تحقيقات وتقارير

من أي الينابيع يتدفق العنف الدامي ؟؟

[JUSTIFY] ظهرت في الآونة الاخيرة أشكال وأنماط مختلفة للعنف فمن يطالع أخبار الصحف الاجتماعية اليومية يجد نفسه أصبح معتادًا على قراءة أخبار لجرائم متجددة وغريبة من أنماط العنف لم يكن يتصور المرء أن يسمع عنها أو أن يقرأها أو حتى يتخيل أن شخصًا ما يمكن أن يُقدم على ارتكابها وهو ما يعكس خطورة الأمر على مجتمعنا.. «البيت الكبير» استطلع عددًا من الناس ووضع عددًا من نماذج العنف على طاولة أهل الاختصاص لمعرفة الأسباب التي تقود إلى العنف مسبباته.. تأثير الثقافات الوافدة.. والعديد من القضايا فماذا قالوا.
نماذج

** رجل يصب موية نار على شقيقة زوجته أثناء نومها مسببًا لها الأذى وحروقًا من الدرجة الأولى أدت إلى وفاتها، ومبرِّرُه أنها تحرِّض زوجته
** وآخر يطعن زوجته المحامية داخل المحكمة بواسطة سكين واحدة على ظهرها والثانية على صدرها اخترقت الرئة وتخطت القلب وحدث ذلك داخل محكمة الأزهري بالخرطوم حيث استطاعت شرطة المحكمة السيطرة على الزوج الثائر وتجريده من سلاح الجريمة. يُذكر أن الزوج كان قد قضم أنف زوجته وأحالها إلى قسمين مما استدعى إجراء عمليتين جراحيتين لها.
** ويعتدي «أ، م» الذي يبلغ من العمر «14» عاماً على والده تحت مبرر المعاملة السيئة التي ولدت الحقد والكراهية في داخله فتهجَّم عليه وضربه بسكين أُسعف على إثرها الأب وأُدخل الابن إلى الإصلاحية حيث يصر الابن على قتل والده وهو الآن يخضع للعلاج النفسي.

علاقة أزلية يؤكد أحمد محجوب «موظف» أن هناك علاقة أزلية تربط بين النفس البشرية والجريمة، وقتل قابيل لأخيه هابيل خير نموذج لتأصُّل العنف في النفس البشرية، وبرغم المستوى المخيف لظاهرة العنف في المجتمع إلا أن مجتعنا السوداني لا يزال يملك العديد من القيم السمحاء التي تحصنه إلى حد ما من انتشار العنف بصورة مخيفة، ومن أهم تلك القيم الوازع الديني والقيم الأخلاقية وغيرها، وفي اعتقادي أن تنامي ظاهرة العنف في المجتمع يرجع إلى الثقافات الواردة خاصة المسلسلات التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الفرد وإذا أخذنا الأطفال نموذجًا لضحايا للعنف نجد أن الأسر تلعب دورًا كبيرًا في إخراج طفل غير معافى نفسيًا واجتماعيًا.

تفكك أسري فيما ترى نوال إبراهيم «محامية»: أن انتشار ثقافة العنف في الآونة الأخيرة بأنماط مختلفة يعود إلى التفكك الأسري الذي غالبًا ما تكون نتائجه وخيمة على كل أفراد الأسرة، وقالت إن التنوع في أشكال العنف ودخول المرأة إلى عالم الجريمة يعود إلى الثقافات الواردة من قنوات وغيرها، فالمحاكم للأسف أضحت تكتظ بجرائم العنف المختلفة التي يشيب لها الرأس، وللأسف معظمها جرائم غريبة وبها نوع من الغرابة في التنفيذ، والمحامية التي طعنها زوجها في قاعة المحكمة بسبب طلبها النفقة ليست ببعيدة، وتؤكد نوال أن الجرائم العنيفة أصبحت تحمل معها خطورة الابتعاد عن الالتزام بروح الدين فضلاً عمَّا تشكله هذه الجرائم من خلخلة في بنية المجتمع وتفكيك في نسيج الأسرة.

غياب الرقابة ويرمي عثمان أحمد «طالب» باللوم على الأسرة ويقول إن التنشئة تلعب دورًا كبيرًا في خلق الشخصية العنيفة منذ الطفولة فتعرض الطفل في طفولته مثلاً للعنف أو مشاهدته لممارسات عنيفة كضرب الأب لأمه أمامه تجعله عدوانيًا وعنيفًا في معالجة كل المشكلات التي تواجهه في حياته كما يشمل أيضاً غياب أو إهمال الآباء لدورهم في التنشئة وعلى مستوى الأسرة تمثل الخلافات الزوجية والهيمنة التامة للزوج على شؤون الأسرة المالية وغيرها عوامل أساسية لظهور العنف.

رغبة مكبوته الباحثة الاجتماعية الأستاذة سعاد قنديل تناولت القضية من تخصصها وقالت إن العنف عبارة عن أداة للتعبيرعن مطالب خاصة أو رغبة لتحقيق غاية ما وهو سلوك متعلَّم ومُكتسب تعود أسبابه إلى التنشئة الاجتماعية الخاطئة والعنف ظاهرة اجتماعية وهو نتاج لعدم الوعي خاصة لدى الطبقات البسيطة التي تعيش ظروفًا اقتصادية صعبة، وتؤكد قنديل أن عنف الأطفال يرجع إلى ما يحدث من عنف داخل البيوت وبين أفراد الأسرة وهو ناتج عن سوء الاختيار منذ بداية الأمر مؤكدة أن الاختيار السليم لشريك الحياة ينتج عنه شخصية سيكولوجية بمعنى إنسان مقهور حيث إنه يكون قد عاش تجربة القهر صغيرًا كتعرضه للتذبذب في المعاملة بين العنف الشديد واللا مبالاة وعدم الانتماء والاغتراب وهذا أيضًا يؤدي للعنف الأسري.

صحيفة الإنتباهة[/JUSTIFY] منى النور