رأي ومقالات

الطيب مصطفى : جبال النوبة بين عبد الباقي قَرْفَة وعبد العزيز الحلو (2 ــ 2)

[JUSTIFY]إذا كُنا قد عقدنا المقارنة في مقال الأمس بين القائدين اللواءين تلفون كوكو وعبد الباقي قَرْفَة اللذين قلنا إنَّهما اكتشفا أنَّ الحلو وعرمان وغيرهما من الشيوعيين يُتاجرون بدماء أبناء النوبة ويُسخرونها في قضيَّة لا علاقة لها بجبال النوبة وأنَّ النوبة ماتوا بالآلاف ولم يحصدوا غير السَّراب وأنَّ المؤامرة على أبناء جبال النوبة لا تزال مستمرَّة فإنَّنا اليوم سنتحدَّث عن جانب أو جوانب أخرى من ملف جبال النوبة وعلاقة ذلك بقطاع الشمال التابع للحركة الشعبيَّة لتحرير السودان.

الجديد في قصَّة الثورة الجديدة التي يقودُها اللواء قَرْفَة هذه المرَّة أنَّها تأتي في شكل جبهة تشكَّلت حديثاً لمواجهة هؤلاء الذين لطالما تاجروا بقضيَّة جبال النوبة من أجل أهدافهم العنصريَّة وأحلامهم الجنونيَّة وسُمِّيت بجبهة جبال النوبة بعد أن أعلنت انسلاخها من الجبهة الثوريَّة بقيادة الشيوعيين عرمان والحلو اللذين اتَّخذا مشكلة جبال النوبة سلماً نحو تحقيق أهداف قطاع الشمال والجبهة الثوريَّة التي أنشأها القطاع ليقاتل بها ويفاوض متكئاً على دماء أبناء النوبة لتحقيق أهدافه في (تحرير السودان) أو في تقوية موقفه التفاوضي فقد قال اللواء قَرْفَة معبِّراً عن استغلال أبناء النوبة وإزهاق أرواحهم في قضيَّة لا ناقة لهم فيها ولا جمل خلال مؤتمره الصحفي الذي سمَّى فيه جبهته الجديدة بـ (أصحاب القضيَّة الحقيقيين).. قال إنَّ الحرب في جبال النوبة انحرفت عن مسارها الحقيقي بعد تحويل قضيَّة جنوب كردفان إلى منصَّة لانطلاق النزاع باسم قضايا السُّودان).
لتوضيح ذلك أرجو أن أُشير إلى التحرُّكات التي أُعلن عن رصدها لقطاع الشمال والجبهة الثوريَّة بالقطاع الغربي لمدينة كادوقلي منذ بداية الشهر الحالي مصحوبة بإطلاق النيران من المدفعيَّة حيث تم في الثاني من سبتمبر الحالي إطلاق خمس قذائف هاون على رئاسة قوات تأمين مدينة كادوقلي وفي اليوم التالي مباشرة تم إطلاق النار على حافلة ركاب قادمة من منطقة الخرصانة متَّجهة نحو الأبيض عبر الطريق الرئيسي عند قرية الروكب شرق حلة برنو وفي اليوم الخامس من سبتمبر عَبَرَت فصيلة من قوات الحركة الشعبية شرق حلة برنو قادمة من الجبال الغربيَّة لمدينة الدلنج وتوغَّلت إلى جبل كيقا الخيل وفي التاسع من سبتمبر تم إطلاق سبع قذائف هاون على معسكر القوات المسلحة بقرية كويا غرب كادوقلي.

ما ذكرتُ هذه الوقائع إلا لأدلِّل على أنَّ الجبهة الثوريَّة وقطاع الشمال بدآ الحرب مجدداً بعد الهدنة الإجباريَّة التي فرضها فصل الخريف الذي يعوِّق حركة القوات والآليَّات ولم ينتظر قطاع الشمال والجبهة الثوريَّة انتهاء الخريف الأمر الذي يدلِّل على أنَّنا مقبلون على شتاء ساخن ينبغي أن نحشد له لا أن ننتظر حتى نُفاجأ بهجوم كبير على غرار ذلك الذي كلَّفنا غالياً في هجليج واب كرشولا وغيرهما سيَّما وأنَّ هؤلاء الأوباش أعلنوا من خلال مخطَّطهم الإستراتيجي أنَّ غايتهم الخرطوم وكل السُّودان.
من هنا تأتي أهميَّة انسلاخ جبهة جبال النوبة التي ينبغي أن يكون لها دور فاعل في تبصير أبناء النوبة بحقيقة الخُدعة الكبرى التي أوحلهم قطاع الشمال في مستنقعها الآسن ردحاً من الزمان فإذا كانوا قد اهتدوا إلى الحق بعد زمان طويل فإنَّ الرجوع إلى الحق فضيلة وأن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي ولكن المشكلة تكمن في رفاق السلاح القدامى من الذين لا يزالون يرزحون في عمى الجهل بحقيقة ما يُفعل بهم وما يفعلون وهم يشنُّون الحرب على أنفسهم وأهليهم ووطنهم الذي ذاق على أيديهم ولا يزال الأمرَّين.

إنَّ أكثر ما يُضعف الحكومة والوطن الذي تمثله الموقف العسكري في جنوب كردفان خاصَّة بعد الخريف الذي يلفظُ أنفاسَه الأخيرة فقد صرَّح علي كرتي وزير الخارجيَّة أنَّه لا تفاوض مع قطاع الشمال وأنَّ التفاوض سيقتصر على أهل المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) وأعلم بذلك الوسيط الإفريقي ثابو أمبيكي ولن يتحقَّق ذلك إلا بموقف قوي في ميدان القتال يسند الموقف السياسي فهلاّ قامت قواتُنا المسلحة بدورها في دحر قوات قطاع الشمال والجبهة الثوريَّة سِيَّما بعد التحوُّل الكبير في المشهد السياسي الجنوبي جرّاء القرارات التي اتَّخذها سلفا كير وأبعد بها أولاد قرنق بقيادة باقان والذين يساندون قطاع الشمال والجبهة الثوريَّة وهلاّ قام الدفاع الشعبي بدوره في دعم القوات المسلحة واستنفار المجاهدين والدبَّابين لدحر الأوباش من أتباع الحلو وعرمان؟!.
إن اللواء قَرْفَة يُعتبر مع غيره من الجانحين للسلام من أهل المنطقتين الذين ينبغي أن يتم التفاوض معهم وعليهم أن يكونوا جزءاً من القوات التي تتصدَّى للجبهة الثوريَّة وقطاع الشمال.[/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة