تحقيقات وتقارير

نفط الجنوب إرهاصات الخطر على الشمال

[JUSTIFY]تصاعدت حدة الصراع السياسي بدولة الجنوب وتزايدت وتيرته بصورة متسارعة والذي امتد إلى منشآت إستراتيجية لحكومة الجنوب؛ عزز من مخاوف سيطرة المجموعات المناوئة على حقول النفط بصورة كاملة، بعد فرار العمال من حقول النفط تخوفاً من القتال الذي نشب هناك. فانتقال الصراع بالجنوب إلى حقول النفط سيؤدي إلى تأثير سلبي مباشر على السودان، لا سيما أن هنالك تقديرات بنيت على عائدات إيجار خطوط نقل النفط إلى التصدير، والتي كان من المتوقع أن تحقق إيرادات قدرها (مليار) دولار سنوياً، بجانب دفع حكومة الجنوب للسودان تعويضاً قدره مليار دولار سنوياً لمدة ثلاث سنوات، وهو ما دعا د. الشريف التهامي في تصريح لـ (الإنتباهة) يؤكد أن عائدات نقل البترول من دولة الجنوب إلى مينائي البحر الأحمر تساوي أكثر من 2.2 مليار جنيه حسب الاتفاق الذي تم بين وزارتي نفط الدولتين حال كان الإنتاج يفي بالالتزام، مستدركاً بقوله إن تشتت الوضع الأمني بدولة الجنوب قد لا يضمن إيفائها للالتزامات التي وقعت عليها، مشيرًا بقوله إنه حتى التجارة التي بدأت تأخذ طريقاً إيجابياً بين الجنوب والسودان في متطلبات الحياة الأساسية ستتأثر بصورة مباشرة بهذه الحرب.

يأتي ذلك بعد أن اتجه جنوب السودان إلى زيادة إنتاج النفط منذ أن توصل إلى اتفاق مع السودان لمواصلة استخدام منشآته الخاصة بتصدير النفط وميناء بورتسودان المنفذ الوحيد للأسواق الخارجية، فأصبحت ولاية الوحدة تنتج (30) ألف برميل في حقل (التور) ويضخ حالياً نحو (170) ألف برميل يومياً من حقول ولاية أعالي النيل، وذلك بعد أن أعلنت وزارة النفط بالجنوب سبتمبر الماضي عن تحقيق الجنوب لمبيعات نفطية بنحو مليار دولار منذ استئناف الإنتاج في أبريل وحول ربعه إلى السودان مقابل تصدير الخام عبر أراضيه، ودفعت رسوماً قدرها (91) مليون دولار مقابل استخدام خطوط الأنابيب وميناء بورتسودان، كما دفعت مبلغاً إضافياً قيمته (147) مليون دولار في إطار حزمة تعويض السودان عن فقدان معظم إيرادات النفط بعد انفصال الجنوب.
وعلى الرغم من التطمينات التي بثتها بعض القيادات الجنوبية عن عدم وصول المواجهات القتالية إلى حقول البترول إلا أن الحكومة السودانية عبّرت بشكل واضح إزاء التطورات بالجنوب بخشيتها أن يؤثر الصراع الدائر في الجنوب على تدفق النفط عبر الأراضي السودانية مما سيضر مصالح الخرطوم، وهو ما جعل مراقبين يشيرون إلى أن اتجاه الحكومة لبناء تقديرات من عائدات إيجار خطوط أنابيب التصدير للجنوب في الموازنة العامة للدولة للعام 2014م، كان أمراً محفوفاً بالمخاطر خاصة أن هذا الأمر واجه الفشل العام الماضي حينما أصدرت حكومة الجنوب قراراً إدارياً أوقفت به إنتاج نفطها، مما أثر في أداء البرنامج الثلاثي وانعكس سلباً على معدلات تنفيذه.

الكارثة الاقتصادية التي ستلحق بالاقتصاد السوداني جراء الحرب التي تدور رحاها في الجنوب ستزيد من حالة الاختناق التي يمر اقتصاد السودان ويقضي على كل البشريات التي أطلقها وزير المالية، وهو ما حدا بمراقبين اقتصاديين إلى الإشارة إلى أن هذه المرحلة تتطلب من البرلمان النظر في الموازنة قبل إجازتها، وقبل اللجوء إلى تعديلات مستقبلية، نسبة إلى أن هذه الميزانية بها قفزة كبيرة في الإيرادات الذاتية، حيث تجاوزت أكثر من (46) مليار جنيه ولم يراعَ فيها الحذر والحيطة.
إن الأوضاع في جنوب السودان تؤثر سلباً وإيجاباً على الأوضاع في السودان، لما بين البلدين من روابط عديدة وحدود مشتركة طويلة، وهو ما يوجب على السودان وضع السياسات البديلة واللازمة لتدارك أي عقبات تواجه العلاقات بين البلدين وهو ما يجعل أمن واستقرار الجنوب رهين باستقرار السودان.

صحيفة الإنتباهة
ربــــاب علـــــي
ع.ش[/JUSTIFY]