جعفر عباس

آآآخ لو كنت ألمانياً!!

[JUSTIFY]
آآآخ لو كنت ألمانياً!!

أعيش في منطقة الخليج منذ نحو ٣٠ سنة، ومن ثم فإن هناك الكثيرين من أهلي ومعارفي المقيمين في السودان يحسبون أنني غارق في النعيم.. بالتأكيد فإن العمل في منطقة الخليج منحني مستوى معيشيا لم أكن أحلم به عندما دخلت الحياة العملية، وأتاح لي السكن والراتب المريحين.. ولكنني مثل كل العمالة المهاجرة لا أملك ترف اتخاذ قرار بترك العمل والاستمتاع بـ«التقاعد».. فلن يكون لي راتب تقاعدي وعاجلا أو «عاجلا جداً» سيصلني خطاب: شكر الله سعيك.. وبما انك وصلت الى سن التقاعد أعطنا عرض أكتافك (ولكن تحسبا لمثل تلك المفاجآت غير السارة فقد حصلت على عدد من شهادات الميلاد التي تثبت أن الذي بيني وبين سن التقاعد كالذي بين طالبان والأمريكان.. وبالضرورة فمع شهادات الميلاد المزورة بطرق رسمية غير قانونية، جوازات سفر بعضها يثبت أنني من مواليد ١٩٧٥ وبعضها أنني مازلت طالب دراسات عليا.. وتبعا لذلك فإن لدي شهادات دراسية وشهادات خبرة عملية بطريقة لكل حادث حديث.. باختصار: لو مد الله في أيامي فلن أغادر منطقة الخليج ما لم أسمع ان السودان قدم قرضا لليابان).

نفسي وأمنيتي أن أتقاعد، أن أنال حريتي.. أتصرف بوقتي كما أشاء.. هناك كتب كثيرة أتمنى لو أملك الوقت لقراءتها، وكتب أخرى أتمنى تأليفها.. لا مانع عندي من أن أظل أعمل حتى أموت أو أصاب بالعجز التام ولكن بدون رئيس او مدير.. ولهذا حسدت الألماني آرنو دوبل.. عمره الآن ٥٤ سنة.. ترك المدرسة وعمره ١٦ سنة ليصبح نقَّاشاً أي عامل دهان وطلاء، ولكنه سرعان ما قال لنفسه «ما بدهاش»، ولم يلتحق بعمل طوال حياته.. ما حاجته الى العمل والحكومة الالمانية ظلت تعطيه شهريا ٦٥٠ يورو أي نحو ٨٠٠ دولار وليس عنده محمد أو فاطمة (كما نقول في السودان عن الشخص الذي لا يحمل أعباء عائلية).. وقد سبق للسيد دوبل ان ظهر في العديد من البرامج التلفزيونية ليشرح لماذا ظل عاطلا نحو ٤٠ سنة.. وكانت ردوده منطقية: العمل مرهق ويبدد القوى.. ولهذا لا يعمل سوى الأغبياء.. «الجميل» في الموضوع انه كان يتقاضى نحو ٧٠٠ دولار عن كل مشاركة تلفزيونية.

وأكثر ما أعجبني في دوبل هذا أنه كسول محترم.. كسول على مستوى.. فعنده مدير «أعمال»!! نعم شخص ليس عنده عمل وعنده مدير أعمال.. شوف العز.. ودور مدير الأعمال هذا هو ان يشتري له – مثلا – تذاكر القطارات والطائرات وتوصيل وجبات الطعام الجاهزة (هذا الشخص ألماني وليس سودانيا ايها الخليجيون المفترون الذين ألبستمونا تهمة الكسل).. وفي ألمانيا جمعية للكسالى تشجع أعضاءها على تقليد الدببة، والمعروف ان الدببة القطبية تروح في نومة حوالي ٦ شهور، وتصحو على أقل من مهلها وتذهب إلى حيث تتوافر أسماك السالمون وغيرها فتصطادها من دون بذل كثير جهد.. عندك مانع نتبادل جوازات السفر يا آرنو دوبل؟

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email][/JUSTIFY]

