جعفر عباس

عروسي وعلاقاتها بالكنيسة

[JUSTIFY]
عروسي وعلاقاتها بالكنيسة

أصبحت زوجا من الناحية الشرعية، وأنا محبط بسبب تدهور العلاقات بين بريطانيا والسودان إثر محاولة انقلابية، مما أدى إلى منعنا من السفر الى لندن للدارسة، وكانت تلك فترة عصيبة، فمن الناحية الرسمية كنت معفيا من العمل في إدارة التلفزيون التعليمي باعتبار أنني «مسافر في بعثة دراسية»، وكان معنى ذلك أن أقضي ساعات النهار الطويلة في فراشي وأنا ألعن خاش حكومة نميري، ومنعني الحياء من سبّ من قاموا بالمحاولة الانقلابية لأن معظمهم كان قد هلك قتلا في الشوارع او إعداما في «الحزام الأخضر» في أطراف الخرطوم، لأنهم من تسبب في غضب نميري على بريطانيا ومن ثم عليّ، وبالطبع كنت أتمنى نجاح الانقلاب – على سوء ظني بالانقلابات والانقلابيين – لأنه لم يكن محاولة انقلابية كلاسيكية كما أوضحت في مقال سابق، بل شارك فيه عناصر من ثلاثة أحزاب رئيسية تلقوا التدريب العسكري في ليبيا وإثيوبيا، وبالتالي ما كان واردا أن يؤدي الانقلاب في حال نجاحه الى دكتاتورية عسكرية، وخاصة أن رأس الرمح فيه كان الراحل العظيم الشريف حسين الهندي، أحد أبطال معارك الاستقلال الشديدي الإيمان بالنظام الديمقراطي القائم على التعددية.

لم يكن أحد من زملاء الدارسة والعمل يتوقع مني أن أتزوج يوما ما، فقد كنت ومازلت أكره الرتابة والروتين والقيود والضوابط واللوائح، وكان أكثر ما ينفرني من الزواج «منظر» المتزوجين وهم يعودون الى بيوتهم حاملين أكياس الطماطم والخس، بعد شعلقة وشقلبة في حافلات المواصلات العامة، وكنت من تجارب آخرين أعرفهم جيدا أعرف ان البنت تكون مثل الفرس قوة ورشاقة في فترة الخطوبة، وبعد الزواج تظهر كلاكيعها، وشتى أنواع الخلل في بنيتها الأساسية، فيبدأ الطلوع والنزول من وإلى العيادات، وأهلها يكتفون بالسؤال عن حالها، بل ربما يتهمونك في دواخلهم بأنك من أمرضها، ويقولون كلاما بايخا مثل «سبحان الله كانت زي الفل قبل الزواج»!! ما معنى هذا؟ أنها صارت مثل «الخل» أو الفجل بعد الزواج؟ ولكن لم يندهش أي ممن يعرفونني بأن اختياري وقع على فتاة ليست بيني وبينها صلة رحم او دم أو قبيلة، فلم أكن من النوع الذي يستطيع أهله أن يفرضوا عليه ولو «خطوطا عامة» للعروس المرتجاة، أو النوع الذي يعتقد ان أفضل الزيجات هي التي تكون في نطاق العائلة الممتدة.

وكما ذكرت من قبل فإن العمل بالتدريس هو الذي أدى بي إلى الزواج، لأن من تزوجت بها كانت ضمن طلابي في المرحلة الثانوية، ولم يلفت انتباهي اليها فقط هدوءها وحسن أدبها، بل انها تجيد الإنجليزية، وهي المادة التي كنت أدرسها، ذلك أنها كانت تربية «كنائس»، بمعنى أنها درست المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في مدرسة الإرسالية الأمريكية، التي صار اسمها لاحقا والى يومنا هذا «المدرسة الإنجيلية»، وكان ذلك أمرا مألوفا في السودان، وقد درس آلاف المسلمين ولا يزالون في مدارس كمبوني (نسبة الى القسيس الايطالي الذي أسسها) ومدارس الراهبات في الخرطوم، كما كانت في العديد من مدن السودان مدارس تحمل اسم «الإنجيلية»، بل إنني شخصيا عملت مدرسا للغة الإنجليزية في مدرسة الكنيسة الأسقفية للبنات في أم درمان حينا من الدهر وكان الكثير من طالباتي من المسلمات وكان المعمول به في هذه المدارس تخصيص حصص تربية دينية منفصلة للمسيحيات والمسلمات.

ورغم ارتباطها الكنسي لثماني سنوات فقد كان اقتراني بها فألا طيبا، لأن نميري سرعان ما أدرك أنه الخاسر من قطع العلاقات مع بريطانيا فصالحها وتسنى لنا بذلك السفر الى لندن للدراسة.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

‫2 تعليقات

  1. كل حساباتي معاك غلط يا ابو الجعافر…حسبتك مجظوظا لدرجة أني غبطتك وظللت أبكي على عمر روح وفات .. وها أنت تقدم لنا كل يوم مظاهر ذلك الحظ السعيدوتسوق الأدلة القاطعة على أن كوكب السعد مخيم يظل حياتكم – أطالها الله في الخير !!
    وها أنا ذي حسبت حرمكم المصون ممن يجري في عروقهم الدم النوبي النبيل …بل ظننتها- وبعض الظن بخت – بنت خالتك بالتحديد…وهاهي لا تمت لك بصلة غير ” السودنة والتعليم” لذلك اتخذت قرارا حاسما وصارما بأنني سأردع خيالي الجامح وألملم أطرافي وأكف عن حسبان شئ يخصكم .

  2. أعتقد بأن زواجك من طالبة كنت تدرس عندك دليل على أن التلميذ قد يتفوق على معلمه في بعض الأحيان .. ولكن في الحقيقة أن الزواج على إختيار الأهل مطلقاً دليل على التخلف و الرجعية !!؟؟ كيف أتزوج و أقترن بشريكة حياة مدى العمر لأنها فقط إستحسنتها والدتي أو أختي أو أي أحد من العائلة !!؟؟
    أنصح كل المقبلين على الزواج بأن يختاروا و يثقوا من رغبتهم في إختيار الشريك المناسب للحياة برغبتهم الشخصية لا برغبة أهاليهم و ذويهم !! لأن الزواج كما عرفًه البعض : وثيقة إقتران أبدي .. تحياتي لك أستاذي العزيز و شكراً .. سلام رفاء أوافقك في رأيك فأستاذنا العزيز شخصية متفردة بل لنقل شخصية تستحق التأمل و الإستفادة من تجاربه العصامية .