تحقيقات وتقارير

الطريق إلى الموت قسراً: مستشفيات الطوارئ من يوقف هــذا النزف?

[ALIGN=JUSTIFY]كانت الكلمات تخرج حزينة من ذلك الشاب وهو يروى لى اللحظات الاخيرة التى قضاها بجانب احد اقاربه داخل مستشفى طوارئ الخرطوم حين قال لى ( لقد كان قريبى ذلك يعمل طبيبا واصيب فى حادث مروري وقد حضرت الى المستشفى بعد وصوله اليها بوقت قليل وجدته فى قسم طوارئ العظام تحدثت اليه وعلى الرغم من انه كان يطلب من الذين يسعفونه ان يعالجو اولا الكسور التى فى صدره لايقاف النزيف الا ان معظم الاسعافات كانت تتم للكسور التى فى اقدامه كان ذلك قبل ان يدخل فى غيبوبة طويلة لم يفق منها ابدا) .
وتمضى حكايا المواطنين مع المستشفيات وقصصهم داخل اقسام الطوارئ حيث تروى احدى الامهات التى طلبت عدم ذكر اسمها للصحافة قصة ابنتها التى اصيبت فى حادث مرورى وتقول (ان ابنتها اصيبت فى حادث مرورى قبل (4)اشهر وكانت تعانى من كسور واصابة فى الرأس و تم اسعافها ومعالجة الكسور وتم تشخيص اصابة الرأس على انها عبارة عن خدش بسيط ولم يعيروه الاهتمام اللازم وبعدعودتها الى المنزل ظلت تعانى من آلام شديده و اصيبت بعدها بالشلل النصفى لليد والرجل وبعد اعادتها الى المستشفى تبين ان اصابة الرأس كانت هى السبب فى الاعاقة الجزئية نتيجة لوجود نزيف داخلى لنبدأ من جديد فى اجراء عمليات جراحية لازالة الشلل النصفى .
ولعل هؤلاء لم يكونوا افضل حالا من آخرين ذهبوا الى المستشفى ولم يجدوا الاختصاصى الذى يمكن ان يسعف حالتهم وقد سألت احد الذين تضرروا من هذا الامر العمدة محمد الحسن والذى حكى لنا قصة معاناة شقيقةه المتوفى بعد ان تجول به فى المستشفيات فى ايام عطلة العيد قائلا (لقد اصيب شقيقى بغيبوبة مفاجأه فى ثانى ايام العيد وذهبت به الى مستشفى ابراهيم مالك باعتباره الاقرب لمكان السكن ومن ثم تم تحويلى الى مستشفى الشعب وهنالك وجدت فى عيادة المستشفى احد الاطباء وقد وضع امامه مجموعة من الاوراق وطلب منا التوجه الى حوادث الخرطوم لانه لايوجد اختصاصيون عاملون فى مستشفى الشعب للحالات الطارئة اثناء اجازة العيد . وفى مستشفى الحوادث تم تقديم الاسعافات الاولية ولكن لم نعرض على اختصاصى وظللنا فى عنابر المستشفى فى انتظار الاختصاصى الى ان انتهت عطلة عيد الاضحى بالعنبر وبعد 7 ايام من اقامتنا داخل المستشفى وصل الاختصاصى وبعد ساعتين من وصوله فارق اخى الحياة )
ومابين حكايات المرضى وصافرات انزار سيارات الاسعاف تتباين المواقف على قدرة المستشفيات فى استقبال الحالات الحرجة والطارئه للمرضى والتى ساءت ظروف معالجتها لتظل النتائج معلقة مابين الاهمال اوعدم التوفيق فى تقديرات العلاج المناسب وتصريفات الاقدار لكن الدور الاساس لهذا الامر يتركز فى المستشفيات ومدى استعدادها0 ولماذا اصبحت بوابات للخروج اما للعودة بمشكلات صحية اكبر او خروج الى حيث اللا عودة ومن بين تساؤلات باتت تتكرر فى شكل اتهامات ان المستشفيات اعتمدت على اطباء الامتياز فى ادارة حالات الطوارىء و الحوادث رغم حداثة خبرتهم وخطورة المهام الموكلة اليهم الى جانب ندرة الاختصاصيين فى اقسام الطوارىء والحوادث. وقد سألت البروفسور عبد العظيم كبلو نقيب الاطباء السودانيين عن موقفهم من هذه القضايا فقال لى ان النظام الذى يعمل به فى المستشفيات السودانية يتماثل مع كل النظم العالمية لادارة مستشفيا ت الحوادث والطوارىء واطباء الامتياز يمثلون جزء اساسيا فى هذه العملية بجانب