الوضع في جنوب كردفان .. طريق للحرب وطريق للسلام
وقال لـ «الإنتباهة» الخبير العسكري محمد محمود جامع إن الحركات المسلحة والصراعات القبلية صارا موعودين بالحسم الذي بدأ من خلال خطاب سابق للرئيس البشير، وإنه الخطوة القادمة والموضوعة في أجندة القرارات المحسومة.
والمتتبع لتصريحات حسم التمرد وفقاً لرئيس الجمهورية يجد أن السيد الرئيس في الآونة الأخيرة قد اعتاد على تحديد سقف زمني لنهاية تلك الصراعات والتمرد بغير ما اعتاده في باكر فترته الرئاسية، وهذا بحسب المتابعين يؤكد الرغبة الجامحة لرئاسة الجمهورية في القضاء على بؤر التمرد والتصدع المجتمعي الذي أدى إلى انتشار الصراع القبلي بصورة مخيفة، وسط القبائل، وكما هو ملاحظ في دارفور بجانب تمدد التمرد في بقاع كانت آمنة في وقت قريب، ليضع بذلك توجهات السيد رئيس الجمهورية بأن العام 2014 سيكون عام النهاية للتمرد والصراعات القبلية والجهوية نهائياً بالسودان. غير أن البشير ربط هذا المهدد الأمني باعتلاء الحكومة التي قاربت فترتها على النهاية، بالانتخابات القادمة. وتأتي تأكيدات البشير بأن نهاية التمرد والصراعات القبلية، إنما ستكون بحلول العام 2014م هذا يؤكد أن الأمر الآن صار موضع التنفيذ، بحسب بعض المتابعين اللصيقين جداً بدائرة الرئاسة، أن مثل هذه التصريحات كان يقوم بالإدلاء بها السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان بيد أنهم اعتبروا أن تشديد السيد رئيس الجمهورية عليها فإن الأمر ربما بدأ يأخذ موقفاً على مسافة واحدة مع القضايا التي تشغل الحكومة أكثر من أخرياتها. وأرجع بعض المتابعين للصحيفة أن التوجيهات الرئاسية قديمة، ولكن الرئاسة كانت تعطي الحلول السلمية الفرصة الأكبر لتضميد الجراحات وتوحيد مصير الأمة. ويأتي حديث الرئيس في أن العام 2014 سيكون عاماً لنهاية الصراعات القبلية والتمرد بصورة عامة في السودان ليؤكد للذين يراهنون على استخدام السلاح والحرب ضد أهليهم، إنما ذلك هو التهديد الأكبر للعملية السلمية، وربما وضع هذا التمرد في مأزق تميل أفئدة الكثير منهم للسلام، ونشهد بالتالي خلاله وصول أفواج من الحركات التي تفهم هذا السياق جيداً حينما يأتي كحديث أولوية يستبق به رئيس الجمهورية أحاديثه في اللقاءات الجماهيرية، وأكد هؤلاء أنه ربما نشهد ميولاً للسلام وسط الجماعات الأخرى التي ظلت دوماً في حالة تمنع ورفض لنداءات السلام مهما كانت منابره. وفي الأثناء ربط البعض الآخر تلك العمليات التي تخوضها القوات المسلحة بتصريحات سابقة للسيد رئيس الجمهورية ونائبه السابق علي عثمان، وقال هؤلاء إن الحركات المسلحة بدارفور والجبهة الثورية بكل مكوناتها موعودون بعام الحسم الذي بدأ من خلال خطابي الرئيس البشير ونائبه «السابق» الأستاذ علي عثمان محمد طه في وقت مضى، بيد أنهم أشاروا إلى أنه الخطوة القادمة والموضوعة في أجندة القرارات المحسومة، مما يؤكد بالفعل ما ذهب إليه الاثنان بأن التمرد في طريقه إلى الزوال. رغم الجهود الكبيرة التي يقودها الرئيس البشير ومبادرته التي بدأها بلقاءات مع المعارضة والشخصيات الحزبية الكبيرة خارج منظومة الأحزاب المشاركة في السلطة بما فيها الحزب الشيوعي، وهدفت تلك التحركات بحسب قريبين من الدائرة الرئاسية المستقبل السياسي وإمكانية إصلاح ما يمكن إصلاحه وقدمت