تحقيقات وتقارير

البترول أفيون الحكومات ..

[JUSTIFY]البترول أفيون الحكومات والأنظمة في العالم الثالث لأنه يخدرها هادئة قانعة في محطة واحدة رطبة يجعلها منكفئة بكلياتها في مخرجات وعائدات البترول ويلهيها تماماً عن ثروات بلدانها الأخرى غير البترولية، خاصة الزراعية بشقيها النباتي والحيواني، وباقي الثروات في باطن الأرض، ويصاحب ذلك التخدير البترولي ارتفاع كبير في معدلات الفساد وحجمه، حتى صارت تلك الدول في مقدمة قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم حسب تقارير منظمة الشفافية العالمية، فصار ترتيب بعض هذه الدول في مؤشر 2013 كالآتي: السودان الترتيب 174 من 177- فنزويلا 160- العراق 171 ونيجيريا 144.

ونحن في السودان كان وما يزال أثر هذا التخدير عميقاً إذ انعكس ذلك سلباً على الاستفادة من ثرواتنا الزراعية والحيوانية بدرجة عالية، وتدنت مساهمة القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني الى 30% من الناتج القومي في السنوات من 2000 الى 2011، ومنذ العام 2011 حتى اليوم مقارنة بـ70% قبل عام 2000 تفاقمت الأزمة الإقتصادية بعد خروج 75% من عائدات البترول بسبب انفصال الجنوب، وتدني سعر صف الجنيه مقابل الدولار من حوالي اثنين جنيه الى ثماني جنيهات اليوم، أي تدنى بنسبة 400% في عامين.

الجداول المهمة التي نرصدها في هذا المقال هي مرجع مهم لكل المهتمين بالشأن الاقتصادي السوداني، وهي موثوقة ومصدرها المنظمة العربية للتنمية الزراعية- الكتاب السنوي للاحصاءات الزراعية العربية المجهر (32) ،2012 وهي جداول مذهلة توضح الحجم الكبير للواردات العربية من السلع الغذائية النباتية والحيوانية والسمكية في ثلاثة أعوام من 2010 الى 2012، والتي بلغت في العام 2012 أكثر من ستين مليار دولار، علما بأن عائداتنا من صادرات البترول لم تتعد الستة مليارات دولار في السنوات قبل انفصال الجنوب تدنت وفي أحسن الحالات الى أقل من ثلاثة مليارات دولار، وتنخفض أكثر بعد انتهاء فترة تعويض دولة الجنوب للسودان عن فاقد العائد والتي تنتهي بعد حوالي عامين.

وفي العامين 2010 و2011 كانت واردات الدول العربية من السلع النباتية والحيوانية والأسماك حوالي 54 و57 مليار دولار على التوالي كما في الجدول (3).

تحليل الجداول:

أولا: واردات الدول العربية من السلع الغذائية في تزايد من عام الى عام حيث كانت في العام 2010 حوالي 54 مليار دولار ارتفعت الى 60 مليار دولار في العام 2012 أي بزيادة ثلاثة مليارات كل عام وعليه يتوقع ان تكون واردات الدول العربية للسلع الغذائية في العام 2013 حوالي 63 مليار دولار.

ثانياً: من الجدول (4) يتضح أن هناك فجوة في الاكتفاء الذاتي في سبع سلع تستورد من خارج الدول، العربية وهي الحبوب والفجوة تبلغ 37 مليون طن بقيمة 12 مليار دولار- البقوليات مليون طن بقيمة 650 مليون دولار- السكر الفجوة سبعة مليون طن بقيمة 4,2 مليار دولار- الزيوت النباتية الفجوة حوالي 3 مليون طن بقيمة 3,6 مليار دولار- اللحوم الحمراء الفجوة مليون طن بقيمة ستمائة مليون دولار- لحوم بيضاء الفجوة 0,7 مليون طن بقيمة 1,4 مليار دولار- الألبان ومنتجاتها الفجوة 4,5 مليون طن بقيمة 2,1 مليار دولار، أي جملة قيمة الفجوة في هذه السبع سلع تبلغ حوالي 25 مليار دولار سنوياً تستورد من خارج الدول العربية.

ثالثاً: هذه الخمس وعشرون مليار دولار يجب أن تكون المستهدفة في برامج السودان الزراعية، بشقيها النباتي والحيواني في العشر سنوات القادمة بواقع اثنين ونصف مليار دولار كل عام، في شكل صادرات سلع زراعية من السودان الى الدول العربية، لتحقيق ذلك يجب مراعاة الآتي:

أولاً: السودان يملك الأراضي الكافية إذ أن به حوالي 170 مليون فدان صالحة للزراعة المزروع الآن ثلاثة واربعين مليون فدان منها ثلاثة ملايين فدان فقط بالري من النيل والباقي مطري.

ثانياً: السودان يملك مياها من النيل تبلغ 18,5 مليار متر مكعب المستفاد منه الآن حوالي تسعة مليارات فقط.

ثالثاً: إعادة المشاريع الزراعية المروية وزيادتها للإستفادة الكاملة من حصة السودان وسد الفجوة المذكورة أعلاه، لتصل الصادرات بنهاية العشر سنوات الى خمس وعشرين مليار دولار.

رابعاً: الأراضي المطلوبة لسد الفجوة في السلع السبع متوفرة وهي حوالي سبعين مليون فدان منها ثلاثون مليون فدان في المشاريع المروية وأربعون في المطرية، لسد الفجوة أو جزءا منها في السكر والحبوب الزيتية والمتنوعة والمياه المطلوبة في القطاع المروي للثلاثين مليون فدان متوفرة داخل حصة السودان، وهي حوالي ثمانية ونصف مليار متر مكعب.

خامساً وأخيراً: الفجوة في واردات الدول العربية السنوية مقدرة تستحق الإستهداف الجاد، وهي خمس وعشرون مليار دولار سنوياً، تزيد ولا تنقص وفي سلع معروفة ومجربة لنا وهي السكر- الحبوب الزيتية والحبوب الأخرى والأراضي متوفرة والمياه بشقيها من النيل والأنهر الأخرى، ومن الأمطار تبقى فقط العزيمة والجدية والاخلاص، والأمانة تحت مظلة الأمن والأمان والاستقرار والعدل والحرية.

والله الموفق.

مهندس : عمر البكري ابو حراز
صحيفة آخر لحظة
م.ت[/JUSTIFY]