تحقيقات وتقارير

أتون الحرب الأهلية.. جنوب السودان على شفا الهاوية

[JUSTIFY]لليوم السابع على التوالي لا تزال الأزمة بدولة جنوب السودان تشهد مواجهات متفرقة بين الجيش الشعبي وقوات الانقلابيين، ومع اتساع رقعة الاقتتال في ولايات مختلفة، في المقابل تحصن الرئيس سلفا كير وحكومته بالعاصمة جوبا، فيما تلوح في الأفق رائحة الحرب الأهلية، حيث تصاعدت حدة القتال بين القوات الحكومية مع قوات ريك مشار، بدورها رأت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير لها على موقعها الإلكتروني أمس، أن جنوب السودان التي طالما مزقتها النزاعات القبلية المسلحة، على أعتاب حرب أهلية، وذلك بعد امتداد أعمال العنف لجونقلي بعد الهجوم على معسكر تابع للأمم المتحدة بالولاية ذاتها، وفيما يلي تفاصيل اليوم السابع للأزمة بدولة جنوب السودان:

الوساطة جارية قال وزير الخارجية الإثيوبي تيدروس أدهانوم إن المحادثات التي أجريت بين رئيس جنوب السودان سلفا كير ووسطاء أفارقة يحاولون التوسط في اتفاق سلام تتطور بشكل جيد، وأبلغ أدهانوم الذي يرأس كذلك هيئة التنمية الحكومة «إيقاد» للصحافيين في جوبا أمس عقدنا اجتماعاً مثمراً للغاية مع الرئيس سلفا كير وسنواصل المشاورات، وتقول حكومة الجنوب إن الوفد الوزاري رفيع المستوى بقيادة وزير خارجية إثيوبيا وعضوية وزراء خارجية كل من السودان و كينيا وأوغندا والصومال وجيبوتي والسكرتير العام لمنظمة الإيقاد محبوب معلم، بدأوا اجتماعهم مع الرئيس سلفا كير، بهدف إيجاد مخرج للأزمة التي تعصف باستقرار وسلام جوبا منذ منتصف الشهر الجاري، ومن المتوقع أن يقدم وفد الإيقاد مقترحات محددة لدخول طرفي الصراع في مفاوضات لحل الأزمة.

الاتحاد الإفريقي قلق أعرب مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، عن قلقه البالغ إزاء القتال الذي نشب مؤخرًا في مدينة جوبا ومناطق أخرى بجنوب السودان، إثر الخلافات داخل قيادة الحركة الشعبية، وذكر المجلس فيما يتعلق بهذا الشأن أنه يشعر أيضًا بالقلق العميق بسبب العواقب الإنسانية الخطيرة، لذلك التطور المؤسف على السكان المدنيين بعد أن تسبب القتال في تشريد آلاف الأشخاص ومقتل المئات.

قوات أمريكية أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في رسالة إلى الكونغرس عن أن الولايات المتحدة أرسلت نحو «45» جنديًا إلى جنوب السودان لتأمين أمن الرعايا الأمريكيين، وقال إن الجنود مجهزون بشكل جيد للمعركة، انتشروا بهدف تأمين حماية مواطنين ومصالح أمريكية، وسيبقون في جنوب السودان طالما أن الوضع تطلب ذلك، ولم تشر القناة إلى مزيد من التفاصيل. بدوره دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس جنوب السودان إلى أن يوقف فورًا جميع أعمال العنف التي تهدف إلى زعزعة حكومة الدولة التي أصبحت على شفير هاوية الحرب الأهلية، وقال أوباما في بيان أن المعارك الأخيرة تهدد وتغرق جنوب السودان مجددًا في الأيام الحالكة التي عاشها بالماضي، داعيًا إلى إنهاء المعارك فورًا الهادفة إلى تصفية حسابات سياسية وزعزعة الحكومة، كما حث الرئيس الأمريكي الفئات المتحاربة في جنوب السودان، على إنهاء العنف واستعادة الهدوء والعمل، من أجل المصالحة، قائلاً: إن الصراع ينذر بعرقلة التقدم الذي حققته البلاد منذ حصولها على الاستقلال، ويجب على كل الأطراف أن تستمع إلى المشورة الحكيمة للجيران وتدخل في حوار وتتخذ خطوات فورية، لاستعادة الهدوء ودعم المصالحة.

