البرلمان.. تهديد الوزراء
لكن واضح جداً أن عز الدين في حالة قلق من الاتهامات المتكررة التي ظلت تلاحق البرلمان كونه أداة طيعة في يد الجهاز التنفيذي وكذلك تجده قد نفى وبشدة اتهام البعض للبرلمان بالضعف خلال استضافته عبر برنامج مؤتمر إذاعي.
تهديدات الفاتح إذا جاز التعبير، تعد هي الأولى من نوعها خاصة وأن سلفه أحمد إبراهيم الطاهر كان يتسم بالاعتدال في تصريحاته وقلما كان يصوب تهديداته تجاه الوزراء الذين لا يكنون للبرلمان التقدير وكذا الاحترام لجهة التغيب المتكرر من جانبهم لجلسات المجلس، وكثيراً ما شكت قيادة البرلمان من غياب الوزراء عن المجلس الوطني ورد كثيرون ذلك لجهة أن الاستسهال من جانب البرلمان دفع الوزراء لإدارة ظهرهم له.
لكن بالعودة «للعين الحمراء» للبرلمان تجاه الوزراء يبدو فيها استعجال بعض الشيء، لجهة أن د. الفاتح عز الدين دشن نشاطه وتحامله مع الحكومة بشيء من الخشونة وقد تمضي الحكومة في اتجاه اتهام البرلمان بتصيد أخطاء وزرائها أو كأنما عز الدين «يبيّت النية» سيما إذا ما نظرنا لقوله «مساءلة البرلمان للوزراء ستكون حارقة وموجعة»، كما أنها تحمل إشارة صريحة لحالة تساهل أو ربما «طبطبة» كان يبديها سلفه مولانا الطاهر في تعامله مع الوزراء، وقد يفسر ذلك بعدة آراء منها أن عز الدين يستعجل إثبات أحقيته بالمنصب وكان قد نصب لنفسه فخ الجهوية ووقع فيه عندما قال عقب تعيينه إن توليه المنصب جاء إرضاءً لأهل الجزيرة – التي ينحدر منها – فضلاً عن أن عز الدين كان يتولى رئاسة أهم اللجان – العمل والحسبة والمظالم – التي كان منوطاً بها تقديم ملفات حامت حولها شبهة فساد وهو الأمر الذي ظل محل تأرجح وأحياناً اتهامات بالتقصير، بجانب أن التحفظ سيسيطر على الوزراء عند تعاملهم مع البرلمان ولجانه، وينطوي تصريح عز الدين الخشن تجاه الوزراء على علمه المسبق بأداء وزراء في انتظار أن يقعوا في حبال البرلمان، وإجمالاً تلك آراء قد تفسر بها تصريحات الفاتح عز الدين والذي في المقابل أبدى مرونة بائنة في تعامله مع الإعلام، ما يشير إلى أن كثيراً من الملفات ستكون فوق «الطاولة».
كان ثمة سؤال هل ستكون هناك جدية من جانب الحكومة في التعامل بقلب مفتوح مع كافة القضايا خاصة التي تتناول الفساد لا سيما حال نظرنا إلى تقرير المراجع العام الذي أشار صراحة إلى مواضع خلل مالي وإداري كبيرين في عدد كبير من مؤسسات الدولة، ما يمثل بداية حقيقية للبرلمان للقيام بدوره فيما يلي تسليط الضوء على المؤسسات التي ترفض المراجعة أو الجهات المتهمة بتجنيب المال العام والتي يتردد أنها كانت واحدة من العوامل التي أسهمت في الإطاحة بوزير المالية السابق علي محمود من منصبه، وإن كان الرجل في حوار مع آخر لحظة أشار لأسباب أخرى وعاد ورد أن المسألة أولاً وأخيراً بيد الرئيس عمر البشير.
الاختبار الثاني للبرلمان سيكون في المتابعة اللصيقة لأداء الوزراء وستبدو المهمة غير عسيرة سيما وأن بعض اللجان أوكلت لشباب من المؤتمر الوطني مشهود لهم بالكفاءة وقوة الرأي أمثال معتمد عطبرة السابق ومسؤول ملف التدريب بالوطني الهادي محمد علي، وللمفارقة ترأس ذات اللجنة التي كان على رأسها الفاتح عز الدين – العمل والحسبة – والمعتمد السابق بحكومة البحر الأحمر حسب الله صالح رئيس لجنة الرعاية.
ومهما يكن من أمر فإن البرلمان في فترته المقبلة سيكون ساخناً بعد بدء التمارين القوية التي يجري فيها رئيسه د. الفاتح ما لم يصطدم بصخور المجموعات المتنفذة أو التي تتهم بعرقلة مساعي الإصلاح.
صحيفة آخر لحظة
ت.إ[/JUSTIFY]