يقول الهندي : ( أنا ﻻ أقدم ( ما يطلبه المستمعون) ، مثلما يفعل كتاب كثر، وسياسيون، ونشطاء مزيفون في قضايا الديمقراطية وحقوق اﻹنسان و( اﻻستهبال السياسي ) والعهر اﻹعﻼمي على مواقع ومنتديات ( اﻻنترنت ) ) … في هذه صدق فرواد الإنترنت لا خيل عندهم يهدوها و لا مال و لا فضائيات و لا صحف تسرف في المديح و تعطي الألقاب . كان الأجدر بالهندي ، و هو بمصر ، أن يركز على ما شاهده مما دعاه إلى تغيير رأيه بالكامل حتى فاق ما فعله خصومه من مؤيدي الإنقلاب من أول وهلة ، فهم لم يصلوا إلى ما وصل إليه من غزل مبالغ فيه في السيسي و إنقلابه ، فهم في ميزان الأخلاق أقل جرماً من الهندي ، فربما يخفف جرمهم الحجاب الأيديولوجي الذي يغطي على أبصارهم ، و أيضاً تأييدهم المبكر للسيسي قبل أن يتورط في المجازر و مصادرة الحريات و أيضاً ربما يخفف من جرمهم تحفظات بعضهم التي تجعلهم لا ينزلقون إلى خفة الهندي التي تجعله يشيد بمكر السيسي الذي ” راوغ الإخوان و أدخلهم السجون ” فهل في ذلك ما يستحق الإشادة ؟! . و لكن الهندي الذي “يُفترض” أنه ليس هناك حجاب أيديولوجي يحجب رؤيته ، في المقياس القيمي الأخلاقي أسوأ ممن يلومهم ، فهو يؤيد السيسي بعد أن ارتكب المجازر و حرق و سجن و زور و بانت سوءاته لكل ذي عينين حتى فارق دربه كثير ممن أيدوه كالبرادعي و عمرو حمزاوي و باسم يوسف و حركة 6 أبريل و حزب مصر القوية … الخ . الذي يؤيد نظاماً لا يلتقي معه أيديولوجياً و بعد أن بانت سوءاته و انفض عنه كثير من مؤيديه ، يحتاج إلى مرافعة مختلفة عن مرافعة الهندي البائسة هذه ، ليقنع الناس أن أسباب هذا التأييد ليست ذات صلة بمصالحه الشخصية الصغيرة .
( لو كانت هطرقات وسفاهات مناضلي ( الكي بورد ) تلفت انتباهي، بانتماءاتهم المختلفة من بقايا ( سائحين-النسخة المشوهة إلى أراذل ( صعاليك أون ﻻين ) ،لما كانت صحف ووكاﻻت وفضائيات ” مصر” أم الدنيا لا شغل لها و لا مشغلة غير كتابات صاحب هذا القلم ) … تضخم الذات و عدم قول الحقيقة يظهر واضحاً في هذا الإقتباس من مقال الهندي ، دعونا من الألفاظ المسيئة ، و لكن فمتى التفتت صحف و فضائيات مصر إلى ما يكتبه الهندي ؟ و هل التفتت “للمفكر” السوداني لأنه ، مثلاً ، اقترح حلاً أو قدَْم تشخيصاً و حلاً لأزمة مصر و قدم – كمفكر- مبادرةً مبدعة للحوار و لم الشمل تقترح حلاً لأزمة الثقة و جراح المجازر و السجون ؟! الحقيقة الأولى أن الإحتفاء به أتى من وسائل إعلام الإنقلاب التي لا تعبر عن كل الشعب و لا الإعلام المصري ، و الحقيقة الثانية أنها لم تفعل ذلك إلا بعد أن كتب ما كتبه بشأن حلايب و تأييده للإنقلاب و شماتته في الإخوان و تنصيبه للسيسي رئيساً ! هل لدى الهندي ما يفيد بأن قلمه كان محط اهتمامهم قبل هذا ؟ ثم أليس في خلعهم لقب المفكر على شخصه – الذي أقر بعدم استحقاقه له – ما يدل على مدى التزوير و التزييف الذي يمارسه إعلام الإنقلاب ؟! و لو كان الإنقلاب في وضع مريح و يحظى بالقبول الذي يتحدث عنه الهندي ، هل كان سيحتاج إلى التهليل إلى مثل كتاباته أو الإلتفات لها من الأساس ؟! يبدو أن التناغم بين الهندي و اعلاميي إنقلاب مصر سببه بحث الإثنين عن إعتراف يستبطنون الإحساس بعدم استحقاقهم له . الهندي الذي كتب مهاجماً الإنقلاب بأقسى العبارات لم يجد حرجاً في أن يمدحه بكرم حاتمي لمجرد أن إعلام الإنقلاب قد أشاد بمقاله الأول الذي لم يصل إلى حد تأييد السيسي و الإشادة بمقدراته الخرافية !
أما فيما يخص حلايب فكان الأولى بالهندي أن ينفق من كرامته المبذولة لمن يدفع أو يمدح لكي يشتري رضا و إشادة الإنقلاب و إعلامه ، فليس من حقه أن ينفق على تلميع ذاته من قضايا الوطن . فكرامة الوطن أعظم من كرامة الهندي ، و لكن لا يبدو أنها كذلك لديه ، فالذي يغضبه مجرد بوست ناقد في موقع على صفحات التواصل الإجتماعي لا تغضبه أطنان الإساءات الموجهة لوطنه من إعلام السيسي !!
عموماً مقالات الهندي مليئة بالشخصنة فمواقفه موغلة في ذاتيتها، و بعيدة تماماً عن الموضوعية ، إذ لا يعرف عنه مواجهة الحجة بالحجة بل يواجه الحجة بالسباب و السباب بأسوأ منه ، إذ يكفي قراءة مقاله الأخير الذي يرد فيه على منتقديه لتقتنع أن قضيته الوحيدة هي ذاته ، إذ لا تجد و لو ملمح عرضي للدفاع عن قضيته و تسويغها و من ثم تسويقها . فالمقال – كمعظم مقالاته – مرافعة بدائية جداً عن الهندي لا القضية التي يدعي أنه يؤمن بها .
ابراهيم عثمان – مكة المكرمة[/SIZE]
