جعفر عباس

وردي والقروش والغرور

[JUSTIFY]
وردي والقروش والغرور

ستظل سرادق العزاء منصوبة في بيوت وقلوب الأجيال الثلاثة التي عاصرت وردي، ونهلت من عصارة موهبته الموسيقية الاستثنائية، ولكن أبناء وبنات العقود والقرون المقبلة لن يحسوا ب»الحزن القديم»، بل بالفرح والزهو لكون بلادهم أنجبت شخصا مثل وردي، عبر بموسيقاه الحدود السياسية والجغرافية والطبقية والعمرية، وترك لهم ثروة يباهون بها بقية الأمم في زمن جميل قادم حتما، يسترد فيه الوطن بهاءه على كافة الصعد.. سيتذكرون أيضا باعتزاز شديد أمراً لم ينتبه إليه معظم من عاصروا وردي، وهو أنه كان أول من نال جائزة بابلو نيرودا (الشاعر التشيلي الضخم الحائز على جائزة نوبل للأدب) العالمية للأغنية الوطنية، تقديرا لتسخيره موهبته لإعلاء قيم السلام والعدالة والديمقراطية، منذ أكتوبر 1964، ومناطحته نظام نميري بالكلمة المنغومة، وكان نيرودا نفسه مناضلا جسورا ضد الأنظمة الدكتاتورية في تشيلي وإسبانيا وغيرها وعانى مثل وردي من قسوة المنافي، وقد عشت مع وردي عامين متصلين في لندن التي جاءها طالبا اللجوء السياسي في عام 1995، وكانت الحكومة وقتها تتحدث عن المعارضين الذين «يعيشون في الفنادق الفاخرة ولا يعرفون شيئا عن معاناة المواطنين».. وكان وردي يقيم في لندن في بيت في منطقة ميدافيل، من النوع الذي كلما هممت بدخوله، قفزت الى لسانك «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» من فرط بؤس حال المسكن، وكنت مع آخرين دائم الزن والنق فيه بأن يعود الى القاهرة ليتواصل مع جمهوره في المهاجر العربية ويعيش من ثم عيشة «لائقة».
بعض من يعرفون خصوصية علاقتي بوردي كانوا يقولون لي: صاحبك ده بيحب القروش! وكان ردي دائما: وهل أنت تكره القروش؟ مسألة حب وردي ل»القروش» فرية لقيت الرواج بين كثيرين، ولا تختلف عن فرية ان الشايقية بخلاء، وأن النوبيين «نُص ديانة».. وردي كان أكثر خلق الله سبهللية في التعامل مع المال.. بعد 17 سنة كمطرب من الدرجة الأولى، حفلاته كاملة العدد، تم طرد وردي من البيت الذي كان يستأجره لعجزه عن سداد الأجرة، لأن فترة السجن في أوائل السبعينيات حرمته من كسب الرزق، وكدح بعدها لسنوات، وأسعفه «حبه للقروش»، في بناء بيت في الكلاكلة، واقتادني ذات مرة إلى منطقة «شقلة» في أطراف الحاج يوسف، ليريني قطعة أرض «عشوائية» اشتراها، وفكر في تشييد بيت فيها، وسمع مني «فاصل ردح» لامني عليه لاحقا، لأن الأرض طارت من ملكيته، بينما هلافيت مغنواتية هذا الزمان يبتنون بيوتا في الأحياء ذات الشنة والرنة، بعد دخول السوق بثلاث او خمس سنوات، وبعد نحو 50 سنة من تسيّده للساحة الفنية نجح في بناء بيت في المعمورة،
ويعرف العازفون الذين لازموا مسيرته على مدى عقود (عربي ومحمدية وعلي ميرغني وبريس وعبد الرحمن وجعفر حرقل وغيرهم) أنه كان يتسلم المقابل المادي نظير حفل غنائي ما ويتوزعه معهم بالتساوي.. وشرب بسبب ذلك مقلبا عندما استدعاه رئيس دولة في غرب أفريقيا لإحياء حفل زفاف بنته، وحمل وردي معه من السودان نحو ألف دولار، ودخل عليه في الفندق موفد من القصر الرئاسي وسلمه شنطة، ثم طلب منه التوقيع على إيصال باستلام «5 ملايين» فما كان من وردي إلا أن جمع العازفين ووزع عليهم الدولارات التي كانت معه: يللا.. امشوا بحبحوا!!! ثم جاءه صديق سوداني مقيم في ذلك البلد الغرب أفريقي، وحكى له وردي عن الملايين الخمسة وسأله عن كيفية تحويلها الى دولارات، فكان ان فاجأه الصديق بأن تلك الملايين تساوي نحو خمسمائة دولار.. ولحسن حظه منحوه بضعة ملايين أخرى بعد الحفل، «غطت خسارته»
وردي كان شديد الاعتداد بالنفس، وكان صريحا في آرائه لدرجة القطامة (وهناك من سمى ذلك غرورا)، هل كان غرورا قوله إن ابنه عبد الوهاب ليس مطربا بل موسيقيا متمكنا؟ وكل من عرف وردي عن كثب يعرف عنه نقيض كل تلك الاستنتاجات الظالمة، فقد كان إنسانا بسيطا وعاش ومات بروح التربال المحسي، وكاذب أشِرٌ من يزعم أن وردي تنازل ولو للحظة واحدة عن انحيازه التام لقضايا وهموم المواطن العادي، لأنه اقترب او ابتعد عن تنظيم سياسي ما.. فقد كان قوي العود والوعي السياسي، ومارس قطامته المعهودة بالتعبير عن رأيه في حال الوطن، ورفضه للحال المائل، دون تزويق أو لولوة أمام كبار المسؤولين منذ عهد نميري إلى عهد البشير

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. رحمه الله وردي الفنان العملاق ودعني اشرح جزء من اغنيه اسمر اللونا رطانه وهي تقول:

    يــاســــــــــــــــــــــــلام إلى يــاســــــــــــــــــلام الى

    يا سلام … سمرة منديل هديتودنقا كفرين ادلق شقلسينقا قدمن مانجلف آآقا قونجسينقا… اسمر اللونا

    ايقا إستاهليكا تيننا مانا من داري ايقا القنان مقودينه .. اسمر اللونا …سمرة حالنقا ياسلام الى

    منتون خلقسنقا فكرا تيقه كتة ايى اجبه هولي

    اكه لازم جيزيرة ويل اونه اكه موزن ورد فرشترا اكة موية الورد روشترا اكه عصير الفواكهن فتمينقا دولترا

    اسمراللونا .. اكه جبريل سكه كر اكن ملاكــيـني سماء ملايكا الـقـنميا وأسمر اللونــــــــــــــا ….

    الشرح تقول الاغنيه وتتكلم عن سمراءبتعمل في منديل كعاده البنات زمان كل واحده تعمل منديل للحبيب والشاعر يقول لهذه البنت السمراء اعطني المنديل لانه يشبهني ويقصد بذلك البنت وان هذه البنت تستاهل الذي يعطوه ليها وبعدين يجي الشاعر يقول انه مستغرب كيف خلقت هذه البنت ومن اي شئ خلقت وانها جميله جدا ولازم البنت ولدت في جزيرة مفروش لهااورق الموز ومرشوش لها ماءالورد وشربت هذه البنت فقط عصير الفواكه وحتي جبريل حضر ووضع يده فوق هذه البنت علي اساس انها بتشبه الملائكه ودا يدل علي انها جميله وطيبه وهذا فقط جزء بسيط من الاغنيه ورحمه الله وردي والي اللقاء في حلقه اخري