المواطنون ينتظرون الرحمة.. والحكومة تحرث في البحر.. والتجار يدافعون عن أنفسهم..
* الحكومة تحرث في البحر
خلال العامين الماضيين بذلت الحكومة جهوداً لم تفلح في الحد من ارتفاع أسعار السلع والخدمات، كان أبرزها توفير السلع بالتعاون مع شركة باسقات وقام بالخطوة اتحاد عام عمال السودان ولم تنجح التجربة في الحد من الغلاء، وأعقب ذلك إعفاء عدة سلع من الرسوم الجمركية وتخفيض رسوم بعضها ولم تفلح الخطوة أيضاً في خفض الأسعار ولم يصل أثر هذه الإعفاءات والتخفيضات إلى المواطن وبعد ذلك أتت تجربة مراكز البيع المخفض التي انقسم الناس حول جدواها ما بين من يرى أنها ناجحة ومن يقطع بفشلها؛ فالتجربة بدأت وسط انتقادات عديدة، وقال المراقبون إن تنفيذها قد لازمه قصور ولم تراع في توزيع المراكز الكثافة السكانية فضلاً عن أن التخفيض لم يكن كبيراً وواجهت الخطوة اعتراضات كبيرة من قبل تجار السوق ولكنها ما زالت مستمرة في كثير من الأحياء. ويأخذ البعض عليها حالياً تخفيض أعدادها بعد أن تم إغلاق عدد كبير منها خلال الأشهر الماضية ومحدودية السلع التي توفرها فضلاً عن فرق السعر الضئيل بينها وبين الأسواق.
وفي جولة لـ (أخبار اليوم) ووقفة مع المستهلكين والتجار سألتهم عن أسباب الارتفاع، وعن رأيهم في الجهود المبذولة والتطمينات وإمكانية السيطرة على الأسواق . بدأ البعض مطمئناً لوعود الجهات ذات الصلة فيما رأى آخرون أن الأمر لا يمكن السيطرة عليه. وتحدث للصحيفة شمس الدين أبشر – مواطن فقال: من خلال ما مر بنا خلال السنوات الماضية لا أتوقع أن تنخفض الأسعار فقد ظلت الجهات المسؤولة تبث التطمينات وتعطينا الوعود دون أن يتحقق شيء منها وأقرب مثال لذلك ما حدث في العام الماضي عندما أكدت الحكومة على لسان كبار المسؤولين توفير سلعة السكر ولم تستطع، بل إن سعر السلعة تضاعف لدرجة أن البعض استغنى عنها وارتفاعها متواصل حتى الآن. وقال شمس الدين: إن الزيادة في الأسعار شملت كل السلع فماذا ستفعل الحكومة حتى تكبح جماحها ؟ وأشار إلى أن أصل المشكلة معروف للحكومة، وقال عليها معالجة جذور الأزمة مبيناً أن الارتفاع في مجمله متصل بقيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الحرة ولا بد من تقوية موقفه وذلك لن يكون إلا بزيادة الإنتاج والإنتاجية.
أحمد البرعي – مواطن- تحدث يائساً من انخفاض الأسعار فقال: انخفاض أسعار السلع الضرورية نسمع به كل يوم وتتحدث عنه الحكومة منذ سنوات ولم يتحقق مما يؤكد أن العام القادم سيكون كسابقيه ولن يتغير شيء وعلينا أن لا ننتظر وعداً من مسؤول وأضاف الحكومة تعلم علم اليقين مسببات ارتفاع الأسعار ولو أرادت حل الإشكال لفعلت ولكنها كالذي يحرث في البحر فكل الجهود التي تبذلها تذهب أدراج الرياح.
وقال البرعي إن الفوضى التي تعم الأسواق وطمع التجار وجشعهم تتكسر عنده كل التصريحات والتطمينات التي تبثها الجهات ذات الصلة وعليها إن أرادت أن تحل مشكلة ارتفاع الأسعار أن تضبط هذه الأسواق وتمنع الاحتكار والتخزين وتفعل قانونه، وأضاف المواطن حالياً في انتظار الرحمة.
وعلى عكس من سابقوه أبدى فضل إدريس مواطن ـ تفاؤله بالعام القادم وقال أملنا كبير في أن تتراجع الأسعار وأن تواصل الجهات المسؤولة سعيها لتوفير السلع للمواطن، وأضاف كل حل أو وعد نسمعه من الجهات المسؤولة علينا انتظار نتيجته وأن لا نقنط من رحمة الله، والنجاح الذي حققته تجربة العبوات الصغيرة في ما يخص سلعة السكر ومراكز البيع المخفض يجعلنا نتمسك بكل وعد تقطعه الجهات المسؤولة إن تحقق فالحمد لله وإن لم يتحقق علينا أن لا نيأس.
وغير بعيد منه يقول المواطن مصعب السر لا يوجد شيء ليس له نهاية ولا توجد مشكلة ليس لها حل، ووعود الجهات المسؤولة علينا تقبُّلها وانتظار نتائجها، ورفضنا لها أو الحديث عن عدم جدواها لن يحل مشكلة، ولا يخفى أن المشكلة الكبيرة التي تواجه الحكومة بعد فقدها لنفط الجنوب والحروب الدائرة في عدة جبهات، على المواطن أن يتفهم ذلك ويتقبله ولا يعني هذا أن لا تسعى الحكومة لحل مشكلة ارتفاع الأسعار لكن عليها السعي حسب معطياتها.
* التجار يدافعون عن أنفسهم
وتحدث للصحيفة محمود ميرغني – تاجر بسوق بحري قائلاً: إن التجار الذين يعملون في الجملة أو القطاعي لا علاقة لهم بارتفاع الأسعار وهذا ما أريد تأكيده. أما فشل الجهود المبذولة أو نجاحها فمرهون بجدية الحكومة في الخطوات التي تتخذها، ونتمنى كتجار أن يعم الرخاء ويتحقق انخفاض أسعار السلع فنحن قبل كل شيء مواطنون و يهمنا أن تنخفض الأسعار، وأضاف أن الارتفاع الحالي في أسعار السلع لم يستفد منه التاجر لأن السلع تأتيه بأسعار وهامش الربح، بل إن التاجر نفسه قد تضرر كثيراً من ارتفاع الأسعار ويعاني من الركود والكساد الذي سببه إحجام المواطنين عن الشراء. وأوضح محمود أن التاجر لا يمكن أن يقف ضد أي حل تضعه الحكومة حتى لو وفرت لكل مواطن بقالة فهو يعلم جيداً أن الأرزاق بيد الله وهو وحده المتحكم فيها.
وقال: هذا ما يؤمن به كل تاجر في السوق فما الذي يستطيع فعله إذا تم فتح مراكز بيع أو توزيع؟ هل يغلقها باعتراضه وما هي وسيلة محاربته للخطوات التي تقوم بها الدولة؟ واختتم محمود حديثه أن السلع تأتي للتاجر بأسعار عالية وهذا سببه أسعار الصرف وتكلفة الإنتاج ولن يبيع التاجر بالطبع بأقل من الأسعار التي يشتري بها.
الخرطوم: إبراهيم الصغير صحيفة أخبار اليوم
[/JUSTIFY]