خالد حسن كسلا : الاعتداء على «كلمندو» وخجل «غندور»
أي أن مثل هذه العمليات المسلحة لغرض النهب هي إما كخطوط إمداد بصورة مستحدثة للمتمردين وإما عملية تطور للنهب المسلح بعد حروب دارفور التي كان قبلها أصلاً مشكلة هناك يُعاني منها الإقليم بسبب مساحته الواسعة وسعة الصحاري والخلوات بين مدنه وقراه، وهذا ما يصعِّب على القوات النظامية عملية التأمين حتى ولو تحولت كل الموازنة العامة ولو لم تتعرض للاختلاس والاعتداء والتجنيب إلى مشروع الأمن والدفاع هناك.
وهنا نقارن، فإذا كانت الحكومة تأخذ من المحال التجارية في عامة أموال الضرائب ورسوم المحليات والولايات فإن ما تفقد بسبب النهب والسلب في دارفور من مثل هذه الأموال لا يساوي شيئاً مقارنة بالمسروق من المال العام الذي يشير إلى أرقامه في كل بداية عام جديد المراجع العام. وفي كل عام تُعلن أرقام الفساد في تقرير المراجع العام في مناخ الاحتفالات بذكرى جديدة لاستقلال السودان.
لكن يبقى الأسوأ هناك فقد الأرواح والممتلكات، وهذا ما يمكن أن يقوله لصوص المال العام إذا أرادوا الدفاع عن أنفسهم في الاختلاس والاعتداء والتجنيب.
الآن الحكومة لا تواجه خطر التمرد في دارفور إذا كانت عملياته في أحياء وأسواق المواطنين خارج عواصم الولايات الغربية بكل هذا التواضع العسكري. فهي تعود للقيام بواجبها ما قبل عام «2003م»، وذاك العام الذي أورثت فيه الحركة الشعبية مشروع التمرد لحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد ومناوي، لكن الانقسامات هناك وما تبعها من منافسة ميدانية من بعض مجموعة حزب الترابي أمثال خليل إبراهيم وعبد العزيز عشر وسليمان جاموس وبارود صندل وغيرهم، ثم التطورات الإقليمية في تشاد وليبيا والآن جنوب السودان وتشاد و«حتى» مصر التي أثر فيها سقوط مبارك إيجاباً على أمن واستقرار السودان، ونتمنى ألا يأتي إلى الحكم أنصار مقنعون لنظامه الساقط بكل معاني الكلمة المختلفة، كل هذا وذاك، أسهم في زوال حركة التمرد العامة في دارفور، وإن كانت فترة الحروب قد كانت سبباً وراء تطوير التسلّح لعناصر عصابات النهب المسلح.
من حين إلى آخر وأحياناً بعد كل أكثر من شهر يرشح في الأخبار أن مجموعة مسلحة هاجمت مدينة أو قرية في دارفور أو كردفان وتحصنت بعد انسحابها بضغط من القوات الحكومية بجبل كذا أو حدود كذا أو دولة كذا، وفي خلال أكثر من عشرة أعوام يمكن أن نحسب آلاف الهجمات التي نفذها التمرد في دارفور منذ الهجوم على مطار الفاشر. وكل هذه الأرواح المزهقة والجراحات والخسائر المادية في صفوف المتمردين في كل الحركات المتمردة منذ عام «2003م» حتى الآن لو أُرجئت بعد خمسة أعوام فقط لصنعت نوعاً من التكافؤ مع القوات النظامية.
لكن «رزق اليوم باليوم» يعني أن أمن الحكومة بخير وأن أمن المواطن يمكن إعادته ولو بعد حين، وبعد سنين ينطبق المثل الشعبي على المتمردين بمختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم ويقول المثل :«كأنك يا أبوزيد ما غزيت».
اللهم إلا أن بعض القادة قد دخلوا عالم الثراء والأضواء وأتوا لأسرهم بالمال لتوفير سبل الراحة التي يفتقدها المقاتلون وأسرهم. وكأنما الأمر هو صورة أخرى من «النظام الإقطاعي» في أوروبا القديمة. فهناك كان طبقة النبلاء وطبقة العمال. وهنا طبقة القادة وطبقة المقاتلين على ظهور سيارات اللاندكروزر. وفي نهاية المطاف تكسب الحكومة سواء كانت ديمقراطية أو شمولية. المهم أنها تدافع عن المواطنين ضد المتمردين الذين ينهبون السكر والزيت والدقيق والدواء. ويبدو أنهم في المرة القادمة لن يجدوا الدقيق والغاز. فقد اعترف «غندور» بالأزمة فيهما ويقول نُقر ونعترف بلا خجل. ولماذا يخجل أصلاً من عملية رزق تكفل به الله.
وكان يقول أحد العلماء :«أنا أعبد الله كما أمرني وهو يرزقني كما وعدني». والإنقاذ يا غندور لم تأتِ لترزق الناس فهذا شأن إلهي، لكن المفترض أنها أتت لتدير الأرزاق في اطار الموازنة العامة بعدالة وحماية فلا اختلاسات ولا اعتداءات ولا تجنيب. هذا هو المهم وهذا ما يستحق الخجل.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش
شنو الكلام الخارم بارم ده ؟؟؟