د. عبير صالح

رمضـــان والعــادات السـالبـة


رمضـــان والعــادات السـالبـة
كلنا يعلم أن الصوم تجربة روحية عميقة، حيث أنه يرقى بالإنسان إلى السمو الروحي والرؤيا بوضوح أكبر والتعمق في ملكوت الله، وتتجه كل أعضاء جسم الإنسان إلى الله خالق السموات والأرض، داعية متذللة لخالقها، ونعم الله علينا كثيرة فمنها نعمة الصحة والعافية وهذا تاج لا يعرفه إلا المرضى، فدعونا نغتنم هذا الشهر الكريم للتخلص من العادات السالبة ونحافظ على صحتنا ومن أهم هذه العادات:

1/ الصيام والتدخين:

من أهم مضاره الصحية سرطان الرئة ويظهر بنسبة 70% لدى المدخنين أكثر من غيرهم، سرطان الحنجرة ويظهر بنسبة 10% لدى المدخنين أكثر من غيرهم.. الأمراض القلبية المختلفة وإرتفاع ضغط العدم، وتسارع ضربات القلب أكثر من المعتاد، الزيادة في نسبة الكولسيترول في الدم، الرائحة الكريهة في الفم وتسوس الأسنان، فقدان الشهية ونقص فيتامين سي، سرطان الثدي والشفاه واللسان والبلعوم والبنكرياس، الأرق والتعب وتأثيره الخطير على الأعصاب، وتأثيره على الحواس الخمسة وخاصة حاسة البصر، حيث أنه يزيد من فرص فقدان البصر وخاصة عند الشيخوخة، حيث يحدث تحلل طبقة الماكيولا، يؤثر على الجهاز العصبي مما يضعف الذاكرة، يضعف القدرة الجنسية للطرفين، حيث أنه يسبب نقصاً في الأوعية الدموية بسبب النيكوتين، التدخين يؤثر على الأم في فترة ما قبل الحمل، يحدث الحمل خارج الرحم، حيث أن النيكوتين يضعف حركة الأنانيب، كما أنه يؤثر على الجنين ويؤدي إلى الإجهاض ونقصان الوزن، إن مادة النيكوتين يفرزها الثدي مع اللبن في فم الطفل الرضيع.

كلنا نعلم أن التدخين فيه مضار على الصحة فلماذا ندخن؟

وكل علبة سجائر مكتوب عليها تحذير صحي «التدخين سبب رئيسي لسرطان وأمراض القلب والشرايين» فهذه فرصة، ففي اقلاعك رضىً للرحمن.. هذا الشهر الكريم فرصة للاقلاع عن كثير من العادات الضارة ، إذا استطاع الإنسان أن يتحمل الابتعاد عن التدخين لمدة شهر كامل أو يقلل منه بدرجة كبيرة، فلماذا يرجع إليه بعد الشهر الكريم؟

حسناً لقد قررت أن تقلع عن التدخين بجميع أنواعه لذا اتبع الإرشادات التالية:

التحلي بالإرادة الذاتية القوية لترك التدخين، لأن الإنسان لا يعلم متى آخر لحظة من قطار الحياة يتوقف بنا، فإذا استطعت أن تقلع عن التدخن من الفجر حتى غياب الشمس، فهل تعتقد أنك لا تستطيع أن تقلع عنه للأبد!؟ ولك أيضاً أن تدعو الله سبحانه وتعالى للإعانة على تركه والصبر والإصرار على التوقف.. لا تسمح لأحد بالتدخين في منزلك، وتناول الكثير من الماء، ومارس الرياضة، صلاة التراويح والنوافل وقيام الليل، خفف من شرب القهوة والشاي وحاول شرب الحليب بدلاً عنهما، لا تكرر قول: أنه من الصعب ترك التدخين أو أنك حاولت مسبقاً وفشلت فرمضان فرصة فمن يغتنمها؟.

يمكن استخدام الأدوية المساعدة، ولكن بشرط تحت إشراف الطبيب المستشار، لأن هذه الأدوية تحتوي على النيكوتين وهي ليست خطرة وحتى خلال الحمل، حيث أنها تعوض الجسم تدريجياً عن النيكوتين عند الشعور بالرغبة في التدخين، ومن هذه الأدوية عدة أنواع، العلكه الحاوية على النيكوتين واللصاقات، وكذلك الحبوب الحاوية على النيكوتين، أيضاً هناك جهاز استنشاق عن طريق أنابيب بلاستيكية دقيقة وهو سريع المفعول، أيضاً هناك طريقة إعطاء جرعة محسوبة تحت الجلد تحت اشراف الطبيب المباشر، بالإضافة إلى رذاذ الانفاد البخاح الخ..

أخيراً: الصيام فرصة فاغتنمها للاقلاع عن التدخين.

2/ الصيام .. التمباك «الصعوط»:

إن هذه الظاهرة الضارة والسلوك غير الحضاري، انتشرت في الآونة الأخيرة حتى عند طلاب المدارس، فهذه الفئة تتعاطى التمباك على انه غير ملاحظ من قبل الوالدين أو محيط المدرسة، كما هو في حالة السجائر المعروفة برائحتها المميزة، هذا إلى جانب تبريرهم بأنه أقل ضرراً من التدخين ورخيص الثمن، في نفس الوقت تقوم بذلك الدور الذي تتميز به السجارة..

كما أن الأمر لا يقتصر على ذلك فحسب، بل حتى أروقة المستشفيات والطرقات العامة ممتلئة بالتمباك.

وياحبذا لو كتب على أكياس التمباك ما يكتب على صناديق السجائر «التبغ ضار بالصحة».

