عبد اللطيف البوني

صيدلية سياسية


[JUSTIFY]
صيدلية سياسية

عمليات التجنيب وهي في أبسط معانيها تعني ألا تكون لوزارة المالية الولاية على المال العام فبعض الوزارات منها الداخلية والدفاع والسدود والكهرباء تصرف مواردها على كيفها وعلى حسب أولوياتها وليس الأولويات القومية، فهذه من البلاوي السياسية التي تتمظهر في شكل اقتصادي. عبد الرحيم حمدي قالها صراحة إنه فشل في إنهاء هذا المرض عندما كان وزيرا. أما وزيرنا الحالي لم يعترف بفشله فحسب بل خاض مع الخائضين في التجنيب على طريقة (أكان راكوبة أبوك اشتعلت شيل ليك فيها شيلة) فقد كتب لمدير الضرائب خطابا قائلا له: الأموال في حدود الربط تورد في حساب وزارة المالية العام أما مازاد عن الربط فيورد في خطاب خاص بوزارة المالية وهذا يعني أنه في الحساب الثاني سوف يتصرف بغير أورنيك 15 وأورنيك 17 (شفتو كيف ؟)
الحكم الفدرالي المطبق حاليا لا يحمل من الفدرالية إلا اسمها فقط فهو عبارة عن ترهل سياسي دستوري مهلك للموارد. إنني أبحث عن ولاية واحدة أقامت مشروعا منتجا أو قالت للحكومة إنها لا تريد دعما مركزيا؟ اللهم إلا ولاية الخرطوم حيث تكدس الخدمات والضرائب عليها والغريب في الأمر أنه مع التوسع في الحكم الولائي أفقيا ورأسيا لم يتم تخسيس للجهاز المركزي الحاكم فقد كان ينبغي أن تكون الحكومة المركزية رشيقة جدا تتكون من الوزارات السيادية فقط وتترك كل وزارات الخدمات للولايات فمن غير المعقول أن يكون هناك برلمانا لا يقل عن أي برلمان في أي نظام مركزي وحكومة أعرض من كل حكومات العالم وفي نفس الوقت هناك حكم فدرالي؟
الشركات الحكومية التي تعمل بموجب قانون الشركات لعام 1925 قضت على السوق نهائيا وأخرجت القطاع الخاص من اللعبة فباسم الحكومة فعلت الأفاعيل ويقال إن عددها فاق الخمسمائة ومعظمها تكون أسهم الحكومة فيها 19 % لأنها لو وصلت لعشرين في المائة سوف تخضع لمراجعة المراجع العام فمثلما فشلت كل محاولات إنهاء التجنيب وفشلت محاولات تخسيس الحكم الفدرالي فشلت كذلك محاولات القضاء على الشركات الحكومية فهذا يوضح بجلاء أن الأزمة سياسية وليست واقتصادية في أصلها. إذن لابد من تغيير التشخيص بالتالي الوصفة ثم البحث عن الصيدلية الصاح.
[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. [FONT=Simplified Arabic][SIZE=3][B]نعم أستاذي … فقد شخصت الداء تماماً ووصفت الدواء والصيدلية كمان لمن أراد أن يتعالج قبل أن يعالج قهراً …[/B][/SIZE][/FONT]