هجوم جديد حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من أن تنزلق جنوب السودان إلى الفوضى بفعل الأزمة الحالية، وأعرب الأمين العام عن القلق العميق إزاء التقارير المتعلقة باستمرار العنف المتزايد في أجزاء عديدة من جنوب السودان، وانتهاكات حقوق الإنسان وأعمال القتل التي تغذيها التوترات العرقية. وقال في بيان أصدره المتحدث الرسمي باسمه إنه يطالب القوات الحكومية والمعارضة باحترام حقوق المدنيين وضمان سلامتهم وأمنهم، ويذكرهم بمسؤولياتهم وبإمكانية مساءلتهم بموجب القانون الدولي الإنساني. كما أعرب بان كي مون عن اندهاشه عند سماع نبأ الهجوم على قاعدة بعثة الأمم المتحدة أونميس في مقاطعة أكوبو بولاية جونقلي، وقال إن هناك دلائل تشير إلى مصرع مدنيين من جنوب السودان كانوا قد لجأوا إلى القاعدة الأممية، كما أصيب آخرون في الهجوم. وأكد الأمين العام في بيانه دعمه لمبادرة الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا «إيقاد» من أجل الحوار بين الخصوم السياسيين. وقال إنه يدعو الحكومة والمعارضة السياسية إلى الاستفادة من هذه الفرصة لاستعادة الأمن والعملية الديمقراطية في جنوب السودان. وناشد بان كي مون القادة الرئيسيين المعنيين، الارتقاء لمستوى المسؤولية، وقال إن هذه الدولة الفتية، يتطلب من قيادتها الحالية القيام بكل ما هو ممكن لمنع جنوب السودان من أن تنزلق إلى الفوضى، وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إنه صدم حينما علم بالهجوم على القاعدة التابعة للأمم المتحدة، وقال في بيان بدت مؤشرات على أن مدنيين قتلوا وجرحوا في الهجوم، ولكن لم يتم التحقق من هذا. وإذا صحت هذه الأنباء فإنه يجب محاسبة هؤلاء الجناة عن جرائمهم، ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك اجتماعا مساء أمس الجمعة لمناقشة الأزمة في جنوب السودان، من جانبه، طالب وزير الخارجية البريطاني وليام هيج، الأطراف المتناحرة في دولة جنوب السودان، بضبط النفس وإنهاء أعمال العنف هناك. وأعرب هيج في تدوينة على حسابه الخاص على موقع التدوينات «تويتر» على شبكة الإنترنت عن بالغ قلقه من الهجوم على القاعدة التابعة لبعثة الأمم المتحدة، لحفظ السلام وحزنه لمصرع بعض أفراد البعثة وفي الإطار نفسه دانت الخارجية الإسبانية الهجوم الذي استهدف قاعدة بعثة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود هنود أمس. ووصفت الخارجية الإسبانية الهجوم الذي وقع على القاعدة الأممية بولاية«جونقلي» بأنه غير مبرر، داعية جميع أطراف النزاع إلى إنهاء العنف لا سيما ضد المدنيين وضمان احترام جميع الموظفين الدوليين بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وفقاً للقوانين الدولية.
