فدوى موسى

اقعدوا فراجة!


اقعدوا فراجة!
[JUSTIFY] والأجواء مشحونة ببعض الحماسة وكثير التدافع.. يظل «عبدو» قاصر الفكر والمنطق حيال الحالة العامة، يدفعه إلى السلبية، والنظر لجملة الأوضاع بمنظاره الخاص الذي لا يتقوى به على المساندة أو التأييد، فيركن إلى الجحور عندما يتحرك أصحاب الدم الحار إلى الخروج.. «عبدو» الناقم على النظام والوضع في البلاد، يعتقد أنه لا يملك ما يقدمه لوطنه، وهو القادر على الكثير لأنه يرى أن الوطن لم يقدم له الوظيفة، والوضع المالي المجزي، والعربة الفارهة.. لذلك فليذهب إلى مناطق الحاجة من تنعم بالديباج والحلي والحلل.. وما عرف أن تمام عرقه وجهده يمكن في ذلك الذهاب.. ومهما حاول أصدقاؤه أن يروه حدوداً وفواصل ما بين ما الوطن كوطن والنظام كنظام، عجزوا عن بلوغ ادراكه لذلك.. ولسان حاله «ليه امشي مناطق الحاجة والبعض يتمتع بالحياة بكل تفاصيلها وأنا محروم» فلا يكون أمامهم من سبيل إلا أن يتغنوا «لعبدو» «وروني العدو واقعدوا فراجة».. «أها النار ولعت»..

كيف تعد إنساناً للوطن!

لا نريد أن نخذل ونقول إن حماسة الكثير من الشباب فاترة تجاه الاحساسات الوطنية.. لا والله فهذه البلاد مصطفاة بإنسانها في الغالب الأعم الذي يعرف متى يتنادى عند الشدة، وعندما يكون الوطن واجب الذود عن الحياض والحمى.. ورغم ذلك لا يعرف البعض أن حب الوطن يتربى في دواخل الأبناء مثلما تتربى فيهم القيم الأخرى، التي تتعلق بالحياة كلها.. لا يكفي أن تزرع جرعات المدارس ومواقع الدرس داخله كل بذور وشتلات الوطنية.. والوطنية تبدأ من عند الولاء للبيت والأسرة، وتنداح إلى أرحب المعاني، فالذي تحتضنه الأسرة في أجواء صحيحة معافاة، يكون قابلاً لأن يكون وطنياً خالصاً.. فبذرة الوطن لا تنمو إلا برعايتها وإروائها من مياه النفوس الذكية.. أن تحب الوطن مكاناً زماناً وإنساناً.. فمن يعرف قيم «حوى بيته» يعرف قيمة الشارع والمواقع والأرض عموماً، وما يدور فيها من حراك الإنسان، ويستوعب ذلك بروح تتسع من بؤرة دواخله العميقة إلى أبعد من ذلك الحد، لمرحلة أن يفدي الآخر بنفسه ودمه.. وهكذا تخرج للمجتمع إنساناً وطنياً خالصاً بفطرة وممارسة راشدة دون أن تحتاج لدفع خارجي.

الغابة!

هناك من يطبع في مخيلة الأطفال أن الوطن كالغابة.. الأسد فيها الحاكم الناهي، وبقية الحيوانات ما بين المكر والظلم تتجاذب حياتها.. فينشأ وذهنيته تبحث عن حال الأسد أن يكون قوياً ظالماً.. آكلاً للحوم ولا يتقبل أي صورة لحيوان أليف أو طائر صداح.. وعلى ذلك تتوزع الأدوار في الحياة، في رغبة دفينة للكل أن يكون قائداً أو ملكاً.. المهم ألا يكون أقل من ذلك.. وحسب ظروف الحياة فإنها لا تحتمل أكثر من أسد، أو قائد في الموقع الواحد، لذا يتفنن الطامحون في الاستئساد في خلق دوائر يسيدون فيها، ولو في شكل حيازات بشرية محدودة، تسمح بممارسة الظلم والحكم وأكل اللحوم، خاصة إن كانت هذه الدوائر تنغلق على أناس ناعمي الحراك، أليفي المعشر، كما الحيوانات الأليفة تماماً.. ولكن يبقى السؤال الكبير قائماً.. من يحمي الغابة كبرت أم صغرت؟ الأسد أم مجموعة الحيوانات الأليفة؟ عندما تتضافر في طيف من الاتحاد الأليف القوي.

آخر الكلام

نزعة التملك والسيادة قد تكون أحياناً سبباً في تأخير الجموع إذا ما كانت بلا بوصلة واضحة الاتجاهات، لا تأخذه الحركات للتغيير المتكرر للمواقف، فيبعد بذلك مفهوم الانضواء تحت اللواء..
[/JUSTIFY] [LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]