واليكم الأضرار التي يمكن أن يسببها التمباك:

يسبب التباك مضاراً صحية كبيرة ظهرت في الآوانة الأخيرة، لذا تركه واجب، والتثقيف الصحي بمضاره من قبل الأفراد والمنظمات الطوعية أيضاً واجب.

قال الله تعالى : « ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» صدق الله العظيم.

التمباك أو الصعوط هو أصلاً تبغ داكن اللون، كريه الرائحة، مخمر مطحون، يوضع تحت الشفاة السفلى سابقاً والعليا حالياً عند الشباب.

يحتوي التمباك على 28 مادة مسرطنة أكثرها ضرراً مادة النتروسامنيات، التي تتكون أثناء تحضير وتجهيز التمباك بالإضافة إلى المواد المسرطنة الأخرى مثل الزرنيخ، والكادميوم- «عنصر يدخل في صناعة بطاريات العربات- والنيكل بالإضافة إلى الاستيالدهن مادة مهيجة والفورمالدهيد، عنصر مستخدم في تحنيط الموتى والهيدرازين «مادة كيمائية سامة.. الخ.. من المواد السامة.

بالإضافة لما يحتويه التمباك من مادة النيكوتين مادة تؤدي للإدمان والاضطرابات بالقلب والأوعية الدموية، ولكم أن تعلموا أن النيكوتين الذي يمتصه الجسم من التمباك أكثر بمعدل 3 مرات من الممتص عن تدخين سيجارة، بالإضافة لبقائه فترة أطول في الدم 6.4 مل جرام نيكوتين مقارنة بـ 1.8 ملجرام في السجائر.

الآثار الناتجة عن التمباك غير السرطان:

يسبب التمباك تقرحات في بطانة الفم، وهذه التقرحات قد تكون حميدة، مع احتمالية التحول إلى خبيثة في بعض الأحيان.

انحسار اللثة عن الأسنان قد يؤدي إلى تخلخل الأسنان واصفرار الأسنان مع تغيير رائحة الفم.

مشاكل اجتماعية تتسبب في الاشمئزاز الذي يثار من قبل البعض جراء هذه العادة السيئة.

له آثار ضارة في غدة البروستات عند الذكور، كما يقلل من انتاج الحيوانات المنوية.

الآثار الضارة التي تعتبر كارثة وأصبحت شائعة هذه الأيام هي حدوث سرطان الفم والحلق والبلعوم والرئتين، الذي قد ينتشر إلى الأنسجة المجاورة، وإذا تم علاج الشخص سريعاً فإنه لا يخلو من التشوهات في المستقبل.

الإقلاع عن التمباك بعد الشهر الكريم:

يحتاج إلى القوة الصادقة والعزيمة القوية.

إخلاص النية لله عز وجل بترك هذه العادة الضارة، وأن تدعو الله العلي القدير أن يساعدك على التخلي عنها.

ترك مجالسة من يتعاطون التمباك، ويمكن استخدام العلكة والانشغال بالأعمال المفيدة الأخرى تذكر حالة من أضراره على صحتك.

ومن هنا يهديكم الله ويصلح بالكم ويساعدكم المولى عز وجل على الاهتمام بصحتكم وينعم عليكم وإن شاء الله يكون من الآن فصاعداً «لا للعماري الجيد».

صلاة الليل وصحة البدن :
من نعم الله علينا صيام هذا الشهر الكريم وخاصة الأيام العشر الأواخر منه جعلها الله عز وجل أيام عتق من النار..

تمكن العلماء من اكتشاف عدد من الخلايا العصبية تقع في وسط المخ ويبدو أنها مركز التحكم في الايقاع اليومي، فوجدوا أن صلاة الليل تؤخر الشيخوخة.

أيضاً وجد أن القيام من الفراش أثناء الليل والحركة البسيطة داخل المنزل والقيام ببعض التمرينات الرياضية وتدليك الأطراف بالماء عند الوضوء، والتنفس بعمق له فوائد صحية كبيرة..

يؤدي قيام الليل إلى تقليل إفراز هرمون الكوتيزون خصوصاً قبل الاستيقاظ بعدة ساعات، وهذا يتوافق زمنياً مع وقت السحور «الثلث الآخير من الليل» مما يقي من الزيادة المفاجئة في مستوى سكر الدم، والذي يشكل خطورة مرض السكري، كذلك يقلل الارتفاع المفاجئ لضغط الدم، ويقي من السكتة المخية، والأزمات القلبية عند المرضى المعرضين لذلك.. كذلك يقلل قيام الليل من مشاكل تخثر الدم في أوردة العين، كذلك يؤدي إلى ليونة وتحسن عند مرضى التهاب المفاصل المختلفة، سواء أكانت روماتيزمية أو غيرها نتيجة الحركة الخفيفة والتدليك بالماء عند الوضوء.

كما يعمل قيام الليل على تخليص الجسم من الدهون الثلاثية والكوليسترول، والتي تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية، وكذلك يقلل قيام الليل من بعض أنوع السرطان.

يقلل قيام الليل أيضاً من مخاطر الموت المفاجئ بسبب أضطراب ضربات القلب، لما يصاحبه من تنفس هواء نقي خالٍ من ملوثات النهار، وأهمها عوادم السيارات، ومسببات الحساسية، كما أنه ينشط الذاكرة وينبه وظائف المخ المختلفة لما فيه من قراءة وتدبر للقرآن، وذكر للأدعية واسترجاع والاكتساب وغيرها.

فليكن هذا الشهر وقفة لنا في حياتنا بأكملها وليكن قيام الليل في العشرة الأواخر نواة لتغيير ذاتي وللمداومة على صلاة الليل بعد ذلك.

د. عبير صالح حسن صالح
صحتك بالدنيا – صحيفة آخر لحظة
[email]lalasalih@ymail.com[/email]