الصين تجلي قال مسؤول من شركة النفط الوطنية الصينية ووسائل إعلام أمس، إن الشركة وهي مستثمر كبير تنقل عامليها إلى العاصمة جوبا، وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» إن الشركة تعتزم نقل «32» عاملاً جواً، وقال مسؤول إعلامي بالشركة ترتب إجلاء منظما لعاملينا في حقول النفط المتضررة التى تديرها شركة النفط الوطنية الصينية، ولم يوضح ما إذا كان انتاج الشركة من النفط قد تأثر، وقالت شينخوا إن الاضطرابات وصلت إلى حقل نفط فى القطاع الشمالى من جنوب السودان تديره مجموعة شركات هندية وماليزية ومن جنوب السودان مما أسفر عن مقتل «14» من العاملين المحليين.
من جوبا إلى كمبالا بدأ الجيش الألماني أمس فى إجلاء نحو مائة مواطن ألماني من دولة جنوب السودان. وقال متحدث باسم الإدارة الخارجية بالجيش الألماني في تصريحات صحفية امس، إن طائرة نقل من طراز «ترانسال» أقلعت من دولة جنوب السودان صباح أمس وعلى متنها مواطنون ألمان. ووفقاً لبيانات وزير الخارجية الألماني فرانك ــ فالتر شتاينماير سيتم مبدئياً نقل «55» ألمانيا إلى أوغندا المجاورة، وأضاف شتاينماير أنه من المقرر إقلاع رحلة ثانية في وقت لاحق أو اليوم «السبت».
تقرير الأزمات رأت مجموعة الأزمات الدولية، في تقرير، على موقعها الإلكتروني، أمس، أن جنوب السودان الدولة الوليدة التي لطالما مزقتها النزاعات القبلية المسلحة، على أعتاب حرب أهلية، وذلك بعد امتداد أعمال لجونقلي والهجوم على معسكر تابع للأمم المتحدة بالولاية ذاتها، وأشار التقرير إلى أن الحرب الأهلية لا مفر منها خاصة بعد انقسام الجيش الذي يجمع في تكوينه الحركات المسلحة والثورية التي قادت معارك الانفصال، لافتاً إلى أن الأزمة التي كانت في يوم من الأيام سياسية انتقلت لصفوف الجيش الشعبى الذى عانى على مدار أعوام من الأزمات الداخلية الطاحنة، ولفت التقرير إلى أن هناك من يتعطش لأيام المعارك العرقية التي قادها جيش التحرير الشعبي، فيما تسعى كل الأحزاب لمزيد من إراقة الدماء بفشلها في وقف الأزمة، التي تستدعي تدخل وسيط خارجي نزيه، معتبرا أن ما يجري في جنوب السودان هو صراع على السلطة، وذكر التقرير أن مجموعة دول الترويكا التي دعمت محادثات السلام بين السودان ودولة الجنوب في 2005، لا بد أن تندد وبشكل صريح بأعمال العنف ضد المدنيين، وتدعم جهود دور «إيقاد» للوساطة.

