أجهضوا حلمي
قاتل الله «الحكومة» التي تدرب العاملين فيها على تنكيد عيشة الناس، فرغم أنني كنت أعرف عشرات الموظفين في وزارة المالية، التي خاطبتها وزارة الإعلام السودانية لتزويدي بتذكرة سفر إلى بريطانيا، وبالتالي كنت واثقا من أن الأمر لن يستغرق أكثر من بضع ساعات، إلا أنه ما ذهبت إلى تلك الوزارة إلا وسمعت كلاما من نوع: الورق في الحسابات.. الورق في المراجعة.. الورق عند مساعد الوكيل لشؤون البطيخ والمسلسلات.. الورق عند الوكيل… وبعد عدة أيام بلغني أن «الورق جاهز»، أي انه تم التصديق على منحي أمر شراء تذكرة موجها إلى شركة الطيران السودانية، ولكن…. ولكن إيه يا أولاد الذين؟ قالوا يجب الحصول على عدم ممانعة من جهاز الأمن على سفرك خارج البلاد.. طيب وما علاقة دراسة شخص ما لفنون العمل التلفزيوني في لندن بأمن البلاد؟ قالوا لي: بلاش فصاحة وفلسفة.. هذا هو النظام المعمول به.. وعليك ان تلزم بيتك حتى تتصل بك وزارة الإعلام لتبلغك بموافقة او اعتراض جهاز الأمن.. قلت: اللهم لا اعتراض.. ولزمت بيتي ولكنني لم أتوقف قط عن زياراتي اليومية للوزارة لمعرفة رأي جماعة الأمن في أمر سفري، وكان ذلك ضروريا لأنني لم أكن أملك هاتفا، وطفت بيوت أربعين من الجيران واكتشفت ان بعضهم لم «يسمع» بعد بالتلفون، وبعد أن يئست وتوقفت عن زيارة الوزارة، جاءني أحد الزملاء ذات صباح يبشرني بأن جهاز الأمن لم يعترض على سفري، بل كتب إلى وزارة الإعلام بالحرف الواحد عني: سبق اعتقاله تحفظيا ولكننا لم نلمس له نشاطا معاديا للحكومة منذ الإفراج عنه.. يا سلام على الناس اللي بتفهم.
دعوت الزميل الذي اتاني بالبشارة إلى فطور في مطعم فخم، كلفني قرابة العشرين قرشا، ولكنني قلت لنفسي: مش خسارة في شخص أتاني بخبر مفرح، ولتطر كل فلوسي مقابل ان أطير إلى لندن… ثم ذهبت إلى الوزارة لاستكمال إجراءات تسلم التذكرة، وفوجئت بالموظف المسؤول يقول لي: هانت.. مبروك.. أرسلنا خطاب جهاز الأمن إلى «أمانة المهنيين» في الاتحاد الاشتراكي (الحزب الذي شكله الرئيس نميري لإضفاء قشرة ديمقراطية على نظام حكمه).. ووجدت نفسي أصيح بانفعال: الله يلعن الاتحاد والوحدة العربية والاشتراكية والماسونية والزرادشتية.. هل وظيفة الحزب الحاكم ان يحكم أم أن ينشغل بسفاسف الأمور مثل أن يسافر شخص نكرة للدراسة فترة قصيرة في الخارج؟ هنا هبّ عدد من موظفي الوزارة لإسكاتي: يا ابن العم وطي صوتك وانت أصلا من أرباب السوابق.. أكيد عندك قريب أو صديق في الاتحاد الاشتراكي يمشي أمورك.. قلت لهم: والله لو كان الاتحاد الاشتراكي يوزع صكوك دخول الجنة (كما كانت تفعل كنائس أوروبا في العصر الوسيط) ما وضعت رجلي في مقرِّه).. بالتأكيد كنت أعرف أعضاء كثيرين في الاتحاد الاشتراكي، ولكن أن أدخل مبناه أو أستجدي شخصا ينتمي الى تنظيم يشرعن نظاما دكتاتوريا ليساعدني على السفر إلى لندن، كان أمرا غير وارد.. لأنه عيب.. ماذا سيقول الناس عني لو رأوني أدخل مبنى ذلك التنظيم وأنا «عامل فيها بطل ومعارض للحكومة»؟
وهكذا اقتنعت بالقسمة والنصيب، ولزمت البيت و«بطلت الشغل»، أي صرت لا أغشى مكاتب التلفزيون التعليمي حيث مقر عملي الجديد، وعلم العامة والخاصة أن «الحكومة» منعتني من السفر وصرت أستقبل وفود المعزين وكنت قبلها أستقبل وفود المهنئين، والفارق بين «الاستقبالين» هو أنني لم أقدم الى المعزين «ولا كباية موية».
