جعفر عباس

إياكم والنور الأحمر

إياكم والنور الأحمر
[JUSTIFY] أكثر ما لفت انتباهي خلال الأيام التي قضيتها في هامبورغ في شهر إبريل (٢٠١٢) هو أن عيني لم تقع على مشاهد قلة الحياء التي تشتهر بها معظم مدن أوروبا: لم أر شابا وشابة يتبادلان القبلات في أي مكان بل لم أر ولدا وبنتا يتماسكان بالأيدي إلا نحو مرتين، لم ألتق في الأمسيات شلل السكارى الذين يتصايحون بسبب وبدون سبب.. ولا أعتقد أن ذلك ناجم عن كون الألمان من «عيلة محافظة» ويتفادون حركات قلة الأدب في الأماكن العامة، بل لكونهم مش فاضين.. هذا شعب عسكري الروح وكل شيء عنده مضبوط بإيقاع ومواقيت معينة.. «عالم جارية».. تركض وتلهث، وأغرب ملاحظة هي أنني انتبهت إلى قلة عدد من يستخدمون الهواتف الجوالة.. طبعا كل شخص في ألمانيا لديه هاتف جوال، ولكنهم لا يستخدمونها إلا للشديد القوي، وليس كما هو الحال عندنا كأداة للتسلية.

ثم قررنا استخدام الباص السياحي الذي ينقل السواح إلى مختلف أرجاء المدينة البديعة نظير ١٨ يورو، وكان الدليل السياحي يعطي وصفا للأماكن التي نمر بها: شوخشاختن باختن نشترابشترا بوخن توخن بوف توف.. أو كلام من هذا القبيل، ورجحت أنه يشتمني وزوجتي لأننا كنا الوحيدين من ذوي البشرة الداكنة في الحافلة، وفي محطة للسكك الحديدية نزلنا من الباص لتناول بعض الطعام وجاء باص تابع لنفس الشركة وركبنا فيه لاستكمال الجولة، فسألني الدليل السياحي عما إذا كنا نفهم الألمانية فأجبنا بالنفي فقرر أن يقدم لنا صورة صوتية للأماكن التي نمر بها بالإنجليزية، فقلت له: شكر الله سعيك، وبعدها بقليل صحت فيه: الله يخرب بيتك.. فبعد برطمة بالألمانية سمعته يقول بالإنجليزية إننا داخلون للـ«ريد لايت ديستريكت».. وإذا كنت لا تعرف الإنجليزية فاحفظ الكلمتين التاليتين جيدا: ريد لايت thgil der فإذا قال لك شخص هيا بنا إلى منطقة او غرفة ريد لايت فاصفعه برجلك على خده (ما لم تكن أنت من زبائن مناطق الريد لايت).. صحت بسرعة في أم الجعافر: تنقبي يا أمة الله وأوع ويا ويلك لو حاولت تبصبصي حتى من تحت النقاب.. حاولت ان تتساءل: مالك؟ في شنو؟ صرخت: هس ولا كلمة.. وطي رأسك حتى تسمعي مني صفارة الأمان.. عن اليمين وعن اليسار كانت مشاهد ما هو معروض في واجهات متاجر تلك المنطقة الـ«ريد» أي الحمراء، من الصنف الذي يجعل ليدي غاغا تبدو بدوية أفغانية.. ويبدو أن الدليل السياحي كان يتقاضى عمولة للترويج لتلك المنطقة لأنه طفق يتكلم عما فيها بلغة شاعرية ويقترح أفضل الأوقات لزيارتها، و… بالقرب من كنيسة أمامها تمثال مارتن لوثر الذي قاد الانشقاق عن الكنيسة الكاثوليكية البابوية توقفت الحافلة كي يلتقط السواح صورا تذكارية فسحبت أمّ المعارك وقلت لها: ما بدهاش.. نركب تاكسي ونرجع الفندق، ورغم النقاب فقد تسربت الكلمات التي كان الدليل يتفوه بها إلى أذنها بحكم أنها تعرف الإنجليزية، وبالتالي رحبت بمغادرة الحافلة وكأن لسان حالها يقول: نودي وشنا وين لو شافنا شخص ونحن في هذا الباص؟ المهم اعتبرنا الباصات السياحية ملوثة، وقررنا ان نمارس الصياعة فقط في دائرة قطرها كيلومتران ومركزها الفندق، وهكذا لعبنا على المضمون والشرف «المصون».
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

‫2 تعليقات

  1. ( المهم اعتبرنا الباصات السياحية ملوثة، وقررنا ان نمارس الصياعة فقط في دائرة قطرها كيلومتران ومركزها الفندق، وهكذا لعبنا على المضمون والشرف «المصون» )

    إذا أردت أن تذهب إلى رحلات سياحية في أوروبا بشكل عام فلا تذهب عن طريق الباصات السياحية لأنهم يعتقدون بأن السُياح لم يأتوا إلا رغبة في (الصياعة) الفعلية .. وليس كصياعتك أنت و (أم الجعافر) .. تحياتي لك و للعزيزات (رفاء) و (سودانية) ولكافة القراء .

  2. ياابو الجعافر انت وحرمك المصون ما الذى دعاكم للذهاب لتلك البلاد والاماكن كان خيرا لكم بلادكم ارض النيل والحضارة خاصة هذه الايام الفول الجديد طلع والجو مهبهب ثم انك بتعمل للشباب دعاية للذهاب لتلك الاماكن يمكن انت وكيل لهانبورغ وبرغر ودجاج كنتاكى