لوموند تهتم اهتمت صحيفة «لوموند» الفرنسية أمس بتطورات الوضع في جنوب السودان، محذرة من أن الصراع على السلطة يهدد اليوم باندلاع الحرب بها مرة أخرى، والأمر يتعلق بحرب محتملة جنوبية – جنوبية على ضوء التطورات التي أسفرت بالفعل عن مقتل مئات الأشخاص بالعاصمة جوبا، وأضافت لوموند أنه إذا كانت المكالمات الهاتفية من جانب الولايات المتحدة وكينيا ويوغندا وإثيوبيا والأمم المتحدة لم تكن كافية لإقناع رئيس جنوب السودان سلفا كير، بالتفاوض مع خصومه داخل الحزب الحاكم، بدءاً من نائب الرئيس المقال رياك مشار، فإن الصراع السياسي قد يتحول إلى اشتباكات عرقية، يدفع ثمنها المدنيون، واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن وجود الدولة «جنوب السودان» بات على المحك الآن.

صحة سلفا توقعت المجلة إلايكونوميست البريطانية، أن يخرج العنف الذى يشهده جنوب السودان حاليا عن نطاق السيطرة. ورأت الصحيفة أن ظهور سلفا كير المفاجئ على شاشات التليفزيون في السادس عشر من الشهر الجاري، مرتديا الزي العسكري مزعجا في شكله ومضمونه، وكانت جوبا، عاصمة جنوب السودان قد هزها قتال عنيف في اليوم السابق بين فصائل الجيش. وبرغم ذلك، فإن الدبلوماسيين في جوبا يأملون في تجنب وقوع حرب أهلية كاملة النظام على أسس طائفية. وربما يسعى المانحون الغربيون والأمم المتحدة إلى استخدام تأثير مليارات الدولارات في محاولة للتوسط في الأزمة، ويرى المقربون منه أن رجلاً قد تغير، ويتساءلون ما إذا كانت المشكلات الصحية الأخيرة التي استدعت توجهها لجنوب إفريقيا لتلقي العلاج قد أثرت على حكمه، ويقول دبلوماسي عرف سلفا كير منذ الحرب الأهلية إنه رجل مختلف تماماً عن الرجل الذي كان يعرفه من قبل.

التليغراف تتساءل طرحت صحيفة «التليغراف» البريطانية سؤالا حول قدرة جنوب السودان، دولة الثلاث سنوات، على الاستمرار، بعد المواجهات الدامية التي اندلعت بين القوات الحكومية والقوات الموالية لريك مشار نائب الرئيس المقال، تحت سؤال بعنوان من يقاتل من؟ وأوضح الصحفي البريطاني ديفيد بلير أن كلاً من الرئيس سلفا كير ميارديت ونائبه المقال في يوليو الماضي مشار خاضا معارك كثيرة للوصول للسلطة، بينما كانت الخصومة القبلية تشتعل شيئا فشيئا بينهما، فـكير من قبيلة الدينكا ومشار من النوير. وأكد بلير أن الوضع خطير، خاصة بعد إجلاء الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا رعاياهما، وسحب الموظفين الدبلوماسيين غير الأساسيين من البعثات الدبلوماسية. ورأى بلير أن جنوب السودان يتجه لحرب أهلية عرقية بعد تأليب قبيلة سلفا كير ضد النوير قبيلة مشار، خاصة أن رئيس الدولة استفرد بأفراد النوير للاستجواب أو لما هو أسوأ، فيما سيطر أنصار مشار على ولاية جونقلي شمال جوبا، إلا أن مشار نفسه مختفي وسط أنباء شبه مؤكدة عن هروبه على الأرجح لجونقلي.
تحليلات

قال نائب مدير مركز الدراسات السودانية بجامعة القاهرة الدكتور أيمن شبانة إن محاولة الانقلاب في جنوب السودان هو نتيجة للصراع على السلطة بين أجنحة النخبة الحاكمة، واصفاً ذلك بأنه صراع سلطوي، محذراً من تأثير نتائج هذا التقسيم على الأمن القومي المصري. وأضاف شبانة – خلال لقائه ببرنامج أنباء وآراء على القناة الثانية – أمس أن الصدام بين القيادات تحول إلى صدام بين جماعة الدينكا – التي ينتمي إليها الرئيس سلفا كير – وجماعة النوير؛ وهما أكبر الجماعات بالسودان، وأوضح أن أمريكا لا تتدخل عسكرياً بشكل مباشر على الأراضى الإفريقية منذ عام 1994 بالرغم من وجود مصالح للولايات المتحدة بجنوب السودان إلا أنها لن تتدخل عسكرياً، وربما تحاول ممارسة ضغوط سياسية قوية على أطراف هذا الصراع السلطوي. من جهتها، أعربت الدكتورة أماني الطويل عن اعتقادها بأن جنوب السودان ربما يواجه في الفترة المقبلة صراعا مسلحا يمتد لعدة شهور، مرجحة تصاعد الصراع على المستويين السياسي والشعبي. وحول احتمال تدخل إسرائيل في الأزمة في جنوب السودان باعتباره حليفاً إستراتيجياً، استبعدت الطويل أن تتدخّل تل أبيب لحل الأزمة، إلا أنها رجحت أن تضطلع الولايات المتحدة الأمريكية بدور بناء لرأب الصدع بين أطراف الأزمة، بينما ستسعى الأمم المتحدة لخلق فرص للتفاوض.

صحيفة الإنتباهة
المثنى عبد القادر
ع.ش[/JUSTIFY]