرب أُمَّة ؟! ، لقد وظَّف النبيل محمد عثمان وردي علمه وخبرته كأستاذ للغة العربية والتاريخ لإختيار مفرداته وأفكاره وأسلوب أدائه ، فظهر كما يجب أن يظهر شادي حضارة وأمة ، لا كمُجرَّد مُطرب ومُغنيِّ ، فتميَّز بوقاره ، ورصانة تعبيراته ، وعمق إحساسه ، وصدق أدائه ، فأسهم بشكل مُباشر في تشكيل الوجدان السوداني ، وأثرى الثقافة السودانية وألهب الحماسة بكنوز من الأدب والطرب النادر ،واستطاع أن يؤثِّر في من حوله من أبناء وادي النيل ،، ولم ينس أنه مُعلِّم ، لقد مارس مهنته كمعلم ولكن بأسلوبه الخاص ،.
نجح النبيل محمد وردي في أن يوظِّف الفن لترسيخ القيم والمفاهيم السودانية والتاريخ السوداني الأصيل عبر مراحله وفي أوج ازدهاره ، وأن يرسم خريطة للتراث السوداني في أرقى وأبهى حُلَّة ،، نجح النبيل محمد وردي في أن يَخُطَّ تاريخ السودان اسمه بماء الذهب ، وأن يَنْصُبَ له تمثال الخلود عبر الأجيال ،، فقد أضاء القلوب بالحب ، وأشعل مصابيح التاريخ السحيق ، وأبهج حياتنا بوجوده وأسعد الثغر منَّا ، وترك فينا الذكرى الطيبة التي يتمناها كل إنسان ذو معدن أصيل ، وهل من نجاح أكثر من هذا ؟ ،، ولكن عزائي الوحيد أنه رحل في الزمن المناسب ، فمقامه أعظم وأكبر من زمن المهازل هذا ، فقد ولىَّ زمن الإباء ومضى أوان الكبرياء ،وصمت الصدق وانطفأ الجمال ، مضى زمانك الجميل بكل نُبْلِه وخيره وصفائه وعنفوانه ، ولم يبق لنا سوى الزَّبَدْ ، وستبقى ذكراك في الوجدان خالدة ما بقي الدهر ،،،ولا أقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون ، إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنَّا لفراقك يا وردي لمحزونون . اللهم لا اعتراض

هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. لكن عزائي الوحيد أنه رحل في الزمن المناسب ، فمقامه أعظم وأكبر من زمن المهازل هذا ، فقد ولىَّ زمن الإباء ومضى أوان الكبرياء ،وصمت الصدق وانطفأ الجمال
    والله عندك حق! تكفيه محبة الناس له بهذا الكم ليكون محبوب عند ربه.