الاطباء العموميين والاطباء الاختصاصيين ونوابهم وفي حالة عدم وجود طبيب اختصاصى بصورة دائمه من الناحية العملية غير ممكن لهذا فالاتجاه الى انشاء تخصص طب الطوارئ وهوتخصص جديد فى مجلس التخصصات الطبية لمقابلة الحالات الطارئة بجانب نواب الاختصاصيين والاطباء العموميين من نفس التخصص . وسيبدأ هذا التخصص من هذا العام وعلى الرغم من ان ما ذهب اليه بروفسور كبلو يعتبر خطوة فى الاتجاه الصحيح الا ان الاعتماد على الاختصاصيين فى الطوارىء يحتاج الى الكثير من الاجراءات العملية من قبل وزارة الصحة الاتحادية والوزارات الولائية و قد اشارت وزارة الصحة ولاية الخرطوم الى ذلك حينما اوردت في تقاريرها للاداء العام 2007 جاء فيه ان تنفيذ الاختصاصيين للعمليات الجراحية اقل من 50% هذا ومع وجود تدني في الحضور للعيادات المحوله وعدم الانتظام في الانشطه اليومية بالمستشفيات والمناوبات وعدم الانتظام في تنفيذ الانشطه الاكاديميه والتي تبلغ اقل من 60% بالاضافه الى النقص في نواب الاختصاصيين في كثير من المستشفيات اعلنت على اثر ذلك عن وضع معالجات لحل المشكلة ووضع محفزات والتشديد في الحضور والانصراف مشيرة الى وجود 2000 كادر طبي بتعيين مؤقت مما اسهم في استنزاف موارد المستشفيات على الرغم من تثبيت 800 منهم ويذهب الدكتور الوليد عبد العزيز مدير ادارة التخطيط بالطب العلاجي بالوزارة في تفصيل ذلك الامر من خلال (ورقته تفعيل دور الاختصاصيين) والتى قدمها فى ورشة ترقية الاداء بمستشفيات بالولايه ، ان تحليل الوضع بالمستشفيات خلال عدد من المسوحات والتي وردت في تقرير الاداء للعام 2007م كشفت بان تنفيذ الاختصاصيين للعمليات الجراحية اقل من 50% وتدني تنفيذهم للانشطه الاكاديميه وحضور العيادات المحوله تشمل ضمان تواجد الاختصاصيين اثناء الدوام اليومي لضمان تقديم خدمات علاجية بجودة عاليه وتحقيق تطبيق قرار وزارةالصحة الاتحادية بالزاميه التواجد مبينا ان تطبيق ذلك يقتضي توفير بعض المحفزات الماليه شهريا للاختصاصي المتميز بجانب الابتعاث للتدريب بالداخل او الخارج والترقيات الاستثنائيه .
و قد طالب الدكتور رابح برير رابح مدير مستشفى الاكاديميه والذى عقب على الورقة فى نفس الورشة الى تفعيل دور الاختصاصي من خلال العمل في الجانب الحكومى بما يستلزم توفير الامكانيات اللازمه وتفعيل الخدمات الاخرى كالتمريض وتحسين بيئة العمل0
وتعتبر هذه التقاريراعترافا حكوميا محددا لحجم المشكلة ومقرا بان هنالك اهمال ما يواجه المرضى وبخاصة فى اقسام الطوارئ يذهب ضحيته الكثير من عاثري الحظ الذين رمت بهم الاقدار الى حيث لايوجد اختصاصيون او مسعفون مدربون على الحالات الطارئة ولكن الامر يمضي الي اكثر من ذلك في بعض الحالات فقد اوردت جريدة الصحافة في يوم 7 أبريل 2008م خبراً مفاده ان مستشفى الخرطوم قامت بايقاف احد اختصصايي الباطنية وارجاعه الى ادارة الطب العلاجي بالوزارة وذلك لانه يتغيب عن متابعة حالات المرضى في المستشفى . ولكن نقيب الاطباء يرفض ذلك الامر وان لم يكن بشكل كامل حينما قال للصحافة (نحن لاننكر وجود شكل ما للاهمال ولكن هذا ليس هو السبب الرئيسى لصعوبة معالجة بعض المرضى او ازدياد معدلات الوفيات ولان معظم الاسباب تكون نتيجة لتأخر حالاتهم الصحية ولكن مع ذلك فإن تخصص طب الطوارئ هو احد الحلول المطروحة خاصة انه تخصص جديد ونادر على المستوى العالمى والعدد المتدرب عليه من فئة الاطباء العمومين فى السودان بسيط.