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]
وحلمي قتلوه وصلبوه ومثلوا به
ما شاااااءالله …وعيني بااااردة على حظ جعفر اللي زي السكر
( وأعنيكمامعا أنت والحظ )أما أنا …فحظي أنالا أدري كيف …متلون كفصول السنة من شتا وصيف..المهم ظللت ألاحق المنح من دولة لأخرى(ما عدا أمريكا ..فهي عدوتي اللدود) .. ومن جامعة كبرى لواحدة صغرى ..علني أجد واحدة تعينني لأكمل دراستي البحثية..لكن عدت بخفي حنين..وإذا بي في ذات يوم رقيق النسيم كثيف الغيوم …شديد الخطر ،جاءني خبر ، فهناك رد من إحدى الجامعات …يعتذرون لي ويبررون …( شدة المنافسة)..ويافرحتاه ويا سعداه ..شكرا لكم ..يكفي أنكم عبرتوني وما طنشتوني ، ولم تقذفوا طلبي في سلة محذوفاتكم إلا بعد أن رددتم علي ..وهل كنت أتوقع غير ذلك ؟ حاشا وكلا ..بل إنه عااادي فأنا لم أعرف ترف الحظ السعيد…
حظي حبيبي ؟.حظي مزيج من دقيق ورماد خلطوه..وزادوا عليه رمالا فوق صحراء بسطوه … وجاءوا بجحيم وعليه سلطوه …وأتوا بشقي عاري الجسم ورموه وسحبوه وسحلوه ..فانسلخ الجلد منه واكتوى وانشوى واستوى ثم راحوا وتركوه
أشكر كل من يقف على مرثيتي هذي ،سواء أعجبته أم لم تعجبه ، يكفي أنه صبر حتى أكمل قراءتها
جميل ما قلتي يا صديقتي العزيزة رفاء , ولكن دعينا نختلف قليلاً فالإختلاف يثرينا في أكثر الأحيان هناك مثل ياباني جميل يقول : (يستحيل الوقوف في هذا العالم دون الانحناء أحيانا) والذي أعلمه و أقتنع به جيداً أن من يجتهد و يعمل يصل إلى ما يصبوا إليه , تقبلي خالص تحياتي و أمنياتي لك بحياة مهنية جميلة و تقبلي عتبي على غيابك الفترة السابقة .
أ . عبدالله بن صالح الإبراهيم العنقري .
سلام أخي عبدالله وأختي سودانية
سودانية ..أعجبني أني أضحكتك ..أما بقية القصة ،فما من بقية لها غير إني ما زلت أواصل كفاحي في هذه الفانية، وزادني عزما تشجيع الأخ عبدالله “الله يعافيهويوفقه”
ويا أخي عبدالله انقطاعي الفترة الماضية كان وراءه أسباب عديدة ومشاغل كثيرة وسفر طارئ ، كل ذلك منعني من المشاركة واكتفيت في كثير من الأحيان بالفرجة ومتابعة تعليقاتكم الحلوة ، خاصة ما حكيته عن وجودك بفرنسا أعجبني وأثلج صدري أن أجد من رجالنا العرب من لا ينخدع ولا يخضع لتلك الأساليب الابتزازية الرخيصة من قبل الغربيين رجالا ونساء …أكثر الله من أمثالك .
وأعجبني المثل الياباني لأنه يعضد مقولة :انحني للنسيم ولا تنكسر للعاصفة..ولا تخشى على أختك من ناحية الاجتهاد فهي كالنحل والنمل وكل مخلوقات الله الجادة ..وأنا من الذين يحبون صناعة الحياة..يبذرون ويذهبون ويتركون الحياة تأخذ مجراه يقينا مني بأن ما أبدأه يأتي غيري ويكمله..وشكرا لكم .