جعفر عباس

لماذا العربيقي


[JUSTIFY]
لماذا العربيقي

من المقرر أن يطرح كتابي الثالث «سيرة وطن في مسيرة زول»، في الأسواق السودانية خلال أسبوعين أو ثلاثة، وكنت خلال زيارتي للقاهرة قبل نحو شهر قد تسلمت نسخة جاهزة منه واكتشفت أنه لا يحوي «المؤخرة» التي يسميها غيري «المقدمة»، وقد اخترت تلك التسمية لأن الكتاب تجميع لمقالات نشرتها هنا وهناك وبالتالي فما ينبغي أن يكون «المقدمة» هو آخر ما كُتب فيه، وبالتالي فالتسمية الدقيقة والصحيحة هي «المؤخرة»، وقد صدر لي من قبل كتابان وكان كل منهما يبدأ بـ«مؤخرة»، مما جعلني عرضة للكثير من الكلام «المسخرة»!!! كتابي الأول كان يحمل اسم «زوايا منفرجة»، وكان محتواه بالكامل قد نشر على مدى أربع سنوات في صحيفة الشرق القطرية التي كانت أول صحيفة أمارس فيها الكتابة الحرة، وعلى صفحاتها كانت لي أول زاوية وخاصة أسميتها «زاوية منفرجة»، وبعدها كتبت في مجلة «المجلة» عمودا يحمل اسم «زاوية حادة»، وفي مجلة فواصل السعودية كتبت «زاوية معكوسة»، وكان نصيبي من جريدة أخبار الخليج البحرينية «زاوية غائمة»، وقد حاولت كثيرا أن أجعلها «قائمة»، ولكن لساني السوداني لم يسعفني في إخراج «القاف» المقلقلة.

وبالتالي كان من المفهوم أن أسمي كتابي الثاني «زوايا منفرجة وأخرى حادة»، وقد صدر الكتاب في عام ٢٠٠٨ وصادره الناشر وقام بتسويقه فقط في منطقة الخليج لحسابه الخاص، وكان مفهوما أيضا أن أحرص على أن تتولى نشر وتوزيع كتابي الجديد دار سودانية (هي دار عزة التي يملكها ويديرها صديقي وزميلي في جامعة الخرطوم نور الهدى.. لم أسأله قط عن اسم أبيه والحمد لله انني ما زلت اذكر اسمه الأول المركب، بعد ان صارت الذاكرة غربالا تتسرب منه الأسماء والوجوه)، لأن الكتاب بأكمله عن تجربتي كطفل وصبي وشاب (وبس) سوداني عاش متنقلا بين أقاليم ثلاثة في البلاد، ولأنني أريد الارتباط أكثر بالقارئ السوداني بالنظر إلى ان تجربتي في العمل الإعلامي كلها تقريبا مرتبطة بمنطقة الخليج، ولم أكتب في الصحف السودانية إلا قبل نحو ١٢ عاما

المهم أنني وخلال الفترة التي كانت فيها «الزاوية المنفرجة»، تنشر فقط في جريدة الشرق القطرية، كتبت نحو ستة مقالات حملت عنوان «عربيقي في لندن»، سردت فيه جانبا من تجربتي ومعاناتي عندما أوفدوني إلى لندن في منتصف سبعينيات القرن الماضي، حيث انتبهت فيها للمرة الأولى إلى مسائل اللون والعرق والإثنية، بمعنى أنني لم أكن قبلها آبه كثيرا لمسألة «الهوية»، وكان يكفيني أنني أعرف أنني نوبي إفريقي و… عربي بدرجة أو بأخرى.. ولكن ما ان وصلت لندن حتى تردد كثيرا على مسامعي سؤال الهوية، ولم يكن السودان وقتها معروفا سوى لدى النخب في بريطانيا، وحتى أفراد تلك النخب كانوا يتساءلون: كيف تتكلم العربية وأنت إفريقي (لا تقل لي لماذا لا يطرحون هذا السؤال على المصري أو التونسي إلخ!! الكلام والرك على اللون الجعفري المميز).. المهم أنني في تلك الفترة عرفت أنني عربيقي Afrabian وقد قررت أن يحمل كتابي الرابع بإذن الله اسم «العربيقي»، وما حملني على ذلك أن كثيرين ينسبون الى المفكر الأمريكي سامويل (وليس صامويل) هنتنغتون مقولة «صدام الحضارات» نسبة لكتاب يحمل نفس الاسم أصدره في عام ١٩٩٦ (هناك من جعل اسم الكتاب «صراع الحضارات» رغم ان هنتنغتون تكلم عن «كلاش» أي صدام).. وإذا ارتبطت المقولة بهذا الخواجة ففي ذلك إجحاف بحقي لأنني عشت صدام الحضارات أو تسببت فيه، قبل صدور كتابه بعشرين سنة عندما وجدت نفسي بلا بوصلة في لندن.

زبدة الكلام هي أنني أعتزم إصدار تجربتي كعربيقي في كتاب وسأسلسل حلقاته هنا كي «أسل» بها روحكم.

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email][/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. ابو الجعافر متعك الله بالصحة والعافية وحفظ لك ذاكرتك وامد فى عمرك واتاك حسن الختام فيا اخى عوجت لساننا ماعيب كل الشعوب العربية لسلنها معوج ومع ذالك يعيبوننا نحن الاقل عيبا ولكن الجمل لاترى عوجت رقبتها ونحن لو كانت لدينا مسلسلات وافلام مثل المصريين لاصبحت لهجتنا مفهومة كلهجة المصريين والغريب ان الخليجى يعيبنا ويقول اننا نقول للدياي جداد والمصرى يقلب حرف الجيم الى قاف ويعيبنا فى قلب حرف القاف وهكذا الكل يقلب ويعوج ولكنهم لا يرون الا عوجتنا واكرر هنا ماقاله عميد الادب العربى والخبير فى الالسن واللهجات واللغات العربية بغير منازع المرحوم عبد الله الطيب عند ما قال ان العربية السودان او اللهجة السودان هى اقرب اللهجات للعربية الفصحى هذا الكلام قاله امام جمع من العلماء فى ندوة عن اللهجات فى الدوحة قبل عشرون عاما

  2. تحياتي لك أيها الساخر البارع الرائع اللاذع ,,

    أنت فخر للسودان و للأمة العربية .. أنت كاتب قل و ندر وجود من يجاريك في فنك و طريقتك في الكتابة .. إنتا تحفة صاغها الرحمن من أحلى التحف .. إنتا في الدنيا قضية ما تحملها ملف .. إنتا أغلى إسم في قلبي رباعي الحروف .. فـلـيــحــفظــك الـــمــولــى .

  3. مبروك إصدارك الجديد ، وربنا يزيدك ، والشيئ الذي لا يعرفه الكثيرون ومنهم الخواجات ، أن اللون الأصلي للعرب في جزيرة العرب نفسها هو اللون الأسمر !!! ،، وهذا شيء يجهله الكثيرون ، فاللون الأبيض كان نادرا بين العرب يتميز به القلة القليلة ، ومن ذلك أن لُقبت السيدة عائشة بالحميراء ، لتميزها بالبياض في لونها ،، و شكرا علي سل روحنا .