رأي ومقالات

المؤتمر الوطني بالنسبة لمسألة السلام حاله، حال شجرة في دارفور تسمى شجرة المرفعين

في برنامج «بلا حدود» كان المتحدث النائب الأول لرئيس الجمهورية، وكان الحديث بلا حدود وهأنذا أدخل في الموضوع بلا موانع. ابتدر النائب الأول حديثه أن الرئيس لن يرشح نفسه للرئاسة في الانتخابات القادمة ولكن القرار النهائي بيد الحزب..
نحن دائماً نطرح المسألة الغلط من يحكم السودان؟! في حين أن السؤال يجب أن يكون كيف يُحكم السودان، فالرئاسة أمر جانبي ولكن الأهم هو الكيفية التي يُحكم بها السودان، وهذا لم يناقش على أي مستوى، فالذي يحكم هو المؤسسية وهو في حد ذاته الديمقراطية والحرية وكل شيء.. إن نظام الحكم في السودان رغم تباين مكوناته إلا أنه رغم هذا التباين يحافظ على بقائه، فأي طرف فيه يعتمد في بقائه على بقاء الطرف الآخر. كما تحدث عن تعديل وزاري خلال أسبوعين سيكون للمؤتمر الوطني النصيب الأوفر باعتباره ممثلاً لحزب الأغلبية، كما أن هناك استعدادًا لإشراك أكبر قدر من القوى السياسية، كما أشار أن الحكومة القادمة ستتولى ملفات السلام والانتخابات القادمة. أكبر قدر من التمثيل يعني وزارات جديدة تستوعب أكبر قدر وهذا يعني زيادة في الإنفاق الحكومي، وبالرغم من الزوبعة والاحتفالات باتفاقية السلام الشامل.. ركز عزيزي القارئ على «الشامل».. نجد أن الحكومة الجديدة سيكون من أكبر مهامها ملف السلام، الذي تم التوقيع على اتفاقيته قبل ثماني سنوات، وهذا يؤكد أن الذي حدث في نيفاشا ليس سلامًا ناهيك عن كونه شاملاً.. والمؤتمر الوطني بالنسبة لمسألة السلام حاله، حال شجرة في دارفور تسمى شجرة المرفعين، وقد اكتسبت هذا الاسم بالرغم من أن السيد المرفعين ما شوهد نائماً تحت ظلها أو رآه أحد يأكل من ثمارها ولكنها رغم أنف السيد المرفعين مسماة باسمه!! أما حديثه عن الإسلام فهو في قلب كل سوداني وبدرجات متفاوتة لكن ما في قلب النظام من الإسلام لم يتم تطبيقه بالعمل.
ثم يأتي إلى الزيادات في أسعار المحروقات والتي ألهبت السوق وأضافت للمواطن عجزاً على عجزه العاجز أصلاً، وقال إنها لإصلاح الاختلالات بعد انفصال الجنوب الذي ذهب بـ 80% من مداخيل الدولة!!
يعني بالبلدي كده المواطن يدفع 80% من الدخل القومي!! أين الموارد؟ أين الصادرات؟! أين الإنتاج؟! لقد انعكست النسبة تماماً فميزانية الدولة، أي دولة، تعتمد نسبة 80% إنتاجًا، وعشرين في المائة ضرائب، كيف كانوا يفكرون حين تم اقتسام الثروة؟! ألم تكن تلك الأرقام ظاهرة للعيان؟!
الاقتصاديون الحكوميون قالوا إن الانفصال لن يؤثر على السودان وعلى رأسهم وزير المالية ثم يأتي النائب الأول بعد ثماني سنوات ليقول العكس تماماً!!
ثم دلف إلى الاقتصاد الذي يقول فيه إن السودان خطا خطوات ملحوظة نحو الاكتفاء الذاتي، وهنا نفى النائب الأول ما قاله قبل دقائق، إذ كيف يخطو السودان نحو الاكتفاء الذاتي ومواطنه يدفع 80% من الموازنة في شكل ضرائب، إن الذي حدث هو اكتفاء ذاتي بالرسوم والجبايات والضرائب بلغ 80% ولا شيء غير ذلك!!
وبمناسبة الاكتفاء الذاتي هذه أود أن أسأل ماذا قدمت ما يسمى بالنفرة والنهضة الزراعيتين حتى يخطو السودان نحو الاكتفاء الذاتي، كم من الاستهلاك في المواد الغذائية كالذرة والقمح وفرتا للمواطن!! وكم النسبة المئوية التي تبقت من الاستهلاك يتم استيرادها لسد الحاجة؟! الفساد يحارَب في السودان!! أحرب سرية يا ترى؟!! غير معلنة؟، التجنيب أليس فسادًا؟!
الفساد لا يحارَب في السودان ولأمر بسيط هو أن لا أحد يتحمل مسؤولية ما يفعله، وطالما الأمر كذلك يجد المفسد الذي لا يتحمل أية مسؤولية عن فساده المجال أكبر وأوسع ليفسد في الأرض!!
نأتي إلى أبيي والتي يعلم كل طفل في السودان لم يدخل الابتدائية أنها ضمن حدود 1956م وهي ورصيفاتها جنوب كردفان والنيل الأزرق تضمهما تلك الحدود!! ما الذي جدَّ؟! لقد دخلت هذه المناطق في الاتفاقية لإرضاء أفراد على حساب قبائل عربية كانت أم إفريقية!! الانفصال الذي سبب كل هذه الانفجارات والاتفاقية التي كتبت عنها أقلام النفاق أن موقعيها يستحقون جائزة نوبل للسلام هذه نتائجها، إن انفصال الجنوب أمر يعارضه القانون الدولي، فتقرير المصير تناله الأمم والشعوب ذات اللغة والثقافة المشتركتين، هذا نص مادة في القانون الدولي لا أذكر رقمها ولكنها موجودة، ولعل النائب الأول وهو قانوني أدرى مني بها!! الاتفاقية بعد أن فصلت الجنوب وضعت ألغاماً تنفجر الواحد تلو الآخر ليتمزق السودان ويتفرق أيدي سبأ!! إن ربع قرن من الزمان كاف جداً لنهضة دولة حتى وإن دمرتها الحروب، فاليابان وألمانيا تم تدميرهما ولكنهما خلال هذه المدة بل خلال عشرين عاماً بعد الحرب كانتا أقوى اقتصاديات العالم!!
كوبا التي يجري حصارها منذ ستين عاماً جابهت الحصار بكل إصرار واليوم كوبا تفخر بأن بها أحسن رعاية صحية في العالم، وما دام المواطن في صحة جيدة فإن إنتاجه يزيد فلماذا نعلق فشل النظام على شماعة الحصار؟!!
د. هاشم حسين بابكر