المأزق الحقيقي للقوى السياسية حيال وثيقة الوطني!
وقبل أن نبين ذلك تفصيلاً، يجدر بنا -كمراقبين- أن نشير الى حقيقة ضخمة مرّ الكثيرون أمامها مرور الكرام وهي أن هذه الوثيقة صيغت ووضعت بدقة وعناية بالغة ويكفي للتدليل على ذلك أن نشير الى أمرين هامين:
الأمر الأول أن إعدادها والنقاش حولها داخل اللجان فى المؤتمر الوطني استغرق فى حده الأدنى 6 أشهر، وبحساب الزمن فإن أمر يستغرق هذه المدة الطويلة نسبياً -وفق واقعنا السياسي السوداني- ليس أمراً هيناً على الإطلاق مهما بدت للبعض عادية أو بلا جديد.
الأمر الثاني انه يكفي للتدليل على أهميتها أن خصوماً كباراً من الصعب الاستهانة بوزنهم الفكري والسياسي كانوا حضوراً للإستماع والإصغاء مباشرة الى الوثيقة بلسان الرئيس البشير مثل الدكتور غازي والدكتور الترابي والسيد الصادق المهدي وغيرهم ممن يصعب أن يلبوا نداء لأمر لا يعرفون كنهه ومآلاته ولا يقيمون له وزناً.
بل إذا جاز لنا التعبير فإن هؤلاء -بداعي الخبرة والدربة- كانت قرون استشعارهم قد لامست فحوى الوثيقة مسبقاً وإلا ما استحقوا أن يكونوا ساسة كل هذه السنوات الطويلة الممتدة.
أما كيف وضعت هذه الوثيقة القوى الحزبية أمام تحدي غير مسبوق، فمن جانب أول بدت كبرنامج وطني متكامل، من المستحيل أن تختلف علي فحواه وتفاصيله القوى السياسية كلها والمسلحة مهما بلغ بها التطرف والإشتطاط فالركائز الأربعة المتمثلة فى السلام والاقتصاد والهوية وحرية العمل السياسي والتي تأسست عليها الوثيقة لا يمكن حتى لمكابر أن ينازع بشأنها. وبالطبع لا يمكن لعاقل أن يشيح بوجهه -إن كان وطنياً حقيقياً- عن برنامج وطني كهذا مهما كانت الظروف، وإلاّ سقط فى النظر الجمعي السوداني بأسره.
ومن جانب ثاني فإن هذه الأطروحة بمثابة حد أدنى من ما يمكن التوافق حوله للإنطلاق منه الى السباق الانتخابي، ومن المهم هنا التأكيد على أن هذه فى الواقع سانحة نادرة جداً لكي تسعى القوى السياسية والمسلحة لوضع تدابير متراضى عليها سلمياً لكيفية إجراء الانتخابات العامة وكيفية صياغة الدستور من خلال ما يسفر عنه الحوار استناداً الى هذه الأطروحة التى أكد الوطني انه سيجلس بها الى مائدة التباحث بلا إلزام إلا من كونها أفكاراً.
ولهذا فإن أي تهرب أو تحجج بأي حجج فى هذا الصدد معناه أن القوى المعنية غير مسئولة سياسياً ولا يعدو نشاطها أن يكون مجرد تعطش غريزي للسلطة.
من جانب ثالث فإن الوثيقة لم تدخل فى تعقيدات فكرية من شأنها المباعدة ما بين الفرقاء السياسيين أو غلبة قوة على أخرى وهذا واضح بجلاء لكل صاحب نظر. وعلى ذلك فإن الفكرة الآن دون أدنى شك فى ملعب القوى السياسية والمسلحة على السواء فقد فتح الوطني كوة واسعة أعلى النفق وهي كافية لرؤية النور ودخول أشعة الشمس لمن لا يعاني رمداً سياسياً.
سودان سفاري
ع.ش
ما عدا القلة، ليس هناك من سياسي يختلف مع الانقاذ على الثوابت الوطنية او طرح خطاب الرئيس أو الدستور الحالى أو حتى مع مضمون البيان الاول لانقلاب الانقاذ، ولكن الكل يختلف تماما مع ممارسات الانقاذ التي تشير يمينا وهي تتجه الى اليسار. والامثلة على قفا من يشيل، فجولات الحوار فاقت المئات مع مختلف الفرقاء فأين المخرجات؟ لا شئ سوى استوزار حفنة من سواقط الاحزاب، لا تهش ولا تنش في دولة التمكين. حدثنا الرئيس في 6 فبراير 2012م بانتهاء التمكين، فما الذي حدث؟ بعد عامين وفي تكريم غندور الادروج 30/12/2013 كرر ذات الفرية باجتثاث التمكين بما يؤكد انه لم يفعل شيئا خلال العامين وكأنا نسينا. وعدنا باجتثاث الفساد وجاء بابوقناية ورفد ابوقناية وما تم توثيقه بالمحاكم من فساد الاقطان والاوقاف وغيره كان بدعم من قمة السلطة ممثلة بنافع رفيق اللص الانقاذي دكتور عابدين!!! اين الحريات التي يتشدق بها والسودانيون محرومون حتى من الاستماع لاذاعة البي بي سي. وعدونا بالتحقيق في شهداء سبتمبر وحتى اليوم لم يقدم قاتل الشهيدة عوضية عجبنا للمقصلة، بينما قاتل الشهيدة سارة عبدالباقي معلوم للعامة والخاصة والدولة تمانع في تسليم شريكه الذي قام بتسليحه وهو بالزي المدني. القوى السياسية ليست في ورطة ولكن الانقاذ هي المتورطة. فالحوار هذه المرة يجب ان يكون تحت الاضواء الكاشفة ليعلم الناس بما يجري بحرية مطلقة لا يحدها الا القانون، فهل انتم فاعلون؟ لا اعتقد ولكنه عسى ان يكون المشهد الاخير من حوارات الانقاذ الفهلوانية لينصرف الناس الى معاشهم وينسوا حلم دولة المواطنة .. فالامر من بعد الله للتمكين ولو ذهب السودان.