معطوبة!
مسكونة بالرمادية والالوان غير المفهومة تحيطني هالة من الايهام والضبابية.. أبحث في الأوصال فلا أجد إلا الأوحال.. أحلم بالقريب فلا نجد إلا البعيد .. أطرق أبواب الممكن فلا أجد إلا المستحيل.. أشكو علل نفسي فيعمق الداء دخوله الى الاعضاء.. أضحك بلا شهيةٍ لضحك وأبكي بلا احساس للبكاء.. يائسة من كل شيء.. زاهدة حتى في حق نفسي.. لماذا أنا منكسرة؟ لماذا يغامرني الضعف والوهن؟ لماذا أنا عليلةً هزيلةً؟ أخاف أي شيءٍ.. أمشي قرب الحائط ولا تغمرني روح الوثب فوق ذلك الحائط.. موجوعة باشيائي الصغيرة.. تائهة بتفاصيلي الدفينة.. شغوفة على كيد ضعفي.. مهزومة بكل حركاتي.. مأزومة في كل سكناتي.. أين المفر؟.. أبواب المخارج موصودةٌ بقيودي الداخلية والافق عندي يكاد يطبق على الأنفاس ويقطع وتيرتها.. لم يتبق شيئاً إلا ان أنحر فؤادي واقطع بدني واذهب غير مأسوفاً عليَّ.. لا تقل إن الأمل موجودٌ في دواخلي.. في جنبات حناياي.. فات أوان الثقة بالنفس فقد باتت خيوط اليقين منعدمة إلا من ثوابت النواميس.. دعني أتحلل من كل شيء واعود القهقري للوراء.. أصوب بعض أعطابي على فهمٍ بليد لعل ماكنة التحرك تدور وتفرم كل تلك الإنهزامات المجترة.. واقف حائرة أمام تداعي حراك الناس من حولي.. من هؤلاء؟ ماذا يريدون؟.. من أين يزداد إنشغالهم بهذه الدنيا وأنا مفجوعة بنفسي؟.. باغلالي ارصف فيها كثيراً.. لا أبادر على تحريك حلقة منها.. استسلم في بلادةٍ بادية.. من أنا وسط كل هذا الزخم؟ مجرد شرو نقير.. من أين لي بقوةٍ وطاقة هؤلاء الأقوياء الذين يغدون ويعودون بحراك فاعل.. فاعجب لفرحتهم بهذه الدنيا!!.. لماذا يجددون سعيهم ويتسارعون لمغانمهم.. أنا هنا ولست هنا.. معهم بحكم الجغرافيا على الأرض بعيدة عنهم بحكم كيمياء النفس.. انظر لملامح الطريق فلا تبدو لي ان هناك أدلة أو مؤشرات للمرور والعبور.. فعندما يتحركون يصيبني الشلل وعندما يهدأون انتفض كالطائر المجروح «أفَرفِرْ» كما المذبوح.. لا أقول على إثبات وجودي.. اني كتلة من وهن ووميض وهم كبير.. انني هذا الانسان الذي لم يعد قادراً على أي شيء إلا اجترار الإنهزام وتجرع كؤوس المر والحنظل.. لا تسألني كمن يحمل على كتفه سماعة «متى أصابتك الحالة؟».. هي متجذرة منذ ان صرخت بحثاً عن أكسجين الحياة.. حتى تلك الصرخة جاءت واهنة تنبيء عن حالي الآن.. لا تقل انني أمتلك قوة بداخلي أستطيع ان افجر بها جبال الاحباط.. لا لماذا افجرها؟ هل من داعي لذلك دعها في مكانها فقد أطبق الِخناق عليَّ وصرت لا أرغب في إستمرار حركة الشهيق أو جر الزَّفير.. لا رئة لي حتى أحاول تجديد هوائها فقد سدت شعبها المسارب واطبقت سخانتها المساحة.. انني مجرد قفص صدري خالي خاوي خواء الكثير ممن تعاطى الحياة معي.. لا تعجبوا لحالي لوضعي فانني نموذجاً من نماذج البشرية.. يجب تواجده حتى تدركوا انكم أقوياء.. لكم إرادة.. أنا ذلك الضعف الذي يحفظ توازن طاقاتكم الجبارة مقياساً يمكنكم اعتباره الحد الادنى لوجود كائن بشري معكم على مساحة الأرض.. لا تقللوا من نسب تواجدي.. لأنه مؤشر ممتازاً لمنحكم أوسمة الشجاعة على الحياة.. القدرة على البقاء بهذا النهج التفاعلي.. رجاءاً دعوني على إعوجاج ذهنيتي.. ألم أقل لكم أنكم إن جئتم «تعدلوني» فسوف تكسرون ما بقي مني قائماً.. إنني ضلع أعوج، أعوج.
آخر الكلام:-
صباحٌ جديدٌ.. ربما يأتي ويخرج من داخلي القمقم مارداً.. يملأ الافق ضجيجاً ويحي فيني بعض الرُّفاة.. فقد أعيش اليوم على ذلك الخروج لانني ببساطة امرأة مأزومة في دنيا مهزومة .. لا تقل لي استعجلي ذلك المارد.. لأنك تعرفني معطوبة.. معطوبة!
[LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT]
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]