حوارات ولقاءات

حوار مع وزير المالية السابق في كشف الأسرار(2)

[JUSTIFY]لعله ليس من سوداني لم يعرف وزير المالية السابق علي محمود، الذي كان يعتبر من الوزراء المثيرين للجدل وإن كانت الحقيقة تكمن في أن الرجل صريح فوق المعدل ويقول ما يتحرج أن يقوله نظراؤه من الوزراء أو حتى المشتغلين بالسياسة، ولذلك تجد أن المسألة ما كانت «فارقة» معاه مثلما كان وقع قرار إعفائه كما قال لي في هذا الحوار الذي حاولنا من خلاله فتح خزائن الرجل غير المليئة بالمال – بالطبع – ولكن بالأسرار، ونزعم أنه لم يبخل علينا بمعلومة وإن كان لا يزال يحمل في صدره الكثير.. ولكن مما هو غير معلوم أن كثيرين ممن قيموا أداء الرجل لم ينظروا للظروف التي اصطدم بها فور توليه منصبه، حيث جابهه انفصال الجنوب وفقدان موارد ضخمة من البترول، ولكن المذهل أن الاقتصاد لم ينهار وهي واحدة من المسائل التي حار الناس في أمرها مثلما كان الناس يحتارون في ثقة محمود الزائدة والتي كشف سرها وأسراراً أخرى في هذا الحوار الذي لم نستمتع فيه بكوب شاي من اللبن وضع أمامنا وأصبح مثل العصير ونحن نسأل وصاحب الدار يجيب بهدوء:
قد تكون الآن هاديء البال!! هل راجعت نفسك وندمت علي خطوة أو قرار إتخذته؟

– جلَّ من لا يخطيء، وأنا لا أدعي أن كل الذي قمت به مائة بالمائه، وإذا في شخص كذلك إلا يكون نبي!! وأنا كبشر عملت بما هو متاح من إمكانات.. وقد تكون حدثت أخطاء هنا وهناك.

سؤالك هذا تطرحه حال كنت تعمدت أتخاذ إجراءات وقرارات خاطئة والحمد لله ولم يسبق لي أتخاذ قرار دون مشورة ونقاش وطول بال، وماخاب من استشار. وإذا في قرار خطأ يكون نتاج الشورى التي أعملتها لذا لا أبريء قراراتي.

الكاتب الصحفي إسحق فضل الله ظل يتهمك بالعمل ضد الحكومة ؟

– العقل لا يقبل هذا الكلام! كيف أكون داخل الحكومة وأعمل ضدها!!
لكن يقال من عوامل إنهيار الإتحاد السوفيتي وجود – عميل – وعفوا لهذا الإستدلال – يُعين شخص في المكان غير المناسب ؟

– ماقادر أفهم ..ولكن عندما لا يجد الكاتب موضوعاً يقول مثل هذا الحديث ، وقصة علي محمود جوه الحكومة، وفي ذات الوقت شغال ضدها دا كلام فارغ. وهل الرئيس والنواب والوزراء والجيش والأمن والشرطة والإستخبارات كل هولاء يفوت عليهم أن علي محمود شغال ضد الحكومة..! و ما يعرف هذه المعلومة إلا كاتب صحفي أصلو علي محمود يبقي شنو؟ أنا ذاتي قدرة قدر دى ماعندي، وشخص يقول كلام ذي دا عنده أجندة بعرفها براه ..!

أنت متهم بإفساح المجال للقطاع الخاص علي حساب العام؟

– أسوق لك سريعاً مثالاً واضحاً ممثلاً في سلعة السكر التي اصبحت فيها وفرة والحمد لله والسبب أننا أوكلناها للقطاع الخاص ، وكنا نوفر (400) الف طن القطاع الخاص في أول عام وفر (600) الف طن إضافية اكثر من الكميات التي كنا نوفرها عبر شركتي السكر وكنانة وعدد من الشركات الخاصة . كما في لحظة فتحنا الفرصة للناس تستورد دقيق ونجحت الخطوة.

