ممكون وصابر
… تأبى الحروف أن تتداعى وتتدفق في ظل احتباس الدواخل واحجامها عن التعبير والإنفعال في حالة أشبه ما تكون بالشلل التام.. رغم زخم المواضيع وكثرتها إلا المداد يستعصى على الخروج ويبقى حبيس بعض من إحباط ويأس وفتر.. ولو حاول القلم تناول أي موضوع لوجد أنها (أي المواضيع) تحيطه كالسوار بالمعصم.. فعلى أعتاب الأبواب.. خارج فارط الأغراق في رداءة البيئة.. ولا مبالاة جماعية تجاه النظام والمظهر العام للشوارع… الوجوه شاردة في ملكوت كيفية التدبير وتسيير الأمور اليومية.. يوم بعد يوم وسانحة بعد ساعة..
.. تسقط أقنعة العلاقات على دواخل جوفاء إلا بما يخص ولا يعم لذلك تتسرب للداخل بعض من فيوضات الإنعزال والبعد عن الآخرين ويستعصى على الفرد أن يكون مرآة للآخرين أو قادراً على الخروج من نفسه إليهم لذلك يصعب عليه أحياناً أن يكون جزءاً من منظومتهم البشرية.. فلا مناص عندها من ممارسة الإطراق والبلادة وبعض من الهبل والدروشة.. أو كما وصفه البعض بحالة «الممكون وصابر».
٭ الأجانب مبالغة!
الأصل في هذه الحياة الإستقرار والهجرة.. التغيير والثبات.. بقدرما عرفنا وعرف أهل بلادنا ذلك.. بقدر ما بات المزعج جداً التواجد المتكاثر للأجانب في مناطق شعبية بعينها دون سواها الأمر الذي له كلفته الإجتماعية المعروفة والتي تتجلى بعض مظاهرها الآن.. فقد بدأت ملامح شباب هذه الأحياء كما لو أنهم قادمون من دول الجوار ملمحاً وسلوكاً جماعياً..
… بالتأكيد لا عيب أن تكون بلادنا قبلةً للمهاجرين ورغم معانات شبابها من العطالة والتبطل وليس عيباً أن تكون أرضنا ملجأ للفارين من الضغوطات الإقتصادية من بلادهم ففي ذات الإتجاه يملأ السودانيون دول المهاجر ولكن للسوداني أدبيات معقولة عندما يصبح سفيراً لبلده.. عاملاً.. ميكانيكياً أو خفيراً أو عامل طلمبة لأن الغربة عندنا «سترة حال»… ترى هل يدرك ولاة الأمور في هذه البلاد مقدار تأثير اللا قانونية المتوالية على الأمن القومي… «ولا سيبك خليها كده بس للظروف… باكر تشوف» كما تغني أحدهم.
٭ شاي بائر
لم تبق بائعة الشاي الأجنبية زبوناً واحداً على بنابر الخالة (حواء) التي تجري على هم عيالها اليتامى.. فكيف لهم بمقاومة شابة مليحة القسمات ترتدي البنطال والتي شيرتي وتطلق البخور الجميل ولا تفتر شفتيها عن ابتسامة دائماً تنسيهم الهم… وكيف للخالة حواء «المبلمة… التي تحمل على رأسها كل هموم الدنيا.. رسوم المدَّارس.. وحق الحَلة.. القُفة… العِلاج… إيجار البيت» أن تنافس مثل هذه الشابة التي تكمل مع «طقم الشاي» المجموعة الكاملة للكيف… عندما سألوا (عبدو) زبون الخالة حواء السابق عن عادته الجديدة بشراب الشاي عند هذه الفاتنة فقال ليهم «خالتي ليها الله.. ما بضيعها.. لكن يا جماعة ندفع قروشنا للبيكيفنا واصلاً الموضوع مزاج في مزاج» ومنذ ذلك اليوم الذي جاورت فيه الشابة موضع حواء أدركت أنه عليها التحول لعمل جديد.. ربما بيع الكسرة السودانية أو اللقيمات أو التسالي أو مد القرعة قرب الجامع.
٭ آخر الكلام
تلجمنا أحياناً الظروف المتقلبة للحياة وتعيق تحركنا ولكنها لا تستمر أكثر من حدود قدرتنا على التعامل مع الواقع المتجدد.. نعم فالسودانيين يملأون دول المهاجر ولكنهم يحترمون الدول التي يهاجرون إليها.
[LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT]
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]