الطاهر ساتي

أهكذا التوطين …؟؟

[ALIGN=JUSTIFY][ALIGN=CENTER]أهكذا التوطين …؟؟[/ALIGN] ** يطربني بيت قصيد لشاعر يتساءل فيه بأسف : ما كل وضاح السنا ذهب ، ولكن من يعي ..؟.. وهو تساؤل بمثابة ابن عم القول المعروف : ليس كل مايلمع ذهبا .. نعم ، يطربنا صوت الطحن أحيانا فنرقص طربا ، ثم نكتشف فيما بعد بانه كان طحنا بلا طحين .. النماذج ليست كنانة والرهد فحسب ، ولا ، ولا ، .. لا ..هي كثيرة .. إليك إحداها ..!!
** « السيد : رئيس لجنة توطين العلاج بالداخل ، د . مالك عبده .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. الموضوع : طلب أجهزة توطين العلاج بالداخل .. بالإشارة للموضوع أعلاه ، وتذكيرا بأن مستشفى « ….» هو التخصصي الوحيد في السودان ، وكل قبلة مرضى كل السودان ، وكما هو يوفر مركزا هاما من مراكز التدريب لنواب الاختصاص والطلاب و لكى نوفر سفر المرضى الى الخارج بحثا عن التشخيص والعلاج والذى يمكن أن يتم داخليا بكل كفاءة واقتدار اذا توفر المعدات والاجهزة الطبية اللازمة .. وعليه نرفق طيه كشفا ببعض الاجهزة الطبية التى نرى فى وجودها نقلة نوعية فى مستوى الخدمة الطبية التى يقدمها المستشفى ودعما كبيرا لسياسة التوطين بالداخل .. وجزاكم الله خيرا … د/ …. مدير عام مستشفى « ….» … 20 ديسمبر 2004 ..» ….!!
** تلك وثيقة هى نص خطاب مدير مستشفى جهير السيرة ، يطلب من رئيس لجنة توطين العلاج بالداخل الأجهزة الآتية : ..جهاز مناظير الصدر ، جهاز قياس وظائف الرئة ، جهاز مناظير رئة ، جهاز قياس تركيز الاوكسجين بالبخار ، جهاز أشعة ثابت ، جهاز أشعة متحرك ، جهاز رسم قلب ، جهاز موجات صوتية ، جهاز تنفس صناعي و جهاز اشعة مرئية ..تلك هي الأجهزة المهمة التى طلبها السيد المدير لمرفقه العلاجي المهم ذي التخصص الوحيد في السودان حتى يصبح مستحقا لاسم « مستشفى » .. وسيادته يؤكد بحزن أنه استبشر خيرا بهذا المشروع فقط ليجلب عبره تلك الأجهزة ، بحيث كان يؤلمه تحويل مرضاه للمعامل الخاصة ذات الأسعار العالية للتشخيص .. المهم .. هذا المدير قدم لذاك الرئيس قائمة الأجهزة المطلوبة في ذاك التاريخ : 20 ديسمبر 2004 .. وانتظر الأجهزة ….!!
** قد لا تصدق ، عزيزي القارئ ، لو قلت لك بان صاحب الطلب انتظر الأجهزة عاما وآخر وثالثا والى يومكم هذا لم يستلم جهازا من أجهزة قائمته .. قد لاتصدق هذا ولكن هذا ماحدث .. ثم الحدث الآخر والمضحك المحزن استلم رئيس المشروع ذاك الطلب و طواه ، ثم ارسل لصاحبه سماعتين سعر الواحدة فى السوق لايتجاوز العشرين جنيها سودانيا وليس إسترلينيا ، وجهازين لقياس الضغط سعر الواحد في السوق لايتجاوز المئتي جنيه سودانى وليس استرلينى ..وهى أجهزة صينية ، قيمة الكل – كما يقول صاحب الطلب الذي تجاوز الربع قرن عمرا في المجال الطبي – في السوق السودانى لا تتجاوز أربعمائة وخمسين جنيها سودانيا ، بالقديم أقل من نصف مليون جنيه .. تلك هى أجهزة توطين العلاج بذاك المستشفى التخصصي الوحيد في السودان ..تأمل ..!!
** لو كانت وزارة الصحة – وزيرا ووكيلا – جادة في إصلاح حال الوضع الصحي بالبلاد ، فعليها تشكيل لجنة مراجعة لمشروع توطين العلاج بالداخل لتسأل القائمين عليه أسئلة محددة ..كيف تم اختيار أجهزة المشروع ، وفق حاجة مشافي بلادنا بعد دراسة أوضاعها أم بالـ « قرعة »..؟..كيف وقع الاختيار على الشركة المستوردة والدولة المصنعة ، بالعطاء والتأكد من الجودة بواسطة خبراء مختصين أم « كدة ساكت » ..؟..بنسبة كم فى المائة استفادت المشافى من هذه الأجهزة ، مائة فى المائة أم بعضها لا يزال مكدسا في المخازن إما لعدم الحاجة أو لأعطال أصابتها قبل أن تعمل ..؟.. وهكذا .. وهى أسئلة مشروعة جدا ، اسمها في بلاد الآخرين مراجعة الآداء ومراقبته ومحاسبته .. يجب المراجعة ثم المحاسبة ، ما لم يكن المشروع أكبر من …« هذه وتلك » ..!!
إليكم – الصحافة الثلاثاء 02/12/2008 .العدد 5548
tahersati@hotmail.com[/ALIGN]

تعليق واحد