تحقيقات وتقارير

خطأ شائع في التعامل مع الإصلاحات الاقتصادية

[JUSTIFY]للأسف الشديد فإن الخطأ الذى شاع بسبب حزمة الإصلاحات الاقتصادية التى قررتها الحكومة السودانية مؤخراً بدا أكبر من ما كان متصوراً. ففي حين أن الإصلاحات الاقتصادية عملت على النظر برؤية شاملة الى مجمل وقائع الحياة السودانية عامة، فإن التناول الخاطئ لها جعلها مجرد رفع للدعم عن الوقود.

ولهذا فإن الموضوعية تقتضي أن نعيد قراءة هذه الحزمة الاقتصادية بشيء من الأناة، فقد انحسرت الأحداث وتراجع سعار الفوضى قليلاً. أولاً، رفع الدعم عن المحروقات -كما هو معروف- لم يبد كأمر جديد ومستحدث، فقد بدأ هذا الإجراء منذ العام الماضي على نحو تدريجي، وهذه حقيقة يتجاهلها أو يتناساها البعض، فقد أجاز البرلمان السوداني موازنة العام السابق والعام الحالي وهي مصحوبة بهذه الإجراءات الإصلاحية، وهو الذي اقرّ إنفاذها تدريجياً بحيث ينحسر أثرها ولا تقع كما الصخرة على رؤوس المواطنين.

ثانياً، حزمة الإصلاحات الاقتصادية تضمنت خفض الإنفاق العام وتقليص الفصل الثاني كما أقرت زيادة الإنتاج وتشجيع الاستثمار وإنشاء المشروعات التنموية، إذ لا يمكن أن تكون هذه الإصلاحات حقيقية لو لم تكن مرتبطة ببرامج تفضي فى النهاية الى واقع ملموس، مشاريع تنموية منتجة ومشروعات جديدة تدفع بعجلة الاقتصاد.

والمشكلة إن هذه المشروعات لن تظهر ثمارها ما بين يوم وليلة، وتحتاج الى وقت، ومن المهم هنا أن ندرك -منطقياً- أن رفع الدعم عن المحروقات وحده، هكذا فقط لا يمكنه أن يقود عملياً الى إصلاح الاقتصاد بصفة كاملة وشاملة، لا بد من إجراءات موازية تدفع بالإنتاج، وتصل بعد سنوات الى الهدف المنشود. وهذه النقطة -لسوء الحظ- لا يعبأ بها أحد، فالكل منشغل بزيادة الأسعار والكل يعتقد أن الحكومة السودانية قامت بسد عجز الموازنة إعتماداً على رفع الأسعار وإثقال كاهل المواطن السوداني.

ثالثاً وضعت الحكومة السودانية فى اعتبارها تأثر الشرائح الضعيفة وهم محدودي الدخل أو الفقراء الأكثر حاجة للدعم ولهذا قررت تقديم دعم شهري ثابت فى حدود 150 جنيه لهذه الشريحة، وهو أمر ليس من السهل تجاهله فالمبلغ الذى يقدم فى مجموعه كبير، والشرائح المقصودة تستفيد منه دون شك.

ليس ذلك فحسب ولكن الحكومة فى ذات المنحى قررت رفع الحد الأدنى للأجور وعملت على إنفاذ الزيادة اعتباراً من شهر أكتوبر الجاري، كما أنها قررت توسيع نطاق الدعم للطلاب بحيث يصل الى 100 جنبه شهرياً فى الوقت نفسه قررت عدم زيادة تذاكر المواصلات العامة على الأقل فى ما يخص المواصلات الحكومية ويتم التعامل مع فئات الطلاب بنصف القيمة.

وفوق كل ذلك أيضاً أتاحت الحكومة لأصحاب الحافلات والبصات العمل دون أن تطارده المخالفات المرورية لتسهيل حركة النقل والحيلولة دون تأثرهم بقيمة هذه المخالفات.

هذه المعالجات الأفقية والرأسية هي دون شك أقصى ما يمكن أن تقدمها الحكومة لمواجهة ما اضطرت إليه من إجراءات وهي معالجات يمكن القول إنها غير مسبوقة فى تاريخ السودان!

سودان سفاري[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. لنتفق بان رفع اسعار المحروقات 70% هو جزء من اصلاح اقتصادي، بما يعني ان هناك خللا وهنا لابد من تعريف هذا الخلل والاسباب التي ادت اليه ليبدأ الاصلاح باجتثاث الاسباب والمتسببين قبل الاصلاح بكوادر جديدة. 24 سنة من الانقاذ ولا نسمع الا بالابتلاءات وغضب السماء علينا لسؤ اعمالنا كما قال الائمة الى جانب المكابرة والاستعلاء كسيايات اقتصادية اعتمدتها الانقاذ لممارسة الصلف والاستعلاء على من لم ينضم اليها. الانقاذ استجلبت كل الارهابيين والقتلة الى السودان وحتى يوم امس الثلاثاء كان ابن انس الليبي الذي اعتقلته امريكا في طرابلس يحكي عن ايامه في السودان. تلى ذلك الموقف المخزي بمناصرة صدام لغزو الكويت. ما كانت النتيجة: المقاطعة الامريكية + الاحجام الخليجي عن السودان. ردت الانقاذ باستعلائها المعهود (أمريكا لمي جدادك) وباننا سناكل مما نزرع فبتنا نستورد الثوم من الصين. في أتون العزلة الدولية والاقليمية والرفض الداخلي أمعنت الانقاذ في فجورها باقصاء غير الموالين وتمكين الموالين، فخربت الخدمة النظامية والمدنية ومكنت الجهلة ممن يخططون الميزانيات بمساعدة الجن .. نعم بمساعدة الجن. جيش الممكنين والارزقية واتباع سياسة المكافآت للترضيات وشراء الولاءات أرهق الاقتصاد الذي آلت ادارته لجهلة غير اكفاء بعد تشريد الكفاءات فتدهور الامر. زاد الامر سوء باستعداء الاطراف، فتم التركيز على الصرف الامني على حساب التعليم والصحة وخدمة المواطن لتأتي الطامة الكبرى بانفصال الجنوب وذهاب البترول ومن قبله الازمة المالية العالمية، فانهار الاقتصاد وطار الدولار من 3 الى 8 الف جنية. بالرجوع الى طبيعة الانهيار الاقتصادي نجد انه ناتج عن بؤس الاداء السياسي للنظام ولا حل له الا باصلاح السياسات الكلية وليست الاقتصادية وحدها. تغيير سياسات الاقصاء والتمكين واتاحة الحريات واعمال مبدأ المحاسبة كفيل بانهاء الفساد. حل مشاكل التمرد، وهي ليست بمستحيلة كفيلة بتقليص الصرف الامني والدفاعي. اشاعة الحريات لينتخب الشعب من يختاره ليحاسبة سيقلص الصرف على الدستوريين والمدجنين والمؤلفة قلوبهم من المعارضين المسترزقين الذين يستنزفون موارد البلاد (وزير المالية صرح بان احد الدستوريين لديه 5 عربات حكومية اما بيته بالرياض؟). انتهاج سياسة خارجية تقوم على المصالح المشتركة للسودان كفيلة بتخفيف الحصار علينا الى جانب البعد عن ايران التي وظفت حكومتنا موصلاتية لسلاح حماس فضرب مصنع اليرموك بينما المصالح المشتركة مع تشاد جففت كل منابع التوتر والاذي المتبادل. بغير ذلك لن ينصلح الحال ولو بيع جالون البنزبن بمائة جنيه.