كمال عمر من (دار) الى (دار) !
النقطة تتمثل في استنكار كمال عمر بوصفه الأمين السياسي للشعبي وبحكم كونه قيادياً فى التحالف أن يتم انتقاد زعيم الشعبي من (دار الحزب الشيوعي السوداني)! ففي المواجهة الصحفية التى أجرتها صحيفة السوداني الاثنين الماضي، فإن كمال عمر استعظم إطلاق انتقادات للدكتور الترابي من داخل دار الحزب الشيوعي.
ومع غرابة هذا الموقف فإن الأكثر غرابة منه أن خصمه الجزولي رد على هذه النقطة بأنه (لم يكن يعلم أن كمال عمر تم تنصيبه مسئولاً عن دار الشيوعي)! والذي يستوقف المرء هنا عدة أمور لا تخلو من خطورة.
الأمر الأول أن كمال عمر لم يكن من الناحية المنطقية المحضة لديه أي منطق فى تركيز كل استنكاره لنقد الدكتور الترابي (من داخل دار الشيوعي)، فالنقد أياً كان المسرح الذي انطلق منه وطالما هو نقد سياسي بناء بعيد عن التجريح الشخصي فهو نقد سياسي ينبغي أخذه فى سياقه هذا دون النظر الى المنصة التى أنطلق منها، اللهم إلا إذا كانت تلك المنصة التى أنطلق منها هذا النقد أثيرية أو ذات (مكانة خاصة) لدى كمال عمر وهذا فى الواقع ما يثير الريبة والشكوك، خاصة إذا استصحبنا مقولات شائعة ظلت تتردد من مدة طويلة أن كمال عمر (أحد القادمين) من تلك الدار، وتم وضعه بعناية داخل الشعبي!
وما يعزز هذه الفرضية أن العديد من السجالات التى دخل فيها كمال عمر مع ساسة آخرين كانت تنتهي بتساؤل ملح من أولئك الآخرين عن سيرة وتاريخ كمال عمر فى المؤتمر الشعبي. وليس سراً بالطبع أن احد قادة الشعبي سبق وأن قطع من قبل بأنه وطوال وجوده فى الحركة الإسلامية -لعقود خلت- لم يعرف وجوداً حتى ولو فى الصفوف الخلفية لكمال عمر!
الأمر الثاني أن كمال الجزولي الذى لا ننكر أن لديه قدراً من الذكاء جاء رده بتساؤل استنكاري عما إذا كان كمال عمر بات مسئولاً عن دور الحزب الشيوعي؟ فالرد يحمل إيحاءات واضحة لا لبس فيها والإشارة فيه كافية.
الأمر الثالث لو لم يكن كمال عمر يستشعر (مرارة ما) وثيقة الصلة به هو شخصياً كون أن الانتقاد انطلق من (دار الشيوعي) لما أظهر إهتماماً على الإطلاق بما جرى إذ من المعروف أن الإسلاميين والشيوعيين -على مر العهود والسنوات- على طرفيّ نقيض فما الذى استجد الآن والآن فقط، لكي يتضايق أحدهما من الآخر؟
بل إن الدكتور الترابي نفسه الموجه له النقد -والرجل له لسان ماهر فى هذا الصدد، لم ينفعل ولم يعر الأمر إلتفاتاً فلماذا يثور كمال عمر غضباً بكل هذا القدر، والأمر لا يعدو كونه انتقاداً سياسياً عادياً ومألوفاً؟
الأمر الرابع، وجود كمال عمر كأمين سياسي لحزب فيه قادة -وإن كانوا قلة- ذوي دربة ودراية أفضل من كمال عمر قمين بإثارة التساؤل عن (الهدف) من وضعه هكذا وأداؤه متواضع، أللهم إلا إن كان زعيم الشعبي -بذكائه المعهود- يستخدم الرجل بعكس ما كان يظن من هم وراءه!
سودان سفاري
ع.ش