بداية صدام الحضارات
“وقفت سِلك” كما نقول في السودان عندما نكون في حيص بيص، ويحار دليلنا، ولا نعرف كيف نتصرف في موقف معين.. وقفت سلك في مطار هيثرو أمام أول تجربة لاستخدام السلم الكهربائي المتحرك الـ (إسكاليتر)، ثم كان لابد مما ليس منه بد، لأن إجراءات الجوازات والجمارك كانت في الطابق العلوي، ولسوء حظي كنت أحمل كيسا ثقيلا من المنقة (المانجو) كلفني صديق بتسليمه الى قريب له في لندن، وعندنا في السودان صنوف من المنقة لو أحسنا توصيلها الى الأسواق، لأكل الهنود “هوا”، وقبل أن ينفصل الجنوب كانت في غاباته مئات الآلاف من أشجار المنقة، النابتة “طفيليا” أي دون ان يزرعها أحد… المهم كان جميع من قدموا معي على الطائرة القادمة من الخرطوم عبر فرانكفورت قد صعدوا، وكان بينهم زملائي “الخونة” الأربعة الذين كانوا أكثر مني شجاعة واستخدموا السلم.. ثم ظهرت امرأة سودانية يبدو أنها كانت “لابدة” أي مختفية في ركن ما، وهي مثلي لا تعرف هل تجازف باستخدام السلم أم ترجع الى الخرطوم، ويبدو أنها قررت المجازفة، ووضعت قدميها على أول درجة من السلم، فقلت إنه لن يصيبني إلا ما كتب الله لي، و”عيب يا أبو الجعافر”، ووضعت رجلي على السلم خلف تلك الزولة، وأمسكت درابزين السلم بيدي اليمني، بينما اليسرى مثقلة بكيس المنقة، ووجدت نفسي أقدم فاصلا من الرقص الشرقي، وفجأة فقدت توازني، ودفعتني “حلاوة الروح” وخوف الهلاك إلى مد يدي للإمساك بالسيدة التي أمامي، وكانت ملفلفة بالثوب النسائي السوداني “ابن عم الساري الهندي مضروبا في ثلاثة”.. ولا أذكر جيدا تفاصيل ما حدث بعدها، المهم أنني والسيدة وصلنا نهاية السلم ونحن كومة واحدة، أي لم يكن أي منا يقف على رجليه، وتدحرجنا لعدة أمتار، ثم سمعت صريرا حادا وتكتكة ثم صمتا مريبا، ولكن أنفي التقط أريج المنقة، فتذكرت الكيس إياه، وبحثت عنه ولم أره من حولي، ووقفت أجيل النظر في محيط السلم، ثم أدركت ما حصل: فقدت توازني وحيائي وأمسكت بالسيدة بكلتا يدي، فأفلت كيس المنقة من قبضتي وتدحرجت حبات المنقة في السلم وانهرست وصارت عصيرا تسلل الى مسامات السلم فحدث الالتماس الكهربائي الذي تسبب في توقف السلم مما فسر الصمت الذي ران على المكان بعد وصولنا نهاية السلم.
وهناك وفي تلك اللحظة حدث “صدام الحضارات”، وليس بعد أن كتب المفكر الأمريكي سامويل هنتنغتون كتابا يحمل تلك العبارة، شهد عدد من مسؤولي مطار هيثرو ما حدث، وتوقعت ان يستدعوا سكتلنديارد، وإحالتي الى القضاء وتغريمي تكاليف إصلاح السلم، وتخيلت المناشدات في الصحف السودانية في سياق حملة لجمع التبرعات للحيلولة دون دخولي السجن،.. ولما لم يتقدم أحد أولئك المسؤولين نحوي، رغم ما رأيته في نظراتهم الموجهة إلي من استهجان واحتقار، “عملت فيها شهم” واعتذرت للسيدة السودانية، واكتشفت أنها كانت تحسب أن فقدانها للتوازن هو الذي سبب الكارثة، وابتعدت عن المكان ولحقت بـ”الخونة” واستكملنا إجراءات الجوازات، وتسلمنا حقائبنا، وتوجهنا الى بوابات الخروج والهم والغم باد على وجوهنا، لأننا كنا طرشان في زفة لندن، لأننا لم نكن نعرف اين سنقيم، ولا كيف نبحث عن فندق يؤوينا حتى تأخذ إدارة المعهد الذي أتينا للالتحاق به علما بوصولنا، وتدلنا على المكان المخصص لإقامتنا.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]
شرطت عينا يا أبو الجعافر راكب سلم متحرك ولا حمار عاير ، عموما حكاية ممتعة وفي انتظار الوقعة الجاية بس ما تقع من ناطحة سحاب.
لك الله يا الك الله زخرا با الجعافر جعلتني اقهقه كما الممسوس عندماامسكت بالسيدة المسكينة بكلتا يدك وفي قرارة نفسي اعلم انك تزيد منالقصة لزوم ولامثالي يديك الله الصحة وتمتعنا وجعلك الله زخرا للمحس والنوبيين وصدقني اثنا كتابتي هذه لقثر الدموع د طششت عيني وتلك من اثر الدموع التي ذرفتها من خلال اطلاعي عل المقال تحاتي ومودتي