نور الدين مدني

بعيدا عن الطوطمية الجوفاء


بعيدا عن الطوطمية الجوفاء
*في البدء لا بد من تحية علي البعد للاستاذ عادل سيداحمد رئيس تحرير (الوطن) الذي تبنى الصالون المفتوح الذي نفذه تخليدا لذكرى والده الصحفي الراحل سيداحمد خليفه الذي نجح في اقامته دوريا كل سبت.
* نتوقف اليوم عند ما رشح من صالون سيداحمد خليفه الذي كان السبت الماضي عن التجربة الحالية للحركة الاسلامية الحاكمة في السودان خاصة ما جاء من انتقادات على لسان الاستاذ علي عبدالله يعقوب أحد كبار المؤسسين للحركة الاسلامية الحاكمة وعلى لسان البروفسير الطيب زين العابدين الذي اشتهر بكتاباته الناقدة الموضوعية الرصينة.
* المفاجأة كانت في آراء علي عبدالله يعقوب لانه أحد الآباء المؤسسين ولأن بروفسير الطيب زين العابدين يعبر عن آرائه في الصحف وفي المنابر العامة فقد اعترف يعقوب بارتكاب الاسلاميين لأخطاء في حق الشعب السوداني وكيف انهم أثروا عبر صيغ المرابحة والمتاجرة وادخلوا السودانييين في المساجد بينما احتكروا هم الاسواق كما انتقد يعقوب مسألة تداخل المناصب في الحركة الاسلامية والحكومة وقال ان ذلك تسبب في اضعافها.
* البروفسير الطيب زين العابدين قال في مداخلته بالصالون ان الاسلاميين فقدوا مصداقيتهم بعد استلامهم السلطة واخفقوا في تطبيق برنامج الحركة والقيم الاسلامية في سلوكهم وحياتهم واضاف قائلا: أنهم ارتكبوا فسادا غير مسبوق في تاريخ السودان وتساءل في حيرة: ده اسلام شنو؟
* لم أقل ما قاله البروفسير الطيب زين العابدين دي ديموقراطية شنو ؟ لأن الحزب الحاكم – وليس الحركة الاسلامية – لم يقل أنه حزب ديموقراطي ولا يستطيع أن يدعي ذلك بل نقول بصراحة انه لا يمكن تحقيق التحول الديمقراطي في ظل استمرار هيمنة الحزب الحاكم وتخندق سدنته خلف اجندتهم الحزبية.
* الاهم من كل هذه المخرجات التي تبلورت في هذا الصالون الرحيب انها اكدت مخاوفنا التي عبرنا عنها منذ سنوات حكم الانقاذ الاولي من مغبة ربط نظام الحكم بالاسلام , او مجرد ادعاء حزب الحركة الاسلامية الحاكمة بأنه وحده يمثل الحركة الاسلامية وان كل الاحزاب الاخرى معادية للاسلام.
* هذا ما يجعلنا نتحفظ على احكام رموز الحركة الاسلامية التي وصموا بها الاسلاميين وهم يحكمون على تجربة الحكم القائمة , لأننا كنا نفرق منذ الوهلة الأولي لحكم الانقاذ بين نظام الحكم الذي اعتمد نظام المؤتمرات واللجان الشعبية المنقول من التجربة الليبية البائدة وبين الاسلام – ذلك الدين القيم – الذين نربأ بربطه بأية تجربة بشرية للحكم تخطئ وتصيب, دون ان يعني ذلك ابعاد الدين عن الحياة العامة.
* لذلك نقول ان كل الأخطاء التي واكبت حكم الانقاذ ومظاهر الفساد لايمكن أن تحسب على الاسلام والمسلمين ولا يمكن اعتبارها دليلا على فشل الاسلام والمسلمين بهذا التعميم المخل فهي اخطاء بشرية نتيجة لتجربة سياسية فاشلة بسبب الانفراد والعناد وغياب الديموقراطية والشفافية والعدالة .
* لذلك نحن من انصار الحل السياسي الديموقراطي الذي يتيح للمواطنين حقهم في محاسبة الحكام وتغييرهم بعيدا عن الطوطمية الدينية الجوفاء.

كلام الناس – السوداني