فدوى موسى

هموم صغيرة

[JUSTIFY]
هموم صغيرة

دوائر متداخلة من الهموم تضع في نهاياتها الهم الاكبر الذي يأخذ طوابع مختلفة حسب نظرة الفرد وحسه وتعامله مع معطيات واقعه وقد تكون نظرة البعض لهذه الهموم ميالة لاخذها بعين الاستخفاف دون ان يرنو الى تداعيات تراكمها مع بعضها البعض.. فمثلاً ان كان تعاملك مع ابنك مبنياً على الندية، وكسر حاجز الاحترام، وأنت تظن انك بذلك تطور تربيته سوف تصطدم يومياً بأن الإفراط في هذا المنحى التربوي قد أزال ما بينكم من درجات الهيبة المفروضة بين الآباء والأبناء الأمر الذي ربما جعلك تحت سخرية هذا الإبن أو في هم إعادته لجادة الطريق أو قد يصبح هذا الهم متدرجاً من الدَّرجة الصغرى إلى درجة الهم الاكبر.. أو ان تنمو بذرة خلاف بينك وجارك على خلفيات مشاكل بسيطة بين صغارك وصغاره وتتفاقم المشكلة وتصبح هماً.. وهذه الأيام تجبر الظروف الكثيرين على بند «التحسس» واللوم خاصةً إنهم كانوا أصحاب مروءة ونجدة رأيت أحد هؤلاء متحسساً تترسم على وجهه علامات الهم والأسف وسألته «مالك شايل هموم الدنيا في رأسك» فرد «واللَّه السَّنة دي ما قادر أعاين في عيون جاراتي في الحلة الكنت بساعدهن والله الظروف صعبة علي خالص والله الهم ماكل عقلي» فرددت عليه «يا زول قول يا لطيف وما تشيل هم وخليها على الله» والآخر إلي أن صار لا يجلس في المركبات العامة إلا في الصف الأخير «متدلي الرأس» خاصةً وانه كان يتصيد المعارف في المركبة حتى يكرمهم بدفع ثمن تذكرة الركوب، وصار الآن «يتموضع» في آخر المركبة ويأخذه الهم ان اضطر للجلوس في وسط المركبة وهناك من يعرفه.. لم يحتمل حتى الآن فكرة ان يجلس بالقرب منه، ويعتذر بإيقاف المركبة في المحطة التالية ويمارس الهروب.. وهم صغير يعصف بدماغ الحاجة «نفيسة» التي اعتادت ان تخرج صينية إفطار للعاملين «بالدكاكين والمكوجية بالحلة» واصبحت الآن مهمومة بتدبير صينية أبنائها ناهيك عن الآخرين، والهم يأخذ لبها كلما مرت من أمام هؤلاء.. ونوع من الهم الغريب يصطدم بنفسية البعض عندما يتبدل حال أحدهما للأفضل فيحجمون عن استمرار علاقتهم معه بذات «الرزم» باعتبار انهم يعتقدون انه يحمل هماً كلما رأى أهل العهد القديم ويتوارد لذهنه انهم ربما يريدون منه شيئاً كحسنة او صدقة فيحملون رؤيته هماً وتبعات ملاقاته، وربما كان بعضهم كذلك.. وآخر يخرج ميزانية محددة ليساند بها بعض الأقارب فيقوم هؤلاء بدفع آخرين لشحدته، فيدخل في بند «هبش السنام» الأمر الذي يجعله ينظر لامر المساعدة هذا بشيء من الهم لأنه يتعدى ما رصده الى اكثر من ذلك، وربما عجلت الشغلانة بكفه عن المساعدة كليةً.. وآخر يحمل هم عياله بعد ان وصل سن المعاش دون ان يدبر أمر ما بعد المعاش، فيصبح مهموماً بهم أسرته التي تدخل معه في «دراما تصرفات غير محتملة» كأن يصبح حاد الطبع كثير الكلام واللعان والسباب ولا يزال هم العيال قائماً الى ان يتدبر الامر.. وآخرون يدخلون في «فوبيا» من اي محتمل إذا رأوا مكروهاً ألم ببعضهم حملوا هم حدوث ذات المكروه لهم خاصةً إن كانوا في منزلة أو وضع أقل من أصحاب الهم الواقع.. وهموم متراكمة مثل الحالة التي يعيشها «المأجرين» للمنازل تراهم طوال الشهر يحملون هم تدبير الإيجار حتى لا يدخلون في بند المطالبة بالخروج من المنزل ودفع المتأخرات.. وهموم تقع على العامل ان لم يخرج الشخص من بيته وإحجام عن أي شيء فانها تلاحقه كواجب وفرض هم فاتورة الماء والكهرباء والأكل والشرب والعلاج و.. و..

آخر الكلام:

تعاملنا بسلاسة مع التفاصيل الصغيرة والتي هي معظمها هموم صغيرة.. ربما يخفف من وطأة حملنا للتراكمات الكبيرة لها والتي تدخل علينا بشيء من الرهق والعذاب.. لا نقول «نطنشها» لكن قليل من الحكمة كثير من الوعي وبعض المرونة وكل شيء يصبح تمام «يا عوض دكام»..

(مع محبتي للجميع)
[/JUSTIFY]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]