‫5 تعليقات

  1. شكرا عبدالله على فقدك لنا الأيام الماضية ، فقد شغلتني بعض الأشياء عن التعليق لكنها ما شغلتني عن القراءة ولا متابعة تعليقاتكم الحلوة.
    وعن مقال اليوم أقول العمل قيمة مجدها ديننا الحق ،لذلك جاء في الأثر أن أنبياء الله كانوا يأكلون من عمل أياديهم، وكل مخلوقات الله خلقت عاملة :نملا ونحلا ونخلا ….الخ .
    أنا أحب الأمثال المصرية فهي تمثل الواقع خير تمثيل ، ومن أمثالهم ما يذم اليد ” البطالة “التي لاتعمل ولا تكد.
    أما قناعتي التي اكتسبتها خبرة من واقع حياة أعيشها فتتلخص في رؤيتي لأصناف البشر ، فمن البشر من يعمل حتى يمل العمل من عمله، وصنف لا يعمل لكنه يتذاكى بفهلوة ، أو قل يتفهلو بذكاء فيظهر للناس كأنه مقطع نفسه في العمل ، وصنف مسكيييين يعمل لكنه يبخس عمله فأمره موكول إلى الله علام الغيوب ،وصنف معدوم الضمير يعيش على سرقة جهد الآخرين بل ويلمع نفسه به، لأن نفسه هي المحور ولا شئ سواها .
    فهل من أصناف أخرى ؟ ومنكم نستفيد.
    أخيرا جعلنا الله وإياكم من الذين يأكلون من عرق جبينهم كسبا حلالا طيبا مباركا فيه ، ودمتم بالود تجمعنا هذه الصفحة الناصعة الرائعة.

  2. سلام يا رفاء كم أنتي مبدعة و متفردة ولكن دعيني أختلف معك قليلا” .. ما المانع من أن يعطي الشخص منا نفسه راحة عن الحياة الروتينية ؟؟؟ فالقلوب تمل و (تزهج) وكما قال علي كرم الله وجهه و رضي عنه : روحوا عن القلوب فإن القلوب تمل .. لذلك أنصح نفسي والجميع بأن يروحوا عن أنفسهم قليلا” بالسفر أو بإعطاء النفس إجازة عن الأعمال الروتينية .. فنحن نمل و نتعب و نكسل .. ونحتاج أحيانا” إلى المزاح وإلى (الفهلوة) قليلا” .. حتى نرتاح في عملنا و نؤديه بوجهه المطلوب .. تحياتي لكي أيتها المبدعة و تقبلي إختلافي فإختلاف الرأي لا يفسد للود قضية و شكرا” .

  3. صفة الكسل هذه اطلقها على السودانيين ( الاخوة المصريون)كيدا وحسدا وصدقها الخليجيون الذين هم اكثر كسلا والدليل اعتمادهم على الاجنبى فىكل شئ

  4. سلام عبدالله وشكرا. أنا أحب أن أسمع الآراء الأخرى فهي لا تفسد الود بل تثري وتفيد وتفتح نوافذ رحبة في عقول الآخرين وتقوي صلاتنا بهم.
    اختلافي مع أبي الجعافر في موضوع التبطل العمر كله، فلا يعقل أن يظل إنسان ما عمره كله عاطلا لا يقدم شيئا للحياة ،أنا أحب صناع الحياة ،لذلك تجدني أقف طويلا عند المعنى العظيم الذي تضمنه حديث المصطفى “صلى الله عليه وسلم”الذي يوجه فيه إلى غرس الفسيلة التي تكون بيد أحدنا ،فقد أمر بغرسها حتى لو قامت القيامة “فليغرسها”، أي روعة وأي صنع للحياة يماثل هذا، فحتى القيامة لا ينبغي أن تعوقنا عن تعمير هذا الكون ولو كان في لحظاته الأخيرة.
    أما الراحة والاسترواح فلا بد منها فهي تجديد للنشاط والقوى “بدنيا وعقليا ونفسيا”.دمت أخي عبدالله ودامت أفكارك النيرة إثراء لناومتعة.

  5. كم اعاني من الكآبة وأنا أتنقل بين الصحف والقنوات . وأشعر ان هذا المسلك لابد منه للاطلاع على العالم ومستجداته . وأجد نفسي تتوق الى الراحة .وألجأ الى أخواننا الكسالى …. طبعا انا سعودي وأساتذتي وزملاء العمل وكثيرون ممن اعترف لهم بالجميل عملا وسلوكا وأخوة هم من اهلنا من بلدكم السودان العظيم بأهله وطيبتهم وشهامتهم ( مش هيك بدك استاد جفري(
    وعودا الى الراحة .. يعلم الله أنني لا اجد راحتي الا في هذه الدار النيلين الحبيبة وسكانها الأفاضل ومنهم جعفر عباس الكسلان سلامي لكل اهلي وأخواني وأخوتي في السودان. احمد الزهراني