الحكومة عبر البشير من خلالها خريطة لإرساء السلام وتنزيل ما اتفق عليه من اتفاقيات السلام المتعددة. ولكن هناك من ينظر لهذه العمليات بأنها جاءت لتأكيد ما يمكن احتسابه من واقع الأبعاد الإستراتيجية للسياسات الداخلية بغرض إرساء قواعد السلام العام بحسب التوجهات التي اختطتها الرئاسة وفقاً لمبادرة السيد رئيس الجمهورية. وبحسب ما أعلنه سيادته بأن العام 2014 سيكون نهاية الصراعات والتمرد بالنسبة لكل السودان، فإن ذلك يعني الحسم التام لكل الحركات المسلحة التي تجعل من المنطقة مسرحاً لعملياتها، الشيء الذي أدى إلى تدمير كامل للبنية التحتية رغم ما بذل من جهود في إطار إرساء دعائم السلام المفقود بيد أن بعض المناطق ما زالت في الحسابات العامة بمثابة الخارجة عن نطاق سيطرة الحكومة، وتقع تحت سيطرة هذه الحركات المهددة للأمن والاستقرار هناك. بيد أن العمليات التطهيرية التي تقوم بها القوات المسلحة ربطتها بعض الدوائر بتعهدات الرئيس السابقة حول جنوب كردفان وجعله العام هذا لنهاية التمرد فيها وتساءل هؤلاء عن إمكانية تحقيق عهد الرئيس لإنهاء التمرد في جنوب كردفان خاصة وأن العام المذكور قارب على الانتهاء مع اشتداد قبضة القوات المسلحة على كل جيوب التمرد هناك. فيما أضافت نفس الاتجاهات بأن تلك التصريحات لا تخرج عن إطارها السياسي، وأنه رسالة لتلك الجماعات قد تصدق فحواها وقد لا تصيب بعد أن جربت الحكومة كل الممكن في تعاملها مع القضايا ذات الأبعاد الخارجية والدولية التي ترتبط بأمن إنسان السودان ورفاهيته. ولكن حديثا سابقا للنائب الأول سابقاً جعل بعض الدوائر المتشككة في هذا التوجه تميل إلى التصديق الكامل لكل تلك المخرجات، وهذا الحديث ألقاه علي عثمان بالبرلمان أكد من خلاله أيضاً ضرورة تقوية «أجهزة الدولة» لحماية الحقوق وحسم التسلح القبلي الذي انتشر أخيراً في المناطق التي كثُر فيها الصراع المسلح وانتشار المعارضة. ويرى الأمين الحسن الخبير الأمني للقوات المسلحة أن الحديث عن سقف محدد لإنهاء المعارضة المسلحة من المؤكد أنه سيدفع بالعملية السلمية في البلاد إلى الأمام، وأن الحديث حول أي خروج على الدولة أنه غير مبرر، ناتج من أن الدولة أساساً قد منحت هؤلاء الفرصة الكافية وجلست إليهم وأنها استمعت إلى شكاويهم وعملت وفقاً لذلك على وضع القراءات اللازمة لإنزال الرؤية الرئاسية برفض كل مظاهر الصراع القبلي والتسلح والتفلت في تلك المناطق، وقال الحسن إن عملية انتشار الحركات والجماعات المسلحة والصراعات القبلية بدارفور الأيام والسنوات الماضية، ألقى بأعباء ثقيلة على الحكومة التي تعاملت مع الراهن بواقعية وحذر. وقال إن المتابع لهذه التصريحات الرئاسية يرى حجم المهدد القومي الذي ظل يعبث بمكتسبات البلد، من مدخل التهميش والعزل السياسي الذي تمارسه الدولة بحق المتمردين حسب توجهات الرافضين للسلام. ويضيف الأمين الحسن الخبير الأمني بقوله، ما يجري في الساحة اليوم يرتبط بتطلعات قيادات المعارضة ومحاولتهم الظفر بحكم البلاد حسب ما هو مخطط في إستراتيجتهم، وأؤكد أن خطاب الرئيس في فترة سابقة والذي قطع فيه بأن العام 2014م سيكون عام نهاية التمرد والصراعات القبلية في السودان، بما بدأت القوات المسلحة رسمه على الأرض بعد فترة طويلة من قوله.
صحيفة الإنتباهة
عبد الله عبد الرحيم
ع.ش