لكن ثمة امر آخر فالمستشفيات لم تكن وحدها السبب فى ازدياد حرج لحالات المرضى ومعدلات الوفيات فهنالك اسباب ضاعفت من المصاعب على المستشفيات التى تندر فيها تخصصات الطوارىء فحوادث المرور المروعة هى الاشياء التى تلقى بظلالها السالبة على قدرة المسعفين فى انقاذ كثير من الحالات وترجع اسباب الكثير من تلك الحوادث الى اشياء من قبيل عدم الالتزام بضوابط المواصفات ويفسر ذلك حديث مدير ادارة المرور اللواء شرطة الطاهرمحمد احمد حول تشديد الاجراءات بشأن الاطارات ذاكرا للصحافة بأنها في الفترة الاخيرة تسببت بشكل مباشر في وقوع عشرات الحوادث على طرق المرورالسريع خلفت وراءها 37حالة وفاة، و46 اذى جسيم وبسيط ، 135 تلف، مع العلم ان الاحصاءات لم تشمل سوى عشر ولايات سودانية .وتقف بجانب حوادث المرور حالات الاصابات نتيجة للمشاجرات والاعيرة النارية والازمات القلبية ونوبات امراض السكرى وغيرها من الحالات التى تكون فى غالبيتها فى حاجة الى تخصص دقيق لحظه وصولها الى الطوارئ والحوادث بالمستشفيات .
ويبدو ان وزارة الصحة الاتحادية قد تجاوزت مرحلة تقييم الاوضاع الى مرحلة اتخاذ خطوات عملية للحد من ظاهرة التدنى فى تقديم الخدمات العلاجية فقد ذكر وكيل وزارة الصحة الاتحادية الدكتور كمال عبد القادر فى لقاء له مع الصحفيين الاسبوع الماضى ان الوزارة بصدد اتباع نظام قوائم الاختصاصين فى اقسام الحوادث .وقال ان هنالك نماذج لحالات كانت تحتاج الى اختصاصيين مثل الحالة التى حدثت فى قسم العظام بمستشفى ام درمان بوضع الجبص فى اليد السليمة بدلا من المصابة وحالة وفاة الصحفى حسن ساتى فى مستشفى الشرطة ولكن الوكيل شدد على ان تتم توفير الامكانيات للمستشفيات من ثم تطبيق الضوابط الصارمة .
ولاتزال صافرات الاسعاف تمضى فى شوارع الخرطوم تؤكد بأن هنالك الكثيرين ممن يحتاجون الى خدمة طبية عاجلة ومتخصصة وحتما لن ينتظر هؤلاء ان يكمل مجموعة من الاطباء تخصصهم فى طب الطوارئ الى ما بعد أربع سنوات قادمة .
أمين أحمد :الصحافة [/ALIGN]

تعليق واحد

  1. كلمة حق أريد بها حق………..
    بادئ ذي بدء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    لست أدري حتي متي يمتد الطوفان يجرف خلفه الأطباء لا يبقي لهم خصلة من انسانية..
    أنا طبيب لي خمس مناسنوات قضيتها أعمل في مهنتي التي كان يقال عنها أنه انسانية, وهي كذلك بالفعل. الا أنها في مسماها مهنة يمتهنها انسان مُله مثل اي انسان اخر منهم الصالحون ومنهم مادون ذلك..
