زمن على كسرة!
لو أحببت التأكد من أن هناك حركة ارتداد نحو الأزمات القديمة للمواصلات اذهب الى بعض المناطق العاصمية، ولاحظ التكدس الذي يملأ الطرقات عند ساعات الذروة صباحاً ونهاراً، وتعرف على فصول الرهق الذي يمارس على «محمد أحمد» الذي فاض به الكيل، لا تذهب بعيداً اختر مثلاً مدينة طرفية بها أجانب على تخوم العاصمة، حيث أخرج الأجانب المواطنين الأصلاء من دائرة الحصول على فرصة التمتع المريح بمقعد داخل مركبة عامة، «قل لي كيف؟» بسيطة ما عليك إلا أن تقف «قريباً» في شارع رئيسي بتلك المدينة وتلحظ الأعداد المهولة لهؤلاء الشركاء بسحناتهم المختلفة، والأزياء المتعددة التي يغلب على الرجال فيها- وهم معظمهم شباب- ارتداء «بنطلون السيستم الناصل» أما اخوات لولا للرديف التأصيلي «أخوات نسيبة»، فهن في الغالب حائرات ما بين ازيائهن القومية والجينز، والتي شيرت، «ما علينا، دي حرية شخصية جداً يلبسوا الدايرنو، دا ما موضوعنا إن شاء الله يمشوا كما ولدتهم أمهاتهم» تبدأ فصول المعاناة بأن هؤلاء لهم قدرة وفتوة في المنافسة على ابواب المركبات العامة، وإذا ما اتيحت لك الفرصة السعيدة بالدخول الى جوف المركبة، فابحث لنفسك عن أصدقاء هوية، ربما لن تجد إلا السائق والكمساري على ملتك الوطنية.. وأحياناً كثيرة تحس بغربة وضياع، خاصة إذا الرطانة اشتغلت «الأجانب مالم، خير وبركة، ناس زينا وأحسن مننا، أحياناً كثيرة وبلدهم الجو منها زي الورد وأجمل، لا ضير، طيب نعمل شنو، نطالب الخضر برفد المدينة بعدد أكبر من المركبات ساعة الذروة، برضو فكرة أو نتجنن وندق سيستم، ونقابض على أبواب المركبات، برضو طريقة للتنافس الشريف»، كيف لا تكون خواطرنا على تلك الشاكلة، والكثيرون هذه الأيام يفرون الى أبواب السفارة الليبية في مشهد للحزن المهيب، «قل لي كيف تاني؟» بعد أن تواردت الأخبار عن معاناة المهاجرين السودانيين «بطرق غير شرعية» لليبيا الجديدة، تظل مناظرهم التدافعية نحو السفارة الليبية بالخرطوم دليلاً على الفرار من الظروف الضاغطة «يا على كسرة».. فهم يفرون الآن من البلد كما يفر الصحيح من الأجرب، المتعافي من المجذوم «رغم أنها معادلة غريبة ومختلة وعليلة، إلا أننا في حاجة لتفسير ازدياد عدد العمالة الوافدة وهروب العمالة الوطنية» وهكذا سيسطر التاريخ التوثيقي للبلاد مرحلة «على كسرة» الاقتصادية.
عبدو والهجرة
عمك عبدو الكاره والذي يحمل العداء للنظام، يرى فيما يرى الكثيرون «إن النظام بهذه الهجرات للعمالة السودانية يريد أن يخلي البلد من الشعب إلا من قوم تبع.. ليتم الإحلال بهؤلاء الأجانب»، والجالسون يخفضون آذانهم لسماع تنظيرات «عمك عبدو» تحت تلك الشجرة، ويقول مواصلاً حديثه «توالي الظروف الاقتصادية الضاغطة سبب مهم للهج من البلد والباقي بتموه المسؤولين، يوم يطفشوا الدكاترة، يوم يطفشوا البياطرة، يوم يطفشوا المعلمين ويوم.. ويوم..» ولحقد زائد في نفس عمك تجاه النظام، يتلفت يمنة ويسرى «خائف من شنو ما عارفين» ويرمي الدراب «قال ليكم النظام بيطور في بحوث علمية لتحوير الشعب السوداني وراثياً، جنباً الى جنب مع تطوير الوسائل الشاملة لهدم المعارضين، الهدم للصور الذهنية، اغتيال ملامح الشخصية، تطوير نووية الانهزام النفسي، و«هس ما تقولوا بغم» علي الطلاب والطلاب بالتلاتة قالوا ليكم في نشاط وأجندة أجنبية».
آخر الكلام
بعد أن أكمل «عمك عبدو» التنظير.. تدافع هؤلاء الى ممثلهم في الدوائر العليا يبثونه همومهم، فرد عليهم بكل تنصل من المسؤولية «هوي كل زول يحل مشكلتو.. نحنا ما ماسكين ليكم كلاش عشان تبقوا عطالة ولا أصحاب دخل محدود ولا باحثين عن هجرة.. يلا بلاش كرور بلاش لمة.. شتتوا»!
[LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT]
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]