الاغتراب وعدم مجاراة الغراب
لاحظت في نفسي وفي غيري، أن الإنسان يصبح أكثر تمسكا بأصوله وجذوره الثقافية والحضارية عندما يكون في بلد أجنبي، وإذا وجدت عربيا تفرنج سلوكيا في بلد غربي، فاعلم أنه ضائع، ولن «يطول» بلح العراق ولا عنب الواق واق، كالغراب الذي دهن ريشه باللون الأبيض فلا صار حمامة ولا قبلت به بقية الغربان، وهناك تفرنج إيجابي، وهو أن تأخذ من الحضارة الغربية شيئا من إيجابياتها الكثيرة، ومنها الانضباط وحب العمل واحترام المال والملكية العامة والنهل من موارد العلوم والمعارف والفنون التي تظل في حالة تجدد مستمر، وعلى المستوى الشخصي فإن زيارتي الأولى للندن عام ١٩٧٦، والتي حددت فيها هويتي كعربيقي (عربي – إفريقي)، لم تجعلني فقط أتمسك بتلك الهوية، بل أعتز بها، وأينما ذهبت خارج حدود بلادي فإنني أذكر نفسي بأنني لست فقط «حتة جعفر» بل سوداني كامل الدسم، بكل ما يحمله هذا الانتماء من تنوع على صُعد مختلفة، وأحس بفرح طفولي كلما التقيت سودانيا أو عربيا وأنا في أوروبا او الولايات المتحدة أو شرق آسيا، تماما مثل فرحي وأنا داخل السودان عندما ألتقي شخصا ما لأول مرة، وأكتشف أنه نوبي ناطق باللغة النوبية، فسنوات العيش الطويل في منطقة الخليج جعلتني لا أجد الفرصة لاستخدام تلك اللغة إلا مرة أو مرتين في الشهر، وتخيل نفسك أيها العربي في السويد او منغوليا أو الأرجنتين وسمعت شخصا يقف قريبا منك يقول: أف .. اللهم طولك يا روح!! إذا كنت شخصا سويّاً فإنك ستمد يدك اليه مصافحا: سلام يا بلدينا.. نعم فهو في الغربة «بلدياتك» حتى لو كنت أنت من تونس وهو من البحرين، فاللغة الأم هي لغة العواطف الصادقة، فالعربي الصادق في «الحب» لا يقول للمحبوب: آي لاف يو، حتى لو كان في واشنطن وكان يحمل دكتوراه في فقه اللغة الإنجليزية، وحتى المتفرنجون منا والذين يحشرون مفردات إنجليزية أثناء التحدث مع عربي آخر بدون مناسبة، أو من دون ان يتطلب السياق ذلك، يقولون في ساعات الزنقة: يا الله، يا إلهي، وليس «ماي قد My Dog.. ورغم إجادتي للغتين العربية والإنجليزية، فإنني وعند الملمات أستغيث بـ«وو نور» وفي اللغة النوبية فإن نور أو أرتي هو الله.
وزرت لندن وغيرها من المدن البريطانية مرات عديدة، بل أقمت في لندن مع عائلتي عامين متصلين، كانا من أثقل المحطات في حياتي، فهناك فرق بين أن تعيش في مدينة كبيرة مثل لندن في منتصف السبعينيات وأنت بلا زوجة أو عيال، وبين أن تأتي إليها بعدها بـ١٤ عاما وعندك أربعة عيال كلهم يذهبون الى المدارس، وتظل عينك على الساعة عندما يقترب الموعد الذي ينبغي على كل منهم العودة فيه الى البيت، لأن شوارع لندن لم تعد مأمونة كما كان عليه الحال في السبعينيات، والمصيبة الأكبر هي أنني ذهبت الى لندن مع عائلتي بعد استقالتي من عملي في قطر، وفور اتخاذي القرار بقبول العمل في بي بي سي اعتبرتني زوجتي معتوها: حد يتقاضى راتب متلتل وعنده سكن مجاني ولا يدفع ضرائب وحوله أقارب وجيران وحبايب، يخلي دا كله ويعيش عيشة الشحاتين في بلاد الخواجات؟ كنت مدركا أن كلام زوجتي منطقي، ولكنني كنت أدرك أيضا أن قيمتي المهنية في سوق العمل العربي سترتفع بعد أن أضيف العمل في بي بي سي الى سيرتي الذاتية، ففي العالم العربي فإن مغني الحي لا يطرب، وكل ما هو خواجاتي يعلو ولا يُعلى عليه.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]
لماذا العربي الصادق في الحب لايقول للمحبوب(آي لاف يو) هل تصغر من قدرهو او تذيدوا جهاله او تنقص من رجولته:confused: دا كان زمان ياود أباس ايام جدودنا الزمان ولي وانتهي ذلك العصر؟الان الزمن اختلف وكلام الحب اصبح عادي جدا؟وبعدين كلمات إلهي او ماي قاد MY God او وونور اختلاف في اللغات والمعني واحد وماأظن تغير شخص من طبعوا ولي شنوووو:)