كلمات من التاريخ (1)
بقدر ما نحن شعب ميَّال للتوثيق الشفاهي، بقدر ما تجد مجهودات التوثيق للتاريخ والاحتفاء والاهتمام من قبل أبناء البلاد، باعتبار أن التاريخ معيناً للحاضر والمستقبل، وأنا أطالع كتاب «الشعر السوداني على منصة التاريخ» للأستاذ «مصطفى عوض الله بشارة» استوقفتني صفحات توثيقية تركز على ولاء بعض السودانيين للامبراطورية البريطانية أسماها «سفر الولاء».. وهي حصيلة لمجموعة العرائض والتلغرافات التي رفعت إلى صاحب الدولة حاكم السودان العام آنذاك من كبار رجال الدين والأعيان، إعراباً عن ولائهم لحكومة السودان وللدولة البريطانية، وقد كان ثمن النسخة منها «خمسة قروش صاغ» حيث كان يتم تقديم المبلغ المجموع من مبيعها إلى صندوق «البرنس أوف ويلس»، لإغاثة منكوبي الحرب، وقد تم طبعها في إدارة جريدة السودان، وطبعت في مطبعتها بالخرطوم في العام «1915م»، تحت رعاية الجنرال السررجتلر ونجت حاكم السودان العام، وتحت رعاية «المستر بونهام كارتر، الأستاذ السيد علي الميرغني، الشيخ محمد مصطفى، سيادة الشريف يوسف الهندي، الشيخ الطيب هاشم، والشيخ أبو القاسم هاشم» وقد كان السفر الأول «تلغراف من السيد علي الميرغني» على النحو التالي: «كسلا في 12 نوفمبر 1914م.. عطوفة الحاكم العام.. إن الحزن والأسف لملأوا افئدتنا لدخول تركيا في حرب ضد بريطانيا العظمى، الأمر الذي حصل بلا شك رغم وضد إرادة ورغبة السلطات وعقلاء دولته، والذي تكدر منه المسلمون في اربع جهات الأرض ولا ريب أن العالم الإسلامي كله يصب مقته وسخطه الشديد على الدولة الألمانية الباغية المسببة لكل هذه الشرور والمصائب، المنقادين إليها من رجال حكومة تركيا، أن عطف المسلمين على الدولة التركية لا لأنها تركيا، بل لاعتبارات أخرى معروفة، أما وقد الحقت الحكومة التركية نفسها بالدولة الألمانية واتحدت بها حتى صارت كإحدى حكومات الاتحاد الجرماني، فلا ريب أنها فاقدة ذاك العطف الثمين الذي لا يقدر، وتلك خسارة عظمى عليها لا تقوم ولا تعوض.. هذا وإننا نرفع خالص ولائنا وإخلاصنا العظيمين جداً عنا، وعن الشعب السوداني كله لدولة بريطانيا العظمى، تلك الدولة العادلة التي تحترم ديننا، وتهتم بصالحنا، والتي عمرت بلادنا بنعم العدل والعمران والتي يظلل عدلها نحو التسعين مليوناً من اخوتنا المسلمين بانحاء الأرض، والتي هي المحبة حقاً للمسلمين والصديقة الحميمة لهم.. «علي ميرغني».
آخر الكلام..
ولنا في التاريخ بعض الوقفات التي هي مؤشرات للحاضر، وبعض معالم الطريق في المستقبل.. ومن لا يبحث في التاريخ فهو موعود بتكرار الماضي بخطئه وصحيحه.. وغداً سفر آخر من ذات الكتاب وشكراً نبيلاً للأستاذ «مصطفى عوض الله بشارة».
مع محبتي للجميع..[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]