أهي خواطر حاقد؟
ما يغيظني بشأن أحوالي المادية هو أنني في قرارة نفسي أحس بأنني من الميسورين، ولا ينقصني شيء من الناحية المادية، وهذا ما يسميه رجال الاعمال «انعدام الطموح»، كما ان أهلي لا يقصرون في استغلال ثرواتي، وكأنما هناك جهة ما تبلغهم بأن ابوالجعافر صار ثريا، فما ان تتجاوز مدخراتي بضعة آلاف من الريالات، حتى تصلني رسالة او مكالمة هاتفية مؤداها ان الأمطار هدمت السور الشرقي لقصر عباس، المكون من غرفتين وبيت للدجاج، وفي فنائه شجرة ليمون ذكر لا تنتج حتى الأريج المعتاد، او ان أسنان فلانة تعاني من تسريب نفطي ولا بد من عمليات تنقيب فيها، ثم ترقيع الحفرة بكسوة ذهبية، او ان فلانة ستتزوج بواحد جربان لا يملك حتى حذاء صالحا للاستعمال ولا بد من توفير الملابس له وللعروس..أذكر انني كنت في الثمانينيات أعطي أمي ٥٠ جنيها شهريا، وانها كانت تقول ان ذلك سيفسدها لانه يفوق احتياجاتها، ثم دارت الأيام وصارت تتقاضى مني شهريا نصف مليون جنيه وتصفني بالبخل والعقوق، فأقول لها: يا حاجة.. يا مسز عباس، (تعتبرها شتيمة وتصفعني) بلاش بطر فأنت بهذا المبلغ مليونيرة لان دخلك السنوي من جانبي فقط ستة ملايين من الجنيهات، فتقدم لي محاضرة في التضخم والعرض والطلب، وتذكرني بما أنفقته العائلة على تعليمي، فأتذكر انهم كانوا يعطونني جنيها ونصف الجنيه شهريا في المرحلة الجامعية، وان ذلك جعل مني طالبا مترفا إذ انتقلت من السجائر المحلية إلى المستوردة وتوقفت عن التخميس أي ان يتقاسم السيجارة الواحدة خمسة أشخاص! بل لما كثرت «النقة» حول أنني أستأثر بجانب كبير من راتبي، لأنني ولد جاحد ونسيت المبالغ المتلتلة التي صرفناها لتنال تعليما جامعيا، جلست ذات يوم مع والدي ومعي ورقة وقلم وحسبت له بالقرش والمليم المبالغ التي أنفقها علي منذ دخولي المدرسة الابتدائية، وقدمت له خلاصة الحسابات واتضح أن مجموع ما صرفه علي خلال ١٦ سنة لم يكن يزيد على عشرين جنيها، وقدمت له ثلاثين جنيها وقلت له: هذه فلوسك مع الأرباح، وعلى كده خالصين، فأخذ مني المبلغ والسرور باد على وجهه، وقال: خلاص كل شهر ٣٠ جنيها، فقلت له طلباتك أوامر يا عبس بي فيفتي فيفتي مع مسز عباس.
والله كلما أتذكر دعوات أمي لي كلما أعطيتها نقودا او ملابس، أحسست بأنني جعفر بن طلال (قالوا إن سودانيا كان يقف في ساعة متأخرة من الليل في شارع لا توجد فيه تاكسيات وتوقفت له سيارة فارهة وعرض صاحبه توصيل الزول إلى وجهته وكان صاحب السيارة هو خالد بن الأمير الوليد بن طلال، وأثناء الرحلة سأله السوداني عن اسمه فقال: خالد بن الوليد، فرد عليه السوداني: وأنا سعد بن أبي وقاص).
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]
المال يشتري السرير الوثير ولكن لا يشتري الراحة !!
المال يشتري البيت ولكن لا يشتري الأمان والإستقرار !!
المال يشتري الأكل البهًي والشهًي ولكن لا يشتري العافية !!
المال يشتري القصور والسيارات ولكن لا يشتري السعادة !! إلخ …
تحياتي لك أستاذي العزيز ولأخواتي (رفاء) و (سودانية)