نسوة في النيل الأزرق«2»
[JUSTIFY]
ما زلت في حضرة قرى النيل الأزرق.. تحديداً في قرية (أبوقمي).. وفي أحد الصباحات التأملية للقرية وأنا أشق الحشائش إلى النسوة قبل أن ينتشرن في مواضع الزراعة البعيدة والصباح بندى الطل على الأوراق الخضراء.. وجدت نفسي أغوص عمقاً في حياة لم آلفها.. فقد جئت من منطقة الجريف غرب بعد أن درست بمدارس العاصمة وتخرجت في جامعة الخرطوم العريقة وتحصلت على ما يعينني من العلوم البيطرية لأجد نفسي أعمل بعيداً عن العاصمة في مدينة (الدمازين) الخضراء.. تم الانتداب للعمل بمشروع جنوب الروصيرص للتنمية الزراعية في مشروع تموله (إيقاد) لأجد نفسي في ذلك الصباح وأنا أدفع عني الحشائش التي ترتفع حتى تكاد تغطي قامتي.. وأنا أغدو لملاقاة بعض النسوة لفتح أبواب وقنوات للتواصل معهن من أجل بعض البرامج التوعوية التنموية خاصة أن أغلبهن قد فاتهن قطار التعليم.. أو قل لم تسمح الظروف لهن بأن يكون التعليم أولوية.. ما دامت حياتهن بذلك الرهق العظيم هب أنهن جنحن للتعليم.. فمن سيوفر لهن المياه التي تأخذ معظم يومهن ويتطلب الأمر لجلبه الكثير الكثير وحياتهن من هذا الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي.. يحملن تبعات هذه الحياة القاسية.. لا أكذبكم القول إنني كنت أتشكك في تعداد الرجال بتلك النواحي بأنهم الأقل.. لكن لا أملك رقماً أفاصل به شكي ويقيني ولكن أعرف بعضهم في الجمعية أو قل من يتحدثون في شؤون الزراعة والقرى وجميع أمور القرى.. لأنه عند الركون للاجتماعات والمحادثات والتفاوض في الأمور المهمة تنزوي النسوة بعيداً.. أذكر جيداً تلك الأمسيات التي نجيء فيها ضمن وفد المشروع للطواف بتلك القرى.. حيث تسبق النساء بعض الإخوة لتثبيت وإدارة المولد الكهربائي.. ليتصدر الرجال المجلس وتركن النساء إلى الزوايا البعيدة وتكاد تنقطع أصواتهن إلا من أمر جلل يستفزهن.. فيخرجن بعض الأنفاس الحارة تجاه معاناتهن ولا تكاد تتعدى مطالبهن (البئر الطاحونة وشق طريق للخريف.. لم أسمعهن يوماً يطالبن بمدرسة لكنهن شغوفات بالأعمال اليدوية خاصة السعف.آخر الكلام:
رأيتهن في تلك القرى قنعن بحياة يتصدرها الرجال عند الحديث وتصمت النساء للعمل.. والحياة هناك في كثير من نواحيها تقوم على أكتافهن.
[/JUSTIFY]
[LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT]سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]