فدوى موسى

بابكر بدري في جنيفا (3)


بابكر بدري في جنيفا (3)
[JUSTIFY] الغروب في «جنيفا» يقارب في ميقاته ما قبل منتصف الليل هنا في السودان.. رغم أنني ملزمة على التعامل بتوقيت المدينة، إلا أن توقيت بلادي يفرض سطوته على بيولوجيتي وكيميائيتي ونفسيتي ومزاجي.. تراني اعتصر لحظات بعينها للرغبات اليومية من أكل وشرب وحركة… وهكذا أزاوج بين أيام الرحلة العشرة وما اعتدت عليه من عمري.. أدخل في «السيستم» وأنا أرى كل نساء الدول المنضوية تحت لواء منظمة العمل الدولية قد رتبن أنفسهن على النظام المتواجد داخل مبنى قصر الأمم المتحدة ومبنى منظمة العمل الدولي «ILO».. على ذلك أقرر أن لا أطلق العنان لاعتيادي، أو كما قال صاحب المذكرات الشيخ بابكر بدري «من فش غبينته انهدمت مدينته» إذن علي أن التزم بنظام مدينة الآخرين.. والجميل في الأمر إنني في حالة حديث داخلي دائم مع نفسي، عما أرى من نظام وترتيب في عقد المؤتمر المذكور.. لا أحد لا يقر بدقة التنظيم لهذا المؤتمر الذي يصلح لأن يكون تدريباً في حد ذاته.. فكل شيء معداً بصورة مسبقة.. وأرى نسوة العالم في كل أشكال السترة واللا سترة، ولكني قد أيقنت أن السترة ما أجملها وما أريحها.. والخواجية تقترب مني وتدفع لي بعبارة معلقة على لبستي «لماذا تخنقين نفسك؟» فاكتفي بأن افتر عن ابتسامة هادئة لعلها تدعوها لتدبر الفكرة «إن تخنق شابة نفسها خانعة طائعة» أو تكون دافعة لها للبحث عن أمر هذه اللبسة.. لا بأس أن تكون للنسوة خصوصية على هامش المؤتمر، حيث قدمت الدعوة لنا كنسوة بمختلف جنسياتنا للتداول حول «الجندر» ومفهوم خصوصية النوع في العمل، وفي الحقوق والواجبات، وأن أحادث نفسي كأنني أناجي الشيخ «بابكر بدري» ليتك شهدت أيام الجندر هذه، وعرفت أن «أم شلوخ» جنباً لجنب مع «المرهاء».. وتمضي الأيام وتحمل في طياتها التفاصيل كلها جملة وتفصيلاً.. ومن ثم تبقى هناك مساحة للمؤانسة في ثنايا الجزء الأول من كتاب «تاريخ حياتي» بصفحاته المئة وخمس وثمانين.. ربما ارتبطت هذه الرحلة من العمل بهذه الزاوية من حياة رجل سابق زمانه، ووضع لبنة أولى لتحرير عقول المرأة السودانية من موضع الجهل الى بدايات طريق النور والمعرفة.. حتى صارت تتجول في قلب أوربا واثقة الخطى والنفس.. مستورة بثوب قومها، متلفحة نفساً تتمنى أن تتواءم أنظمة الحياة العامة في كل جوانب العالم الأولى مع نموذج يصلح ببلادها فيما يتسق مع ارث وسلوكيات أهلها، فحقيقة أن الانتظام في الحياة والشوارع والمباني والأسواق والمحطات والمركبات هو سلوك الرقي والعالم الأول.. حتى أن جدلية داخلية لحوار فلسفي عن من يستطيع أن يبلغ ببلاده من عالمنا الثالث على عجل ذلك المصاف من العالم الأول.. ولا بد من التسليم بأن القوم قد سبقونا كثيراً في هذا الأمر.. وأنهم «ناس عندهم سيستم».

آخر الكلام:

اترحم صادقة على روح الشيخ بابكر بدري الذي صحبتني مذكراته في رحلة للعمق الأوروبي في احتفائية لرائع من بلادي، عبر بالمرأة الى عتبات الانطلاق، وجعل من الرحلة سبباً للوقوف عليه الحال وحال الآخرين.
[/JUSTIFY] [LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]