تحقيقات وتقارير
خطاب الرئيس في شقّه الاقتصادي.. “قفة الملاح” تنتظر الإفراج
الواضح أن ما سيعلنه رئيس الجمهورية مساء اليوم ما هو إلا خارطة طريق تقود البلاد إلى البرّ الآمن، سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي، إلا أن المواطن يبدو في شغف لمعرفة القرارات التي تهمّ معيشته التي ظلّت تؤرّق حياته، في ظلّ تكاثر الزعازع والأزمات التي تمسّ الحياة بصورة مباشرة، ولعل الأزمة الأخيرة التي ضربت أطناب البلاد المختلفة الأسبوع الماضي في الوقود والخبز والغاز دقت جرس الإنذار لدى الدولة وجعلتها تسرع في اتخاذ القرارات وتسعى لإعلانها.
القرارات الرئاسية التي سيتم الإفصاح عنها اليوم يشكل الجانب الاستثماري جزءا منها وفقا لما أعلنه غندور في ملتقى الاستثمار الرابع بالبحر الاحمر قبل فترة من الآن في ظل تأكيداته على تعويل الدولة على الجانب الاستثماري، وتهيئة المناخ الجاذب لرؤوس الأموال، والسودان يسعى بصورة حثيثة لإنزال المبادرة التي طرحها البشير في قمة الرياض المنعقدة في يناير 2013 لتأمين الأمن الغذائي العربي من خلال مشاريع استثمارية بالقطاع الزراعي تمولها الدول العربية، ولعل القرارات جاء توقيتها متزامنا مع فض سامر الاجتماع الاستثنائي للمجلس الاقتصادي الاجتماعي للجامعة العربية الذي انعقد بداية الأسبوع الماضي لتعمل على تهيئة المناخ الاستثماري الجاذب لتنفيذ المشروعات التي تعتزم الدولة الشروع بها ابتداء من العام المقبل.
المواطن يعوّل على القرارات الرئاسية في أن تعمل على الوصول إلى (قفة الملاح) بصورة مباشرة في ظل ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية ووصولها معدلات مرتفعة أصبح من الصعب توفيرها لذوي الدخول المحدودة، ويتفاءل عدد من المواطنين الذين تحدثوا مع (اليوم التالي) بأن تحمل القرارات بشريات تهتم بتكلفة المعيشة والعمل على تخفيضها وإزالة الآثار التي تركتها الجراحات الاقتصادية التي أجرتها الدولة في سبتمبر من العام الماضي، بعد أن رفعت الدعم عن المحروقات، وعملت على تحريك سعر الصرف، ما أدّى إلى ارتفاع معدّلات التضخم تزامناً مع زيادة وتيرة الأسعار، وتوقّع المواطن الشيخ إبراهيم أن تحمل القرارات الخاصّة بالجانب الاقتصادي، مزيدا من الاهتمام بالحالة المعيشيّة للمواطن الذي ضاقت حتى وصلت (الحلقوم) على حد تعبيره ولجهة أن الأزمات الاقتصادية أصبحت تحيط بالدولة.. فيما اشار المواطن علي عبدالله إلى أن الإجراءات ستكون مزيدا من القرارات الاقتصادية الضاغطة وربما مزيدا من رفع الدعم عن السلع الاستهلاكية لمجابهة الوضع الاقتصادي القاتم الذي تعيشه الدولة في ظل تناقص الإيرادات العامة وتجنيب الأموال العامة في الوحدات الحكومية.
توقعات التجار والمستوردين لم تخرج عن دائرة المشاكل والعقبات التي تعترض طريقهم في توفير النقد الأجنبي وإحداث استقرار لأسعار صرف النقد الأجنبي المتصاعدة بفعل عدم استقرار الأوضاع السياسية لاسيما وتلك المتعلقة بالعلاقات الخارجية.. وقال محمود عبدالله مستورد أدوات كهربائية أن القرارات ستصب لصالح توفير النقد الأجنبي للمستوردين والتجار حتى تعمل على إحداث استقرار في سعر الصرف بما يؤدي إلى انخفاض في أسعار السلع والخدمات فيما أكد التاجر بخيت سليمان أن القرارات ستكون ضخ البنك المركزي لمزيد من النقد الأجنبي في المصارف لتعمل على الإيفاء بالتزامات التجار بأسعار غير الأسعار الحالية وتوقع في حديثه مع (اليوم التالي) أن يعمل خطاب الرئيس على انخفاض أسعار النقد الأجنبي.
