تحقيقات وتقارير

احمد يوسف التاي … مهنية قناة الشروق

[JUSTIFY]سنار ولاية محمية، كان ذلك عنوان الحوار الذي أجراه الزميل طلال مدثر مع والي سنار المهندس أحمد عباس في برنامج «المحطة الوسطى».. وعند الرابعة عصراً هاتفني مقدم البرنامج طالباً مني الموافقة على «مداخلة»، وأكد لي أنه سيتصل عليّ أثناء البرنامج للمشاركة وإثراء الحوار، وأنا صراحة جهزت «أدواتي» وكل ما من شأنه أن يجعل الحوار «ثرياً» و «ساخناً» وأكثر «متعة» مما كان عليه.. وتابعت الحوار بأعصاب مشدودة وشغف عارم لإبداء رأيي في الأداء الضعيف جداً لحكومة ولاية سنار حينما يتم الاتصال بي، وكنت في كل لحظة أتوهم رنين جرس هاتفي حتى تفاجأت بانتهاء زمن البرنامج الذي استغرق ساعتين كاملتين، وانتظرت قليلاً لعل مقدم البرنامج الذي كان متحمساً جداً لمشاركتي يعتذر لي عن التراجع «المريب» ولكنه لم يفعل، وعند الواحدة صباحاً هاتفته وأفرغت كل الهواء الساخن من صدري، وهنا أشكره على سعة صدره، وأقدر حرصه على عدم قول كل الحقيقة التي لا أريد أن يدفع ثمنها.. المهم أن مقدم البرنامج ألمح لي بأن هذه تقديرات جهات أعلى منه، وأنه لا يستطيع إفادتي بأي شيء إلا في حدود عمله، وأنه يتحمل مسؤولية الاتصال بي وأنه ليس مسؤولا عما حدث.

وكان مقدم البرنامج يخاطب السادة المشاهدين من ولاية سنار سواء أكانوا بالخرطوم أو في أي مكان بأن يتصلوا على أرقام الهواتف على الشاشة، وأعلم تماماً أن المئات المغبونة تزاحمت على تلك الهواتف وقد اُحيل بينهم والوالي، كما اُحيل بيني وبينه، ولا أدري لماذا؟! وكان مقدم البرنامج حريصاً على أن يعطينا الانطباع بأن هناك مشكلة في الاتصال، فكان يقول: «ألو.. ألو، يبدو أن هناك مشكلة في الاتصال»، لكن يا أخ طلال دي ما بتفوت علينا نحنا، فإذا طلبتُ منك أن تقسم بالله أن هناك مشكلة في الاتصال هل كنت ستفعل؟ وإذا طلبت منك أن تقسم بالله بأنه لا أحد منعك من الاتصال بي هل كنت ستفعل؟ قطعاً لن تفعل لسبب بسيط هو إنني أعلم تماماً مدى صدقك وجرأتك التي عرفتك بها منذ تسعينيات القرن الماضي.

على أية حال هذه أعتبرها سقطة مهنية، ما كان أبداً لـ «الشروق» أن تقع فيها.. أما ملاحظاتي على الحوار فقد بدا لي أشبه بالحوارات الدعائية وإبراز الإنجازات الوهمية وتلميع المسؤولين، خاصة أن الحوار جاء في وقت تلاقت فيه أشواق الناس مع وعد أطلقه رئيس الجمهورية بأن التغيير سيطول بعض الولايات، ولولا «مشالخة» مقدم البرنامج في بعض المرات لكان الحوار لا يطاق أبداً ولكان أثقل مما كان..

أما صحافيو الولاية الثلاثة «الكذابين» الذين أشار إليهم أحمد عباس، فهؤلاء قطعاً وصفهم بالكذابين لأنه لا يطيق سنان أقلامهم الحادة، ولا يتحمل نقدهم الجريء الأمين، لأنهم صادقون ويدمغون كل أباطيل الولاية بالحق والأدلة الدامغة والمستندات الرسمية التي أقرَّ بها في نفس الحلقة حينما قال: «هو نحنا مستنداتنا بنشروها في الجرايد» وهل كان غير هؤلاء «الكذابين» من ينشر مستنداتكم الرسمية التي تُدين ممارساتكم السياسية؟ وهل يفعل ذلك «الصادقون» الذين أنتم راضون عنهم؟

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]