سياسية

مراجعة موضوعية لتقرير المراجع العام

[JUSTIFY]يجد الكثيرون من خصوم الحكومة السودانية متعة سياسية لا تدانيها متعة وهم يقلبون فى كل مطلع عام جديد أوراق تقرير المراجع العام لجمهورية السودان، أو يستمعون إليه وهو يقدم التقرير الى البرلمان. ففي ثنايا التقرير السنوي هذا يعتقد هؤلاء الخصوم أنهم يكشفون سوءة الحكومة، وسرعان ما تضج صفحات الصحف والاسافير بالانتقادات واللعنات.

وكعادة العديد من معارضي الحكومة فإن اهتمامهم بالتقرير يبدأ وينتهي فقط بالتركيز على المخالفات التى أوردها، دون السعي -بالمقابل- لمعرفة مآلات التقرير وما إذا كنت تلك المخالفات قد وجدت حظها من المعالجة القضائية.

وإذا شئنا الإنصاف فى هذا الصدد فإن تقرير المراجع العام سنوياً يتضمن مخالفات تتراوح ما بين مخالفات محاسبية وأخرى جنائية وأخرى إدارية وكل واحد من هذه المخالفات يذهب الى الجهة المختصة.

وربما لن يصدق البعض ممن يركزون على السلبيات وحدها أن نيابة المال العام ومحكمة الاعتداء على المال العام ظلت منذ أكثر من عقدين من الزمان تعملان بصورة متصلة في هذا الصدد، تحقق فى هذه المخالفات، وتحيل بعضها الى المحاكم؛ وبوسع الكل أن يراجع سجلات هذه الجهات العدلية من أي تاريخ يشاء ليجد هذه المخالفات وقد تم التعامل معها.

غير أننا نركز حالياً فى التقرير الخاص بالعام الفائت 2013 والذي قدمه المراجع العام -قبل أيام- الى البرلمان، أولاً: التقرير وردت فيه مخالفات واضحة ولكن لم يسأل أيّ ممن يوجهون سهامهم نحو الحكومة نفسه عن نشر تقرير كهذا على الملأ، بل وتلاوته فى البرلمان فى جلسة مفتوحة، بحضور إعلامي مقدر، ثم يتاح للجميع نشره وتداوله فى الصحف.

للأسف الشديد لم يستوقف هذا المسلك أحداً ولكنه موقف بلا أدنى شك يحسب لصالح الحكومة السودانية -سواء اتفقنا أو اختلفنا معها- فهي نفسها كحكومة وجهاز تنفيذي (تفاجأ) بالتقرير ولا تعرف عنه شيئاً!

وقد سبق للرئيس السوداني أن أكد على هذه الحقيقة فى أحد لقاءته الصحفية حيث أشار الى أن تقرير المراجع العام لا يعرض مطلقاً على الحكومة قبل عرضه على البرلمان؛ وبالطبع المنطق هنا يقول لو أن الحكومة كانت تشتغل بالفساد وتداري على المفسدين لكان بوسعها أن تعدل وتغيِّر فى التقرير قبل عرضه على البرلمان والإعلام المفتوح.

ثانياً: نيابة المال العام على صلة وثيقة بديوان المراجع العام -كما أشار بذلك رئيس نيابة المال العام- ومن ثم فإن الأمر هنا ذو سياق روتيني طبيعي فأجهزة الدولة فى عملها اليومي بطبيعة الحال تمارس دورها ألتنسيقي فيما بينها دون أن تعتقد أن فى ذلك بطولة أو مهارة أو ذكاء، وهذه النقطة ظلت محل ظلم بيِّن من قبل العديدين ممن يتناولون التقرير مجرداً من أي إجراءات أو تدابير موازية.

ثالثاً: مع كل ذلك فإن الرئاسة السودانية هذه المرة تقدمت خطوت أكثر بتشكيلها للجنة وزارية مناط بها الوقوف على تقرير المراجع العام مع كامل الصلاحيات لاتخاذ ما تراه من إجراءات.

ولا نعتقد مهما كنا مغالين أن ما هو مطلوب هو أكثر من ذلك. وعلى ذلك فإن تقرير المراجع العام -وإن تضمن مخالفات غير مقبولة- إلا أن التدابير الحكومية السابقة واللاحقة كافيتين فى تقديرنا لمعالجته، ولا أحد ينكر وجود هذه الأخطاء المتكررة، ولكن فى ذات الوقت لا يمكن لأحد أيضاً أن يطالب الحكومة بتقرير خال تماماً من أي مخالفات.

سودان سفاري
ع.ش[/JUSTIFY]