يقال إن الحكومة لم تستغل العملات الصعبة التي توفرت لها لتتفادى ماجرى للإقتصاد ؟
– هذا الرأي ليس دقيقاً.اذا رجعت لتقرير البنك الدولي تجد فيه توثيقاً أن الناتج المحلي في السودان في العام 1999م كان (10) مليار دولار وفي 2010م وصل (65) مليار دولار. ولذلك لم ينهار الإقتصاد. حيث قامت طرق ومحطات كهرباء، ومصانع، وخدمات صحية، وتعليمية، أسأل نفسك من أين جاءت حتى الزيادات في أعداد الموظفين؟ وكيف تضاعفت أعداد التلاميذ سبعة مرات وزاد المعلمين، واستمر العمل في أربعين جامعة ولم تغلق أي مؤسسة لعدم وجود التمويل، فمن أين كل هذا الصرف لو ما كان هناك عملة اجنبية. إضافة للكهرباء التي توسعت والطرق هل تعلم ان طريق الانقاذ الغربي يكاد يكون وصل الفاشر التي تصلها في اليوم نحو خمسة بصات، وتبقت مسافة قصيرة أعلن اصحاب البصات عدم إنتظارها. وطريق الانقاذ بين زالنجي والجنينة نُفذ بنسبة 85% ولم يوثق الإعلام ذلك الحدث..! والطريق بين نيالا والفاشر المسافة أنجزت باكثر من 60%.

لكن جاءت ظروف أخرى أثرت علي الصرف في مجال البنيات التحتية، والتي كانت ضرورة سياسية لازمة مثل إتفاقية الشرق والتزامات – سلام دارفور والصرف علي هياكل ومفوضيات كان منوطاً بها إنفاذ إتفاقية السلام الشامل(نيفاشا)،والاخيرة أثرت علينا كثيراً.

هل نيفاشا كانت عبئاً علي السودان ؟

– نعم كانت عبئا،ً وقللت الموارد، رغم الزيادة التي طرأت علي الانتاج، وعلي اسعار البترول، مما جعل الناس لا تشعر بزيادة المصروفات!! حتي جاءت الازمة المالية العالمية.

أذكر (2005- 2006) كان هم البنك المركزي ثبات الدولار بما يعادل إثنين جنيه ،لأن إنخفاضه بمثابة إيقاف للصادر.

واذكر كنت عضواً بمجلس إدارة الهيئة العربية للإستثمار والإنماء الزراعي بالسودان عضواً فيها أن- الموظفين إشتكوا وقالوا إن مرتباتهم تآكلت جراء إنخفاض الدولار . وأذكر أن فائض الدولار في البنوك كان يشتريه البنك المركزي ويضعه ودائع . ولكن شاءت الأقدار أن تنخفض عائدات البترول بشكل مريع!! وهبط سعر برميل النفط من (140) دولار إلي (30) دولار جراء الازمة المالية العالمية في 2008م . فاضطرت الحكومة لإستخدام الإحتياطي من العملة الصعبة.
لكن يتردد أن جهات معلومة أهدرت الإحتياطات! بل لم يتم توظيف عائدات البترول بالشكل الأمثل ؟
– لا اعتقدأنه إهدار، ولكن هو ترتيب أولويات بالتركيز علي البنيات وإهمال الإنتاج . ولكن من المحتمل أن تكون مؤسسات أخذت موارد بالنقد الاجنبي.. وللعلم هذه الموارد موجودة بين المالية والبنك المركزي . ولا ننسى أن تلك الفترة كانت عهد(بحبحة).. الهيئات والمؤسسات التي يشكو منها الناس الآن، ويتهموها بتجنيب الموارد، والتفلت. ولما تأثرت الدولة إضطرت للضغط علي تلك المؤسسات لتأخذ منها الفائض ، مما أوقع المشاكل.

وللأمانة لم تكن هناك موارد بترول خارج الموازنة! ولكن قد تكون هنالك جهات صرفها قد زاد من خلال الموازنة نفسها، وأخذت موارد كثيرة.. وأنشأت مباني ومنشآت.
ذكرت حديث إيجابي عن الاقتصاد، لكن هناك شخصيات إقتصادية مرموقة إنتقدت الاقتصاد وبحدةٍ مثل محافظ المركزي السابق صابر محمد الحسن ووزير الدولة السابق بالمالية حسن أحمد طه ؟

