المحاسبة في الأحزاب.. (الخيار والفقوس)
فأثناء غضبة تيار عريض من عضوية حزب الأمة القومي، ضد التحاق العقيد عبد الرحمن الصادق المهدي بركب الحكومة مستشاراً للرئيس، ومناداته بضرورة فصل العقيد من الحزب، لجهة مشاركته في نظام كافح الحزب طوال ربع قرن (هي عمر النظام) لإسقاطه بدأ بالخيار العسكري وانتهى بالتوقيع على تذكرة التحرير، جاهد الإمام الصادق المهدي لامتصاص فورة الادرينالين من صدور عضوية الحزب الناقمة على ابنه بمقولة إن عضوية حزب الأمة القومي بمثابة الجنسية، وانها حق طبيعي مكتسب لا ينتزع؛ وذهب إلى أن الحزب طوال تاريخه الممتد لم يصدر قرار فصل لأي من أعضائه المتفلتين، بما في ذلك الذين فرزوا عيشتهم وأسسوا أحزاباً خاصة بهم فقد سقطت عضويتهم تلقاء نفسها وفقاً لدستور الحزب من بينهم مبارك الفاضل وأحمد بابكر نهار وعبد الله مسار والزهاوي إبراهيم مالك ومن شايعهم؛ ولرفع الحرج عن الحزب قال العقيد عبد الرحمن انه تقدم باستقالته المسببة من الحزب كونه عاد الى صفوف القوات المسلحة بعد توفيق أوضاعه وإلحاقه بدفعته، وهو سبب متأرجح يسمح للعقيد بالعودة الميمونة للحزب حال غادر صفوف القوات المسلحة بالاستقالة أو المعاش اختياريا او إجباريا.
والشاهد أن حزب الأمة القومي، فصل محمد علي المرضي حاكم إقليم كردفان ابان حكومة الصادق المهدي الثانية ووزير العدل الأسبق، وقررت فصله هيئة الرقابة وضبط الأداء بالحزب المناط بها محاسبة عضوية الحزب على سلوكها التنظيمي، والمرضي محسوب على تيار الحزب المناصر لمادبو نائب رئيس الحزب حينها (قبيل انعقاد المؤتمر العام السابع فبراير 2007)، وترأس هيئة الضبط والرقابة حينها الحاج عبد الرحمن نقد الله، كما تم تجميد عضوية كل من مبارك الفاضل، وموسى مادبو ولفت نظر آخرين.
هيئة الرقابة وضبط الأداء بالحزب هيئة دستورية مكونة من (12) عضوا من القانونيين والشرطيين بالحزب يتم تعيين رئيسها من قبل رئيس الحزب ،ويختار رئيس الهيئة عضويتها التي يشترط اعتماد عضويتها من قبل رئيس الحزب، ومعيار الاختيار ان يكون عضو الهيئة من أصحاب التجربة الطويلة في الحزب، ملتزم بتحقيق الانضباط التنظيمي، ولديه مقبولية بين عضوية الحزب. وفي حديثه مع (الرأي العام) قال الفريق صديق محمد إسماعيل مساعد رئيس الحزب أن هيئة الرقابة بمثابة هيئة قضائية تمارس كافة صلاحيات القضاء داخل الحزب، وأشار إلى أن المثول أمام الهيئة إما أن يتم عبر إستدعاء العضو المخالف لخط الحزب السياسي أو حال تقديم شكوى ضده من قبل أي عضو، وذهب الفريق صديق إلى انه شخصياً مثل أمام الهيئة حينما كان يشغل منصب الأمين العام للحزب، وتم التحقيق معه بناءً على شكوى من أحد الأعضاء الذي اتهمه بخرق الدستور، وقال الفريق إن العقوبات تبدأ من الإنذار، ولفت النظر، وتجميد العضوية والفصل، والسقف الزمني لتجميد العضوية تقدره هيئة الرقابة مثلما في حالة تجميد عضوية إدريس القوني وفتحي مادبو والتى حددتها بثلاثة أشهر.
الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل كواحد من الأحزاب التاريخية رغم تشظيه بيد انه لم يقم بفصل أي من عضويته لمفارقة خط الحزب السياسي او لوائحه والشاهد على ذلك إن الحزب مشاركا في الحكومة بينما علي محمود حسنين يمارس معارضة شرسة ضد الحكومة ويدعو لانضمام الحزب إلى الجبهة العريضة التي يدعو لتكوينها لإسقاط النظام، كما أن الصحف نسبت مقولة لـ (د. علي السيد ) حينما تم استدعاؤه للمثول أمام لجنة تحقيق كونها الحزب لمحاسبة على تصريحات صحفية قال إنه لن يمثل أمام خفير لدار الحزب ليحاسبه، في اشارة الى مدير دار الحزب، ولم يمثل علي السيد ولم تتم محاسبته، بيد ان حزب الاتحادي الديمقراطي الأمانة العامة الذي اشتهر إعلاميا بالاتحادي المسجل برئاسة جلال الدقير ، أرسل خطابا لمجلس شؤون الأحزاب بفصله لكل من الشريف صديق الهندي ود. مضوي الترابي، والمعتز احمد المصطفى، والمهندس معتصم العطا، ومعتصم عز الدين والمهندس محمد يوسف عبد الدائم لمخالفتهم لوائح الحزب ورفضهم المثول أمام لجنة المحاسبة التي كونها الحزب، وقبل وصول قائمة المفصولين إلى مجلس شؤون الأحزاب، قال علي يوسف مسؤول الإعلام بالحركة الاتحادية، الذي تم تجميد عضويته وآخرين بأنهم شرعوا في تكوين تيار الاصلاح وتسجيل الحركة الاتحادية حتى لا يمنحوا جلال الدقير الامين العام للحزب شرف فصلهم من الحزب واعتبر على يوسف الفصل والتجميد تحصيل حاصل، لجهة أن الحزب يعمل حسب دستور الحزب وقانون الاحزاب السياسية.
المؤتمر الوطني الحزب الحاكم بحكم كثرة منسوبيه وترهله يعاني من رؤى مغايرة على الرغم من المحاولات العديدة لضبط المتفلتين فيه تنظيمياً بأيدي أشداء فيه إلا أن الآونة الأخيرة شهدت توجيه انتقادات من نافذين في الوطني لحزبهم ما اضطر القائمين على أمر التنظيم تعديل لوائح المحاسبة والأعضاء لإمكانية ضبط المتفلتين وآخرهم إصلاحيو الوطني الذين برزوا ابان الإجراءات الاقتصادية الأخيرة بتقديمهم مذكرة إلى الرئيس عمر البشير.
ويقول مصدر مطلع بالوطني لـ (الرأي العام) أمس، إن الإجراءات التي تتم في مواجهة الأعضاء المخالفين لم تصل مرحلة الفصل إلا في حالة فرح العقار مؤخراً، لكنه أقر بوجود مخالفات من أعضاء تتم معالجتها بالتحذير التنظيمي وتجميد العضوية أحياناً، والتوبيخ تارة أو منع الشخص من التصريح، وأشار إلى أن الإجراءات في الغالب تتم بعيداً عن أجهزة الإعلام ولكنها تحدث قطعاً، ويرى أن بعض الإجراءات غير المباشرة ضد العضو كعزله من منصب رفيع كالوزارة أو الولاية.
وأكد المصدر أن شكل المحاسبة في الحزب يتم عبر لجنة بلوائح دستورية محددة، ونفى أن تكون هنالك محسوبية في الشأن التنظيمي لكنه قال إن بعض المرات يكون الخطأ في وقت يمكن تجاوزه وأحياناً يكون من الصعب تخطي فعل العضو دون محاسبة ما يبدو للناس أن هنالك تفرقة في الشأن المحاسبي.
لكن المؤكد أن المؤتمر الوطني في إجتماعه التنشيطي الثالث حينما صفق الأعضاء لتعديل اللائحة (11) الخاصة بمحاسبة الأعضاء، بلغ الأمر بعد التعديل حد سقوط عضوية الفرد حال التفلت إلا أن المادة لم تحدد أو تعرف التفلت وتركت الحبل على الغارب كسلطة تقديرية للقيادة التنظيمية في الحزب.
أم زين كشه: صحيفة الرأي العام
[/JUSTIFY]