تحقيقات وتقارير

أمجد عرار : حول الحراك السوداني


[JUSTIFY]تحالف قوى الإجماع الوطني في السودان يمنح دعمه الكامل واللامحدود لانتفاضة الشعب السوداني ضد نظام جبهة الإنقاذ . هذا الموقف صدر عن رؤساء الأحزاب المكوّنة لهذا التحالف التي التقت في مقر الحزب الشيوعي، في حين يتضح أن حالة الاحتجاج واضحة الملامح في الشارع، ولن يستطيع كاتب أو محلل أو سياسي خارجي أن يصادر حق أي شعب في النضال من أجل نيل حقوقه وبناء مستقبل أفضل .

دائماً كانت الانتفاضات الشعبية تحتاج إلى قيادة مناضلة وصلبة توجّه دفّة النضال . واضح أن هذا الحراك ليس قصير المدى، بل يملك المقوّمات وقوة الدفع للاستمرار . جدير هنا التنبّه إلى أن الخيار الانتفاضي السوداني، بعد توفّر القيادة، بحاجة إلى مراعاة بضعة اعتبارات هي نتاج تجارب تاريخية .

من المنطقي أن تستفيد القوى السياسية السودانية من تجارب التاريخ أولاً، ومن التجارب العربية الطازجة، وفي شأن هذه التجارب الأخيرة تحدّث الكثيرون عن غياب القيادة والبرنامج البديل وتحديد أساليب النضال المراعية لموازين القوى، وكذلك تحديد معسكر الأصدقاء ومعسكر الأعداء . التحالف السوداني القائم على الأرض قد يوفّر هذه القيادة، ومعنى قد هنا أن مدى نجاحها في قيادة الحراك يعتمد على أدائها وقدرتها على جذب الأغلبية الشعبية حول برنامجها الذي ينبغي أن يكون واقعياً وقابلاً للتنفيذ، وبعيداً عن أي استقواء بالخارج .

جيد أن المجتمعين ركّزوا على وحدة المعارضة، وعملها مع النقابات والاتحادات المهنية والشباب والنساء، ما يعني استمرار الحراك في السير نحو أهدافه المعلنة بإسقاط النظام وإقامة البديل الوطني الديمقراطي .

الموجة الأولى من خطة التحالف هي التظاهر خلال عيد الأضحى، ثم التوجه نحو عصيان مدني كامل وإضراب سياسي . من الأهمية بمكان الانتباه إلى التدرّج في وسائل النضال الشعبي، بحيث يكون العصيان المدني هو ذروة هذا النضال وليس بدايته، وبعد التأكد من التفاف أغلبية أبناء الشعب السوداني حول هذا الحراك، لأن الالتفاف الشعبي الواسع هو الشرط الأساس لنجاح العصيان وعدم وصوله إلى نهاية شبيهة بتجارب عصيانية فاشلة في بعض الساحات العربية، نتيجة غياب القيادة والخبرة، ولدينا مثل هذه القيادة الموحّدة للانتفاضة الفلسطينية الكبرى التي لم تتوصّل طوال سبع سنوات لاتفاق على إعلان العصيان، باعتباره سلاحاً ذا حدين، ونتائج فشله خطرة جداً .

كلام التحالف بأن إسقاط النظام مسألة وقت محفوف بالمخاطر، وإذا لم يستند إلى قراءة صحيحة لموازين القوى، فإنه سيتحوّل إلى بيع أوهام، وما ينتج عنه من إحباط ويأس في حال طال زمن الحراك بلا أفق، في حين أن الزمن النضالي ليس من ساعات ودقائق فحسب، إنما هو معاناة ودم وخسائر يدفع ثمنها الشعب في نهاية المطاف . لذلك، فإن الحاجة تبرز لاعتماد أهداف تكتيكية يجري تقييمها أولاً بأول في كل مرحلة، قبل الانتقال إلى مرحلة أخرى، وحاجة لاختيار وسائل النضال وفقاً لحجم الأهداف، مع الضرورة القصوى للحفاظ على سلمية النضال والتجنّب الكامل لاستخدام السلاح ووسائل التخريب الأخرى . وخلال كل المراحل، ينبغي أن تتحلى قيادة الحراك بمرونة كافية بحيث لا تأخذ موقفاً متشنّجاً من الحوار، في حال كان على أسس سليمة . لعل هذه الطريق الأقصر لخدمة مصلحة السودان أولاً وأخيراً .

الخليج الاماراتية [/JUSTIFY]