ولاية في مهب الريح
الزائر هذه الأيام لولاية غرب دارفور تحديداً لمدينة الجنينة !! يستيقن ان هذه الولاية تشهد ظروفاً اقتصادية فوق قاعدة الإحتمال.. وإن كنت قادماً من مدخل المطار ومن مشهد الجسر القديم المفضي إلى المدينة يمكنك أن تلحظ الأوضاع هناك بأنها بائسة بل قمة البؤس.. ببساطة ولاية غرب دارفور هذه الأيام الأغلى و الأكثر إرتفاعاً في الأسعار لجميع السلع بصورة فاحشة جداً.. تنبيء عن ان أمراً قادماً في رحم الغيب يسعي.. وجهاد سكانها مع أوضاعهم من أجل تيسير قوت اليوم دع عنك الاسبوع والشهر.. ولو دلفت إلى السوق وسألت عن الأسعار فهناك نموذج بسيط «جوال السكر يكلف أربعمائة جنيها» وإن كنت ممن اعتاد التبضع على السلع المرتبطة بالتجارة الحدودية فستصاب بدهشة.. ثم إذا حاولت أن تتنعم بشراء «الرغيف» يا للهول والمفاجأة لحجم «العيشة» التي تبدو لك كقطعة «اللقيمات» وسعرها خمسمائة قرش وعلى ذلك المنوال تدرك مدى فداحة الضغوط التي يعيشها سكان هذه الولاية وبعيداً عن أمور «البطون» التي تسند «الاقدام» فإن أسعار المحروقات تشل الحركة تماماً والإحساس الغالب إن هذه الولاية تسيطر عليها القوات الأممية سيادةً وأرضاً مقابل قطوعاتٍ مستمرةٍ للكهرباء !! ومع عدم توفر المحروقات التي تجلب للولاية بأسعارٍ خرافيةٍ وشروط لتوفير الأمن لها بنظام الطوف عبر الأرض.. عبر هذه الخلفية تغرق الولاية في بحر من المشاكل والتفاصيل التي تحس بعظمها إن جئت ماراً بمعسكرٍ من معسكرات النازحين ذلك المشهد الذي يجعلك تظن الظنون بكل منظومة الإدارة في البلد ككل منذ حددت الجغرافيا لهذه الأراضي إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه.. القاريء العزيز لا يمكنك إستيعاب حالة التردي البيئي الذي تغرق فيه هذه الولاية التي تفتقد بعض المقومات الهامة لتوصف به «المدينة» من أطرافها.. لولا عبارات «الحمدُ لله.. الله كريم.. الفرج قريب» إزدت تيقناً أن أهل الولاية على أبواب الهجرة.
كل ذلك على حدَّ والأمر المتعلق بعقول بعض شباب الولاية على حدٍ آخر.. فقد انتشرت المواد الضارة بعقول هؤلاء حد اللا معقول إنموذجاً لذلك !! و انتشرت مادةٌ مسكرةٌ تُعرف عند الشباب بـ«الإسكراتش» في ظرفٍ صغيرٍ قيمته جنيهان «لاحظ السعر الرخيص في هذه الحالة» حيث يُحل هذا الظرف في حافظة ماء كبيرة الحجم يكفي لأن يجعل من يشرب منها مخموراً طوال اليوم والأدهى والأمر أن بعض الشباب يقومون «بسف »محتوى الظرف ويذهبون في حالة من الهذيان والسكر تزداد حسب وصفهم كلما شربوا زيادة ماء.. ترى ما هي هذه المادة ؟؟ وكيف تصل لقلب الولاية وكيف.. وكيف.. ؟؟مقابل العنت المعيشي الذي يرسم الكآبة على وجوه معظم أهل الولاية.. بالتأكيد هناك من لا يحس بحجم المعاناة.. ولكن الأمر يحتاج ان ينفض المركز الغبار عن رؤياه لهذه الولاية.. ويطرق الوصول إليها عبر طرق آمنة وسكة حديد فاعلة..
آخر الكلام..
إن كنت ممن لم يعرفوا أن تعيش هذا الوقت خارج الشبكة فعليك أن تعرف أقدامك إلى ولاية غرب دارفور هذه الأيام بالذات فهي حفية أن تهرولوا إليها حالقين حفاظاً عليها من نائبات الأيام..
[LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT]
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]