فدوى موسى

مع عبدالله عبيد


[JUSTIFY]
مع عبدالله عبيد

اليوم راحة.. وفرصة متاحة للقراءة. بين يدي كتاب الأستاذ «عبد الله عبيد» ذكريات وتجارب وحالة التصفح على محتوى الكتاب تشدني للوقوف عند محطة اعتقال الكاتب الصحفي في المديرية الاستوائية، ليصف فيها معتقل «ناقيشوط» في الجنوب «سابقاً»، على خلفية تصديهم لحكومة 17 نوفمبر ضمن مقاومة «الشيوعية» لنظام «عبود».. أعجبني الوصف الشفيف لاعتقالهم في تلك البقعة بقوله «أخبرتكم بأن المعتقل ليس سجناً أو منفى، لكنه في الأصل فلتان جميلتان على الطراز البريطاني في أعلى قمة (ناقيشوط).. في قلب قبيلة التبوسا وهي من أشرس القبائل المتمردة في نهاية الخمسينيات».. وقد أبان الكاتب أنهم أخذوا الى ذلك الموقع بعد أن نفذوا اضراباً عن الطعام بسجن كوبر، واستطاعوا فرض بعض مطالبهم، الأمر الذي استوجب إبعادهم من العاصمة الى سجون «الجنوب» بدءاً من سجن جوبا الى معتقل ناقيشوط.. واستطاع «أستاذ عبد الله» أن ينقل الحالة في جنوب السودان آنذاك بهذا الوصف الدقيق «من العجائب والغرائب التي شاهدناها تتكرر أمام أعيننا من وقت الى آخر عندما يقوم الشاويش بتعداد السجناء، فيجد عددهم أكثر من العدد المسجل! مثلاً بالسجن 600 سجين يعدونهم في الطابور ثانية وثالثة يجدونهم «620»، فكنا نصاب بالدهشة في الأيام الأولى لهذه الظاهرة الغريبة التي لا يمكن حدوثها في اي بلد في العالم! لكن مدير السجن مشكوراً فسر لنا أسباب هذه الظاهرة، فهي ليست في سجن جوبا وحده، بل في كل سجون عواصم المديريات الجنوبية! رغم أن أغلبية أهل الجنوب فقراء إلا أن هناك معدمين لا يستطيعون كسب وجبة اليوم، ولا يجدون المأوى والغطاء الذي يقيهم البرد بينما في السجون يتوفر السكن والوجبات بليلة أو قراصة، والغطاء الذي يقيهم البرد» وما بين وصف الكاتب للسجن والمعتقل بالجنوب، تتضح قرائن الأحوال «نصفنا السابق» الجنوب في صورة ما بين الظروف القاسية التي عاناها الجنوب، وخصائص طبيعته.. والحمد لله الذي مكن مجموعة «عبد الله عبيد» من التحلل من المعتقل والعودة للخروج، ليطوف بنا بكتاباته في ذلك التاريخ المعاصر من حياة بلادنا ودلالات لبعض بواطن الخلل الوطني التي التمسناها ما بين جوبا وناقيشوط.

آخر الكلام..

من بين سطور المتعمقين تخرج أسطر للتاريخ تقول حقائق لا يمكن تجاوزها بعين الاعتبار والفحص، وما يؤول اليه الحال في كل حقبة زمنية.. شكراً وطنياً للأستاذ عبد الله عبيد على هذا السفر الجميل.
مع محبتي للجميع..[/JUSTIFY]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]