    كيف ذلك؟؟
    نعم , الطبيب وقبل التحاقه بمدرسة الطب لا تجري له معاينة تحدد معايير انسانيته أو تقيس مدي ماسيقدمه للانسانية من خدمة طبية بصدر رحب اوضيق , انما تميزه الأكاديمي في التعليم قبل الجامعي بشتي المسميات هو ماكان بصدد الالتحاق بتلكم الكليات..عليه فهو أولا انسان علي الفطرة تحكمه رغباته الانسانية واحتياجاته الدنيوية التي لا مناص منها والكائنة لدي كل بشري يمشي علي هذه البسيطة….
    ثم ماذا؟؟؟؟
    ما يميز هذا الطالبالي جانب كونه نجيبا ولو لم يكن كذلك ماكان له الحظ في اللحاق بركب من سبقوه الي الطب دون أقرانه, مايميزه هو شئ وقره الله تعالي في نفسه فأرشده الي هذا الطريق الصعب الوعر المحفوف بالجهد للحفاظ علي الارواح باذن من خالقها , باذلا راحته وكل حياته في سبيل ما اختاره وقدره له الله تعالي …
    كان هذا ديدن الاطباء وماكان هنالك من يستطيع أن يتكلم بالكلمة في حقهم عسي أن يصيبهم بجهالة…..
    ماذا الان…..
    الان صار الكل ينهشهم ويرميهم بما هم بريؤن منه ..كيف لا وهم يوصفون بالقتلة حينا والفجرة حينا اخر , ألا توجد مهنة في هذا البلد غير مهنة الطب تلفت الانظار عنا ولو لبرهة لتتركنا نمارس عملنا ومهنتنتا في صمت ….اننا قد تركنا مكافأتنا لله جل وعلا…
    عندما كنت في الا متياز كنت ارفض أن اعمل في عيادة خارج دوام عملي وكان البعض يفعل ذلك, لست من أسرة غنية ولكنني كنت رافضا للمبدأ ولكنني كنت أشعر أحيانا في أمس الحوجة لفعل ذلك فكلنا يعلم حاجة الاسره لأن يساعدها ابنه الذي تخرج,في أي مجال كان, لأن يمدها بما يسد رمقهم ويقارب احتياجهم في معيشتهم..
    ماذا حدث لهؤلاء الأطباء الذين ظل الكل بظنهم ملائكة الرحمة فاذا بهم للعذاب أقرب…
    ليس هنالك من اجابة سوي ضيق ذات اليد التي كست كل بيت وتحسونه ولا ينكره الا مكابر ….
    تعليق ……..
    لماذا لا تترك مهنتك اذا صرت كذلك فهذه مهنة انسانية؟!!!!
    جد لي مهنة أخري في هذه الأيام الشائكة الدروب وأتعهد لك بتركها …
    غياب الاختصاصيين….
    من قال بأن كل حالة تستلزم تواجد اختصاصي لمعالجتها أو حتي متابعتها!! ليتهم يتركون لصغار الأطباء , كما يسميهم الناس , مباشرة عملهم الذي من أجله قد أفنوا ست سنوات كي يجدوا الحصي والحجارة من فوق رؤوسهم يتقاذفهم به الناس….
    جاري المعلم……
    لي جار منذ ميلاد والدتي يعمل معلما …كان يهدد ويندد بالدروس الخصوصية , الان يجري علي بناته يعولهن ويتكسب بالدروس الخصوصية .. تري لماذا وقد وهن العظم منه …. انها الحاجة يا أمة الخير …من يستطيع أن يأخذ عليه مافعل ..
    هل ياتري من يدرك مقدار ما يقبض الطبيب في اخر الشهر من اجرة؟ وكم منها مايصرفه علي بعض المرضي الذين لا يجدون حق الدواء في لحظة قد تكون الفاصلة في عمره والامر لله في كل شئ….
    هل ياتري ان وجد كل فرد منا مايكفي حاجته وحاجة اهل بيته هل لن تجده في موقع عمله؟؟؟
    كيف ان طالبك طفلك بدفع رسوم المدرسة واخر بحقيبة واخر …واخر لله الحمد من قبل ومن بعد
    وبالرغم من كل ذلك لا غنا للمرء من أن يطلب مساعدة الطبيب عند المرض فاتركوا ذرة ثقة للمواطن بنا عله يجد بعض الرضا منا والسلام اخرا…….