أستيف
«حلتنا» الهادية ترقد في ذلك الزمان على تفاصيل لا تشبه واقعها البسيط، فالموقع المألوف بيوتات أفقية.. وأناس طيبون جداً.. أمزجتهم لا تعوقها الصعوبات والتعقيدات.. وتفاصيل الحياة مفتاحها البسمة والكلمات الحنينة النابعة من الأعماق.. حتَّى «الغنيمات» التي سكنت معنا الدار لم تكن إلا تلك الوليفة الملتزمة بحدودها الجغرافية في أقصى أركان البيت.. والكلب المميز الذي اخترنا له اسم ذلك الممثل من إعجاب بدوره «استيف»، صار «استيف» مفردة في تفاصيل يومياتنا الصغيرة جداً.. وعلى حداثة الاسم في ذلك الزمان الذي اعتدنا فيه أن كل كلب هو «بوبي» كأقصى دلال يحصل عليه هذا الحيوان وسط «حلتنا العريقة» ليظل هذا «الاستيف» بطلاً في تسلسل مناورات المرور من أمام بيتنا الكبير.. وذلك لأنه «كلب مربى» فقد كان عمي« جلال»- رحمه الله- يغذيه بعناية فائقة، مطبقاً عليه نظريته «أكل اللحوم» حتَّى في ظل موجة الغلاء الفاحش للحوم.. كان «استيف» يجد حصته كاملة غير منقوصة، كيف لا وعمي يخصص له من جزارته وجبة كفيلة بجعل «استيف» حامي حمى «الجزارة» والبيت.. والغريب في الأمر أن «استيف» يعرف كيف يتعامل معنا.. كل حسب طريقته.. وكنت كثيراً ما أتخيله يحادثنا بنظراته التي لا تخلو من معاني صاخبة أو هادئة.. وقد كنت من ضمن صغار البيت الأكثر توجساً منه لأنه كان كلباً يختص بشيء من المرح الماكر.. وأنا أخافه وأهابه لعظمته وضخامته.. وأذكره وهو يمارس عليَّ ساديته المفرطة عندما يقوم بمطاردتي ما بين «الحوش» والغرف.. حتَّى أنني أحياناً استرق النظر قبل أن أخرج في تجوالي في أركان المنزل.. فقد كنت أكثر الصغار الذين يقوم بمساككتهم في الدار.. حتَّى أنني وصلت لقناعة أن «استيف» يتقصدني.. وكم «جرية» احتفظ بتفاصيلها من بين الأبواب و«الحوش» بسبب هذا الاستيف.. ومضت الأيام ومضى «استيف» إلى دنيا النفوق.. ولا أكذبكم القول إنني رأيت على أطراف عينيه دمعة الوداع.. ويلاحقني تذكار استيف كلما هممت بالقرب من حيوان أو نظرت لصيدلية للأدوية البيطرية في ضمنية الأدوية البشرية دون أن تقوم هذه الصيدلية البشرية بتوفير الدواء البيطري إلا في اللافتة الخارجية، فتكون بذلك سبباً في تأخيرعلاج أخوة استيف.
آخر الكلام:
أعيدوا الدواء البيطري لحظيرة «البيطريين».. وقبل ذلك قوموا بجرد الصيدليات البشرية التي أتبعتم لها الدواء البيطري لتقفوا على دورها المحصور في الإعلان عن وجود أدوية بيطرية.. أكبروا قليلاً عن الصراعات المهنية التي لا تخدم البلد.
مع محبتي للجميع..[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]