– من ذكرتهم أسألهم هم عن رأيهم . أما أنا فأتحدث عن حقائق عايشتها، وكانت واضحة أمامي، بغض النظر عن آراء الآخرين.. والاقتصاد يمكن ان تنظر له من عدة زوايا وأنت قلت إن عائدات البترول لم توظف بالشكل السليم والصحيح لم توظف التوظيف الأمثل الذي كنا نريده. لكن في نهاية المطاف لا ننكر تحقيق إنجازات عديدة ، شهد عليها البنك الدولي، الذي يقيم الأوضاع الاقتصادية في الدول بإعلانه إرتفاع دخل الفرد في السودان ، كما أن صندوق النقد الدولي قال إن متوسط معدل النمو في الاقتصاد السوداني لم ينخفض عن 7.2% في عشرة أعوام(2000- 2010م) كما أن قطوعات الكهرباء قلت كثيراً جداً. وتوسعنا في الطرق. وتمت تعلية الروصيرص التي كانت حلماً منذ الستينات، وشيد سد مروي، ولو لم تكن هناك ثقة لما تعاونت معنا صناديق تمويل خارجية، كما حدث تحديث في الميناء، وأُنشئت مطارات .ووصلت قطارات حديثة، وهاهو القطار يصل عطبرة، وحدث تطور في خدمات الصحة.

لكن الانتاجية لم تزيد في قطاعات مهمة ؟

– صحيح لم ندفع إنتاجنا من الأدوية للزيادة، حيث لم يتجاوز الـ 30% من إحتياجنا ولم نزيد إنتاجنا من القمح.. ولو وظفنا الموارد لأجل الاكتفاء من القمح ما كنا سنعاني الآن..! وهناك ظروف أدت لذلك. كما أننا إهتممنا بالبنيات التحتية، وقطاع الخدمات، وفي الإستثمار الأجنبي الذي جاء وركز علي الخدمات(اتصالات ، عقارات ، مطاعم)، ولو توجهنا للزراعة، وأسسنا للتصنيع الزراعي لانتهت معاناة السكر والدقيق.

وبالطبع لا تستطيع بناء نهضة دون بنيات تحتية(طرق ، كهرباء).
هل أنت نادم علي عدم دعمك للزراعة ؟

– بالعكس دعمتها لكن في ظل الظروف التي كنت أعيشها. ورغم أننا بدانا 2012 دون بترول إلا أننا كهربنا مشاريع زراعية كثيرة مما قلل تكاليف الإنتاج، واستوردنا تقاوي ومدخلات وآليات زراعية ونجح القطن المحور ولك أن تسأل الاخ المتعافي.

ü هل أنت راض عن فترتك بالوزارة ؟

– نعم راضي لأن فترة ادائي مرتبطة بالظروف التي كانت تمر بها البلاد. ولا أقول كنت أتمنى كذا!! لأن الواقع لم يكن يحتاج تفسير، وقد بذلنا الجهد لأجل تنويع الاقتصاد، وحل المشاكل، وتحسين الأجور، ومحاولة خلق فرص عمل للخريجين، وتوفير السلع. وراضي تماماً لأننا لم نصبح يوم من الايام وكان هناك شحاً أو ندرةً في الخبز،أوأزمة في المواد البترولية، في ظل ظروف لم تمر بها أي دولة!! أنظر لاوربا التي تنعم ببنيات تحتية ومطارات وبحث علمي واتحاد بين دولها ومع ذلك حدث فيها إنهيار مالي ، دولة مثل اليونان إنتهت تماماً ، قبرص فرضت ضرائب علي ودائع المواطنين(10%).. ولو قارنت السودان مع الدول التي تشابهه في الظروف تجد الاقتصاد صمد في ظل ظروف قاسية جدًا جدًا(90%) من مصادر النقد الاجنبي كانت صادر بترول الذي إنعدم لو لا لطف الله الذي سخر الذهب وزادت صادرات الثروة الحيوانية.
ü مارايك في وصف البعض لما تم من تغيير بالإنقلاب خاصة وأنك كنت قريباً من مراكز نافذة في الدولة بحكم المنصب ؟

– في رأي الشخصي أن ماحدث ليس بانقلاب، واعتقد أن التغيير الذي تم لم يكن من المتوقع أن يكون بتلك الصورة الواسعة، بل لم يكن متوقع أن يطال شخصيات كبيرة ولها سبقها في الإنقاذ والحركة الإسلامية.

والتغيير عادي مثلاً جاء بدر الدين وزيراً للمالية وكان من الممكن يكلف بالمنصب من قبلي، وهو سبقني في الجامعة وإبراهيم محمود مهندس زراعي ، كان ممكناً أن يسبق د. المتعافي في الوزارة، وإبراهيم غندور كان من الوارد أن يدخل الحكومة قبل زمن..! ومكاوي كذلك.. وهكذا.

صحيفة آخر لحظة
حوار: أسامة عبد الماجد
ت.إ[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. [FONT=Tahoma]هل هذا صحيح؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    “وهبط سعر برميل النفط من (140) دولار إلي (30) دولار جراء الازمة المالية العالمية في 2008م “[/FONT]