في الأثناء تنبأ محللون اقتصاديّون بأن ترتكز القرارات الرئاسيّة التي سيحملها خطاب الرئيس اليوم على الشق السياسي أكثر من الاقتصادي على أن تحمل القرارات الاقتصادية توجها جديداً للاقتصاد خلاف التوجه الذي ساد البلاد خلال ربع القرن الماضي وأن تعمل الدولة على الابتعاد عن سياسة التحرير التي انتهجتها مع التأمين على دور الدولة الريادي في الاقتصاد، وفقا لما يراه محمد الجاك أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم والذي يؤكد أن القرارات الرئاسية ستصب في صالح الشرائح المنتجة في محاولة لرفع عائد النمو عبر الاهتمام بالقطاعات الحقيقية التي تقع الزراعة والصناعة في أولوياتها بما يعمل على توليد فرص عمل حقيقية ويقلل من نسب العطالة المرتفعة، وتوقع الجاك لـ(اليوم التالي) أن تميل كفة الخطاب الاقتصادية إلى صالح الاهتمام بالتنمية البشرية والتي تتمحور حول الإنسان قبل الانتاج إلا أن الجاك يرى أن أبرز المفاجآت التي يمكن أن تحملها القرارات يتمثل في إعادة نظر الدولة في المؤسسات العامة التي تمت خصخصتها ومحاولة إرجاعها لحظيرة الدولة مرة أخرى بجانب إيجاد رؤية جدية على نطاق العلاقات الاقتصادية الخارجية من خلال توجيه السياسات بما يخدم المصلحة الاقتصادية القومية والنأي عن المصالح الشخصية في كسب علاقات مع الدول والاستفادة من مواردها بما يعمل على معالجات الأزمات الاقتصادية التي تحيط بالدولة وفي مقدمتها أزمة الديون والمقاطعة الاقتصادية المفروضة، هذا على صعيد المفاجاة إلا أن الجاك يستبعد في ذات الوقت عامل المفاجأة إذا شملت قرارات الرئيس أي إصلاح في اطار الهيكل الاقتصادي الحالي للدولة.
فيما يتفاءل المحلل الاقتصادي د. محمد الناير بأن ما يعتزم الرئيس إعلانه اليوم سيكون خاليا من أي قرارات من الممكن أن تؤثر على الشق المعيشي من حيث رفع الدعم عن السلع الاستهلاكية أو ايجاد ضرائب جديدة بافتراض أن الموازنة العامة للدولة قد تمت إجازتها في وقت قريب وفي ظل تأكيدات المسؤولين عدم وجود أي زيادات في الرسوم أو الضرائب المفروضة.. وتصب تنبؤات الناير لـ(اليوم التالي) في أن تكون الإجراءات الاقتصادية خاصة بتهيئة المناخ الاستثماري في ظل وضع قانون جيد مع الاحتياج إلى إيجاد عوامل مساعدة لاستقرار سعر الصرف وتوقع أن يتم تفعيل القرارات الاقتصادية الخاصة بجذب مدخرات المغتربين عبر القنوات الرئيسية من خلال تفعيل قرار البنك المركزي في هذا الصدد، علاوة على سن قرارات تتسم بالجرأة في حل مشكلة الأراضي وإزالة كافة التقاطعات بين مستويات الحكم المختلفة مع العمل على إعادة بعض الصلاحيات التي منحت للولايات إلى المركز مرة أخرى لحل مشكلة الأراضي باعتبارها إحدى أبرز العقبات التي تعمل على تشويه المناخ الاستثماري خاصة تلك غير المتضمنة في الدستور بالإضافة إلى خلق طمأنينة لدى المستثمرين بتحويل أرباحهم بالنقد الاجنبي وعدم التنصل منها كما حدث في السابق وفي محاولة لجذب المدخرات بالنقد الأجنبي توقع الناير أن تعمل الدولة على إعادة إصدار صكوك وأوراق بالنقد الأجنبي بأرباح معقولة من شأنها جذب بعض المدخرات لتحسين الاحتياطيات بجانب احتواء قرارات الرئيس على ما أسماه بالعموميات التي تتمثل في ترشيد الإنفاق العام ووصاية وزارة المالية على المال العام من خلال بعض الإجراءات الاحترازية
نازك شمام: صحيفة اليوم التالي
[/JUSTIFY]